1 ـ من وحي قصيدتها " نِمتُ "
أرجوحةُ النومِ
يهتزُّ المهدُ فتهتزُّ الأوتارُ
يا سارقَ نومي
يا سارقَ بوقِ الإنذارِ
ليلي في نومي
نومي في ليلي
ومحطّاتُ التكوينِ تُشاغلُ مِشكاةَ الأنوارِ
يا سارقَ نومي مهلا
لا تغرقْ في صمتي
النومُ ثقيلُ
والنومُ طويلُ
والمهدُ يقاومُ نوباتِ العلّة في إعصاري
نامت أوتاري
جفّتْ خَطَراتُ العينِ بجدولِ مجرى الأمطارِ
فسقطتُ وإيّاها رملاً بحريّا
منكوساً في سطلٍ من ماءِ
سكتَ الليلُ كما شاءتْ مخطوطةُ نوباتِ الأقدارِ
والليلُ شهودُ عَيانِ
إبّانَ الصحوِ وجرِّ حبالِ زمانَ الحرمانِ
نامي سيّدتي
نامي في قلبِ الحوتِ وقاعِ البحرِ ومكسورِ سقيمِ القُضبانِ
نامي في جمرِ مواقدِ أجفاني
كيما أصحو
وأبدِّلَ ضرباتِ القلبِ على معطوبِ الأوتارِ .
قصيدة " نِمتُ " للشاعرة نيفين الجمل [ شعر منثور ] :
يا خاطفَ نومي
أعده إليَّ
ماذا تُراكَ بهِ فاعلا ؟
لازمني نومي
حتى قمتُ متصورةً أنك تسألُ عني
جاءني غيرُ صوتكَ ردُّ
فاتني نومي
ولازمتني أنتَ
دقيقةً واحدةً
تصبّحني فيها على خيرٍ فأنامُ
دقيقةً تبخلُ بها عليَّ
سئمتُ بخلك
سأصبرُ
ولكنْ
هل سأنامُ ؟
(( إنتهت القصيدة )) .
ماذا نجد في هذه القصيدة الناجحة القصيرة المقتصدة الكلمات والخالية من فذلكات الغموض والتعقيدات المعروفة أو المتوقعة في أمثال هذا الضرب من التشكيلات الشعرية ؟ إنها كباقي قصائد الديوان الصغير من حيث المقاسات وعدد الصفحات وعدد ما في هذه الصفحات من سطور وكلمات ... وكيف نجد الشاعرة فيها ؟ إنها متواضعة الحضور الفيزيائي لكنها ثريّة الحضور الميتافيزياوي . وجه مرئيٌّ مقروء جمّ التواضع والوضوح ووجه آخر غير مرئي ولامقروء وعصيٌّ على اللمس والرؤية . كيف جمعت السيدة نيفين الجمل هذين الوجهين وكيف وحّدت العالمين ؟ حضورها العياني يوحي لجليسها بالبساطة وسهولة التركيب النفساني وبالكثير من عفوية وتلقائية الأطفال ولكنْ ماذا عن غيابها اللاعياني غير المقروء وغير المرئي ؟ تلك هي المعضلة ! هل عفويتها البريئة هي أساس ومرتكز عتمة النقيض وصعوبة فهمه واستحالة كشفه وإخضاعه للتحليل والنقد ؟ ماذا نفهم من هذه القصيدة وهل ما يبدو منها ينمُّ عن الذي لا يبدو ؟ هل تعاني الشاعرة من صعوبة النوم وعسرة أو نُدرة ما يأتيها من ساعاته ؟ هناك إشارات في القصيدة واضحة صريحة تُشيرُ إلى ذلك من قبيل { يا خاطفَ نومي } و { فاتني نومي } و { سأصبرُ ولكنْ هل سأنامُ ؟ } . هل سأنامُ سؤال كبير وكبير جداً فالنوم عصيٌّ على عينيها وعلى دنيا يقظتها وقلة النوم لها مضاعفات ونتائج سيّئة يعرفها الأطبّاءُ ومَنْ يعاني من ذلك . ربطت الشاعرة بين قلّة وصعوبة النوم بوضع مَنْ أحبّتْ . حين تنامُ تحلم وتتصور أنَّ سارقَ نومها يسألُ عنها لكنها تُفاجأُ أنَّ صوتَ رجلٍ آخرَ يرد عليها . زائرها شخص آخر أو أنَّ الحبيب تغيّر فما عاد ذاك الحبيب الذي عرفتْ والذي كانت تنتظر زورته في عالم الأحلام .