زمان , عندما كنت صغيرة , كنت أعتقد أنى أحب القمر , و أنه أيضا يحبنى , و كنت أرى صورة وجهى مطبوعة على صفحة ضيائه
و كانت أسعد حالاتى التى كان يأخذ فيها القمر فى النمو و الظهور , بداية من ميلاد الهلال حتى إكتمال البدر حيث يكتمل نموى معه , و تبدو صورة وجهى على صفحته كاملة جلية و طبعا إحساسى بأنه يصاحبنى فى كل مكان , و يقضى معى سهراتى و يتعرف على أصدقائى.
و عندما كان يتوارى منى خلف السحاب ,أقرأ فى عينيه أنه يريد أن نختلى ببعضنا بعض الوقت و عندما كان يختبىء خلف غيمة ثقيلة , كنت أفسر بأنه غضبان على فأحاول جاهدة إسترضائه و إستمالته الى مرة أخرى.
و كنت أحس أنه كلما أخذ فى الأفول فهو يتمسك بى أكثر و يضمنى اليه أكثر فأكثر وكانت أشد لحظات حياتى ضيقا إذا أفل أفولا تاما
فكنت أحس بأنه أخذنى معه و أنى لست هنا وكم كانت تمر على لحظات ضيق و كرب لأفوله و تركى وحيدة.
و لشد ما عانت أمى معى من جراء تلك المشاعر و حاولت مرارا و تكرارا معالجة هذه الأزمة و عبثا حاولت إثنائى عن التفكير بأن القمر يحبنى و بينى و بينه علاقة غرامية و حاولت إثبات أنه للجميع و أنه يصاحب كافة الناس و أنه مجبول على هذا و لكن دون جدوى
و مضت سنون ... و أنا أهوى القمر و أعشق إحساسى بأنه لى برغم نمو المفاهيم و ترسيخ الفكرة العلمية و الوصول الى حقيقة القمر
إلا أنى الى الآن مازال بداخلى شىء يربطنى به و مازال يشدنى النظر اليه و التحدث معه و لكم أتعذب من لحظات إنكماشه.
و أعتقد أنه المجهول المعلوم بالنسبة لى فهو الفارس الآتى يوما و هو الحبيب المولود لى و الذى خلقت من أجله و هو عشقى و معشوقى
و حبيبى الذى سوف أجد نفسى فى عينيه و سوف تتسع لى إبتسامته حين يرانى و يحتوينى صدره و تلفنى ذراعاه فهو قمرى الذى حلمت به منذ ولادتى , ربما قبل ذلك ربما حلمت به وقت أن كنت نطفة فى عالم الغيب أو ربما وقت أن كنت جنين فى رحم أمى حين همست لى الطبيعة بحقيقة دورى فى الحياة و بأننى خلقت أساسا لأهوى
أهوى هذا القمر
1 comments:
نص جميل ورائع
لقد استمتعت بقرائتها
تحياتي
جمال جاف
إرسال تعليق