{ جاءني غيرُ صوتكَ } . تعبير دقيق صارم يحمل في تضاعيفه كل حسرة وخيبة أملٍ وكل ألم وانكسار . كيف يتغيّر مثالها وتبقى هي العنصر الثابت ؟ هذا سؤالٌ يمضُّ المقيمين على الوفاء الثابتي الجنان المتفانين في حب مَنْ أحبّوا بل ويصرّون على الثبات حدَّ الإسراف كلما أمعن الطرفُ الآخرُ في البعد والجفاء . هل التغيّر في الحياة وقوانين الطبيعة أقوى أم الثبات ؟ هل الأصل هذا أو ذاك ؟ رجالُ السياسة قلّبٌ على المبادئ متغيّرون والثابتون منهم قلّما يربحون ونادراً ما يفلحون . فيا عشّاق تغيّروا وتمردّوا على الثبات وتعلّموا من رجالات السياسة . لا ثباتَ على الأرض ولا ثباتَ في الهوى !
2 ـ نيفين العاشقة أبداً
لا أغالي إذا ما قلتُ إنَّ ديوان " أحرركَ مني " هو أساساً كتاب مكرّسٌ للحب وينضحُ حبّاً ، لا تخلو صفحة من صفحات الديوان من هذه اللفظةُ بل وتكررتُ في بعض الصفحات مرّاتٍ عدّة . أنظر مثلاً قصيدة حب وحب / وقصيدة لا لستِ حبيبتي وقصيدة ضحية حب بل وجاء ذكر الحب في هذه القصيدة أربع مراتٍ في صفحة واحدة هي الصفحة 72 . هل تعاني الشاعرةُ من أزمة حب أو أنها نُكبت بتجربة حب فاشلة ؟ ما تفسيرُ هذا الإفراط في التأكيد على الحب وشؤون الحب علماً أنها تقف شامخةً بوجه ما أصابها وأمام مَن صدمها و صدّها ولم يكترث . تعرض مشكلتها لكنها تعرضها من موقف صلب لا يلين . تكشف قلبها ونفسها للملأ بكل شجاعة قائلةً هأنذا إمرأة تعاني من تجربة حب لا حظَّ من نجاح لي فيها وهأنذا أعاني وأداري واعترف بموقفيْ الضعف والقوة كليهما وما يدور بينهما من صراع علني أمام الناس وآخر خفيّ أعانيه وحدي في حالتي اليقظة والمنام . أنا بشرٌ كباقي البشر لي ما لهم وعليَّ ما عليهم ولا أجد عيباً أو غضاضةً في أنْ أكشف حالتي وما أقاسي من مرارات فكل الناس مثلي كثيراً أو قليلاً . عرضت السيدة نيفين الجَمَل في قصيدة " قلب " أربع حالات من حالات الحب أمرُّ عليها جميعاً لنتابعَ أحوال هذه المرأة الرشيقة الأنيقة الباسمة العينين والشاعرة القوية الشخصية . كانت رسّامة بارعة في تخطيط ووصف حالات حبها الأربع عرضتها في الأطر الجميلة التي إختارتها بعناية وذوق عالي المستوى :
صورة الحب الأول :
[[ أولُّ حبٍّ سكنَ حضانةً لسنواتٍ
أُنقذَ بصعوبة وآلام ولادة متعسّرة
محمولاً غير قادرٍ على الوقوف
حين وقف تعددتْ مرّاتُ سقوطه
وحين تخلّى عنه السقوط
وقف بمساعدة
ثم وحدهُ
ثم ذاقَ أولَّ وعكة هجرٍ
بدأ رحلة المداواة ]]
صورة الحب الثاني :
[[ طرق باباً جديداً
أُوصدَ في وجهه
وظلَّ واقفاً يشهدُ إحتلالها له ]]
صورة الحب الثالث :
[[ شهدَ حبّاً
فترَ مع الوقت
حبّاً كانَ أمْ ... ]]
صورة الحب الرابع :
[[ وقع في حب
كحفرة بعمق غير مرئي
ألَمٌ غيرُ مُحتَمل
وصعودٌ بالغ الصعوبة
إنتشلته يدٌ
أزالت عنه الغبار
أبدلت ملابسه
وأبدلته
ورحلت ]] .
تلكم أربع حالات حب في صور أربع كيف احتملتيها يا نيفين الجَمَل ؟
هذا هو نصيب وحظ الشاعرة في حياتها . كان الحب الأول مريضاً وأوصدت الأبواب في وجه الحب الثاني وفتر الحب الثالث بمرور الزمن أما الحب الرابع فلقد سقط في جب عميق إنتشلته بعض (( السيّارة / كما في قصة يوسف )) أبدلت ملابسه وأبدلته ثم رحلت . قد نفهم معنى " أبدلت ملابسه " لكنَّ الشاعرة تضعنا في موقف حرج في قولها [ وأبدلته ] أي قلبها ... كيف أبدلته اليد التي إنتشلته وأزالت الغبارعنه ؟ إلامَ آلَ حالهُ بعد تبدّله ؟ كيف كان وإلامَ صار ؟ يتبدل القلب بالحب حسب قانون أبي نؤاس ( وداوني بالتي كانت هي الداءُ ) لكنَّ المنقذ هنا لم يمكث مع المريضة بل رحل وتركها بعد أنْ عافاها وشافاها كأي طبيب محايد يُداوي مرضاه ويقول لهم مع السلامة عيادتي ملأى بالمرضى . متى تجدين الحبيب المأمول يا سيدة نيفين الجمل ؟
3 ـ نيفين السيدة العصرية الراقصة
نيفين شاعرة مصرية عصرية غير محجّبة تقود سيارتها الخاصة وسط زحام شوارع القاهرة وحواريها الضيّقة . تفهم اللغة الإنكليزية وتترجمها إلى العربية وبالعكس . لذا لا يحسُّ قارئها بالدهشة حين يجدها تتكلم عن الرقص وتمارسه ربما في بعض الحفلات أو في خلوة مع من تُحب . أفردت للرقص قصيدتين أعجبتاني كثيراً أتعرض للأولى التي تحمل عنوان " رقصة " / الصفحة 42 من الديوان . تعتبرُ الشاعرة نيفين الرقص علاجاً للجسد والروح معاً " ثيرابي " . إنها تعير حركات الجسد أهمية إستثنائية في تثقيف الإنسان سويةً مع الموسيقى ففيهما يتسامى الإنسان وربما يبلغ الكمال الأعلى :
[[ دعْ الموسيقى تغسلكْ
دعها تُنسيك إسمكْ
دعها تنثر وزنك
لتستعيدَ خفّةً تناسبها
دعها تتوغل في روحك
تحررها
تطلقها
دعها تحرك قدميك .. وذراعيك وجسدك ]] .
إنها دعوة عالية المستوى ليحرر الناسُ في الشرق خاصة أرواحهم ويتحرروا مما هم فيه من ظلام قاتم وعادات موروثة وتقاليد عفا الزمنُ عليها وبالت عليها الثعالبُ والعناكب . إذا تحررت روح الإنسان تحرر بدنه وصفا فكره وتمَّ عقله . " دعها تتوغل في روحك ... تحررها ... تطلقها ... دعها تحرر قدميكَ وذراعيك وجسدك " . الحرية وحدة متكاملة فهي حرية الروح وحرية الجسد . الموسيقى حسب فلسفة الشاعرة تحرر جسد المرء كما تحرر روحه بما فيها وبكل ما فيها من موروث وتقاليد وعادات ونواميس جاءتنا منذ قرون سخيقة وحقب متتالية متعاقبة . هذه فلسفة الشاعرة وهذه قناعتها عبّرت عنهما بلغة بسيطة واضحة لا لَبْسَ فيها ولا إعضال . إنها فتاة جريئة متحررة بل ومتحدية لجبروت وعسف مجتمعها ولعلنا نجد هنا بالضبط سبب محنتها في الحب وعسرة العثور على الرجل المناسب لها . لقد سبق نيفينَ الراحلُ جبرانُ خليل جبران إذْ أعطى موسيقى الناي أهمية إسثنائية ووصف تأثير صوته الموسيقي على نفس الإنسان كما يلي :
إعطني النايَ وغنّي
فالغنا عزمُ النفوسْ
وأنينُ الناي يبقى
بعدَ أنْ تفنى الشموسْ
الغناء عزم النفوس لكنَّ شجى صوت نغمات الناي هو شجى خالد خلود الدهر والزمان ولو أنَّ جبران وضع حداً تعسفياً غير صحيح لنهاية الكون بتعبيره [ بعد أنْ تفنى الشموسْ ] فالشموس لا تفنى باقية ما دام الفضاء والزمان والمادة باقية .
ما قالت نيفين في قضية الرقص في قصيدتها الثانية ذات العلاقة التي أعطتها عنوان
" رقصتي " ؟ نجد الشاعرة في هذه القصيدة إمرأة أخرى مترددة يتنازعها عاملا خوف المرأة الشرقي المزمن ثم جهلها بأصول وحركات الرقص وانسجامها مع نغمات الموسيقى. برعت في هذه القصيدة في تصوير حالها وهي موزعة ما بين هذين العاملين لكنها سرعان ما تنخرط في عالمي الرقص والموسيقى في اللحظة التي تقحّمت فيها حلبة الرقص وضيّعتْ نفسها بين جموع الراقصين والراقصات . عانيتُ أنا نفسي من حالة مماثلة في زيارتي الأولى للعاصمة النمساوية فيينا صيف عام 1962 . أكتب المقطع الأخير من هذه القصيدة وأجمّع الأسطر ببعضها :
[[ تحاورني النغمات ... إمتزجت الحدود ... يفاجئني جسدي بحركات مُدهشة ... لحظات تودُ لو تبيتها معكَ ... تخفت النغماتُ حولي ... ولا تخفت داخلي ... إلاّ بقبلة على جبيني ]]. كان الأولى كختام للرقصة أنْ تقول الشاعرة " إلاّ بقبلة على فمي " بدل قبلة الجبين .
أولى كبار ومشاهير الشعراء الموسيقى والرقص أهمية إستثنائية ، فهذا الألماني غوتة يقول على لسان فاوست " سأرقص الليلة حتى الصباح " . وهل ينسى العالم زوربا ورقصته في الفيلم الذي يحمل هذا الإسم ؟ وهل نتغاضى عن رقص الصوفية المولوية ومغزاه الديني والجسدي التطهيري ؟ كان أحد أئمة المتصوفة يتعرّى كاملاً ويرقص حتى يفقد وعيه ويغمى عليه . إنه جسد الإنسان يعبّرُ عن نفسه ويكشف بعض خفاياه وشيئاً من أسراره لعل صاحبه يدرك كنه هذه الأسرار . للجسد أسرار وخفايا وأسرار إذا إنكشفت بانت بعض أسرار روح الإنسان فالعلاقة وثقى بين الجسد والروح حسب فلسفة أهل التصوف . مَنْ يقود مَنْ ، الجسد يقود ويوجّه الروح أم العكس هو الصحيح ؟ إنهما يختلفان أحياناً كما ذكر الشاعر أبو الطيّب المتنبي فلماذا وعلام يختلفان ولمن تكون الغلبة بعد مثل هذا الإختلاف والخلاف . قال المتنبي :
وإذا كانت النفوسُ كباراً
تعبتْ في مرادها الأجسامُ
صحيحٌ أنَّ المتنبي تكلم عن النفوس لا الأرواح ، وتكلم عن الأجسام لا الأجساد لكني أحسب أنه ما كان ليفرّق بين النفس والروح ولا بين الجسم والجسد . البشرُ يرقصون ويعزفون في شتى المناسبات ومنذ أقدم العصور .
4 ـ نيفين وتراجيديا الزمن ـ قصيدة إنتظار
تنوّعت إهتمامات الشاعرة نيفين الجمل واستعرضت بإختصار شديد هذه الإهتمامات الوجودية من خلال صفحات ديوانها الشعري ولم تفتها محنة الزمن وثقل وطأته أحياناً على الإنسان والإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يحسُّ بالزمن ويقنن حياته به منذ لحظة مولده حتى ساعة وفاته . نحن البشرُ مخلوقات الزمن فيه وبه نولد ونموت لكأنه هو خالقنا وهو الذي يُميتنا أي أنه يُحيي ويُميت . أفلم يقل المتنبي في شأن الزمان :
صحبَ الناسُ قبلنا ذا الزمانا
وعناهمْ من أمرهِ ما عنانا ؟
فحالُ الشاعرة السيدة نيفين هو حال بقية الناس وخاصةً المثقفين ومرهفي الحس الذين طالما يعانون من مشكلة الزمن وتمحنّهم به .
كرّست نيفين قصيدة " إنتظار " لمسألة الزمن ، فما قالت فيها وكيف فلسفت زمانها وما هي وجهة نظرها بالنسبة لزمان الإنتظار ؟ خالفت نيفين في هذه القصيدة ما ألِف باقي الناس بل وخالفت حتى فلاسفة الزمن . إنها لها فلسفتها الخاصة بمقولة الزمان مرتبطة بالحب أساساً كأنَّ للحب زماناً خاصاً ومفهوماً خاصاً به . أنقل قصيدة " إنتظار " كما هي ثم نرى ما قالت الشاعرة بصدد الزمن :
[[ وقتٌ لا يأتي أبداً
تحوّلَ لحُلُم يرتدي جلباب الإنتظار
والإنتظارُ وقتٌ لا يمضي أبداً
أنتظرُ ... وكلُّ دقيقةٍ من أيامي تعصرني عصراً
دقيقةٌ تؤكّد مكافأتي
وأخرى تقولُ " إنتظاركِ هباء "
أنتظرُ وكلُّ دقيقةٍ تدفعُ ما بعدها أميالاً
أنتظرُ وأشكُّ
إنْ كنتُ سأُصبحُ
أمْ سأموتُ إنتظاراً
أنتظرُ قدوماً شاهدتُ علاماتهِ
علامات لا تنفي نفيه
أنتظرُ بيقين ما أسهلَ تكذيبه
أنتظرُ
ولا أطيق إنتظاراً
أحببتُ
وأنتظرُ الحكمَ
إعتدتُ الأحكاما
واعتدتُ إعداما
تُعادُ بعده كَرّةَ ميلادي ]] .
الوقت حسب فلسفة نيفين يتحول إلى حُلُم . والوقت وقتان أحدهما لا يأتي والآخر لا يمضي ، أي إختفاء المستقبل كزمن ووقوف الزمن جامداً دون حركة وهو موت . لا من وقوف في الزمن الحاضر إلاّ بالموت . الزمن متحرك أبداً فيه ما مضى وفيه الحاضر المتحرك وهناك الزمن الثالث الذي سيأتي لا مَحالة . زمنٌ لا يأتي ـ وزمن لا يمضي ... فما الذي يتبقى من هذا الزمن وما الذي يتبقى منه للإنسان المتحرك بفعل الزمن ؟ إنها السوداوية بعينها وإنه اليأس من حب تنتظره الشاعرة ومن حبيب مُنتظر لكنه لا يأتي . دائرة حياة الشاعرة مُقفلة وهي التي أقفلتها لكنَّ الحياة ليست دائرة إنما زمانها يحركها على خط مستقيم ماضٍ أبداً نحو الأمام . إنها سوداوية متشائمة شكّاكة لشديد الأسف . " أنتظرُ وأشكُّ إنْ كنتُ سأُصبحُ أمْ سأموتُ إنتظاراً " . الإنتظار قاتل للشاعرة . فهل يقتل الإنسانُ نفسه لأنه فشل في تجربة حب أو طال قليلاً زمن مجيء الحبيب ؟ كيف نفسّرُ هذا اليأس الذي يهدد الشاعرة بالموت ؟
أحررك مني / ديوان شعر للشاعرة نيفين الجمل . الطبعة الأولى 2010 . الناشر دار التلاقي للنشر ، القاهرة ، جمهورية مصر العربية .
1 comments:
انسان يشعر منفتحا ويشقى دون ان يجد مايحتمي به
إرسال تعليق