حوار مع الدكتور حبيب بولس

استطلاع جريدة المساء

رأي الأدباء حول واقع الثقافة العربية في المجتمع العربي داخل اسرائيل

تشهد ثقافتنا العربية داخل اسرائيل أزمة تتفاقم في جميع مجالات الابداع. وربما يكون أبرز ما يميز الأزمة الثقافية، إضمحلال النقد وحالة نسبية من التسبب الأدبي، ومن ظاهرة الحلقات الأدبية المغلقة، التي لم تفرزالا المزيد من الضحالة النقدية. وغياب جسم تنظيمي نشيط للأدباء .
جريدة "المساء"( www.almsaa.net ) تفتح صفحاتها أمام جميع المثقفين، أدباء وقراء للتعبير عن رأيهم بحرية، شرط الحفاظ على مستوى نقاش ثقافي بدون تجاوز الى الطعن الشخصي.
الدكتور حبيب بولس، محاضر أكاديمي وناقد له مساهماته الجادة، كان لنا معه اللقاء الأول .

المساء : كيف تقوم واقع الحياة الثقافية داخل المجتمع العربي في اسرائيل اليوم؟
د. حبيب بولس: سؤال قاسٍ قسوة المرحلة، والإجابة عنه تَتطلّب جرأة وتأنياً في آن معاً.
لا يخفى على أحد أن واقع الثقافة عندنا واقع مأزوم، فكل شيء معطّل تقريباً، والمشهد الثقافي أشبه بالمستنقع الآسنة مياهه. من هنا يأتي السؤال في محلة. لماذا؟ وبقدر ما للسؤال من أهمية بقدر ما للإجابة عنه من أهمية أيضاً.
الإجابة لا تتطلبّ توصيف الحالة فقط، إنما هي بإعتقادي إذا أردنا لها أن تكون موضوعية، يجب أن نفتش عن الأسباب، ِأعني أسباب الأزمة، وبقدر ما نجتهد في ذلك، علينا أن نجتهد في إقتراح الحلول أيضاً. من هنا أقول: في حمأة هذا الزمن الرديء وفي ظل انقلاب المفاهيم والقيم. في هذا الزمن العربي السيء، ونحن نجتاز مفازة لأهمبة مليئة بالحصى وبالبثور، في ظل هذا الزمن المثقل بالهم وبالوجع وبالفقر، زمن الانكسارات والتشرذم والفرقة وانتشار الغيبيات، وفي ظل ما يجري على الساحتين الفكرية والثقافية من فوضى وتسيب، في ظل فقدان البوصلة وانهيار السقف الذي كان يظلّنا في كفاحنا من أجل العيش بكرامة، والسعي الحثيث لبناء مستقبل أفضل يبشر بالعدل وبالمساواة وبالحرية. مستقبل زاهر ترتفع معه ثقافتنا وينهض معه أدبناً. مستقبل ننفض معه الغبار الذي تَطَيَّن على ساحاتنا الادبية والفكرية، لتسطع وتشع وتؤج مستقبل نرج معه أعمدة القهر والعهر، ونهز قدراتنا المشيأة لتضج بالحركة وتنطلق فوارة حارة خلاقة مبدعة في ظل كل ما ذكر وهو واقعنا الراهن، طبيعي أن تكون الثقافة في أزمة ولكن كيف يمكن أن نصل إلى ما نصبو اليه؟ ما من رأي عندي إلا، أولاً بالعودة الى تراثنا العربي الثري لنغربله ولنستمد منه النزعة البناءة الوضاءة كي نوظفها في بناء صرح ثقافتنا وحضارتنا المتقهقرتين ما من حلّ إلا بالعودة أيضاً الى الفكر الماركسي إلا بستمولوجي الثوري الفكر الذي يغلب العقل على النقل لننير به الطريق وليحمينا من الألغام الكثيرة والأشواك المتراكمة التي تعيق تطورنا. ولكنها ليست عودة آلية ميكانيكية ننسخ معها ما كان استنساخاً مرآوياً، بل عودة تري الى التراث العربي والفكر الثوري بعين ثاقبة- تعرف كيف تغربل القمح من الزؤان، وكيف تنتقي الصالح من الشوائب، لنغرسه في أرض ثقافتنا، كي تنمو وتنبت وتشمخ وتصير مدعاة للفخر والاعتزاز.
فبواسطة تراثنا وبواسطة الفكر الماركسي المعرفي الثوري، وبواسطة النبش فيهما للعثور على البؤر الوهاجة، وبواسطة المزاوجة بينهما، المزاوجة القائمة على ثوابت وتجارب راسخة، بواسطة توظيفهما في كتاباتنا ونهجنا وأدبنا وفكرنا ورؤيتنا للحاصل وتحليلنا للظواهر، ننتشل فكرنا وثقافتنا وأدبنا من المستنقع الآسن ونقضي على النزعات الفردانية والفئوية والطائفية، النزعات التي تهدد بإنهيار كل ما استطعنا إنجازه بشق النفس لغاية اليوم.
وكي تعطي هذه المزاوجة أكلها، علينا أن نصرخ في وجه مؤسساتنا الوطنية كي تعي خطورة المرحلة وكي تتجند من أجل إعلاء شأن الثقافة وتفضيلها على أمور ثانوية وعندنا منها الكثير، فهي إذا اقتنعت ووعت الخطورة وتجندت أوصلتنا الى الواحة التي نشتهي على سياسيينا أيضاًعلى شتى مشاربهم أن يولوا هذا الأمر الأهمية الكبرى وأن يلتفتوا الى انحسار المد الثقافي وأن يسعوا بكل ما يملكونه من آليات متاحة الى ضخ الدماء فيها. ولكن كل هذا لن يحصل إلا إذا تجندنا نحن الأدباء والكتاب لإقامة اتحاد ادباء ديموقراطي يعي المرحلة وخطورتها، علينا أن نطلق اللا مبالاة فالعبء الأكبر يقع على كواهلنا. فبإقامة اتحاد كتاب وأدباء متنور يكون هدفه انتشال ثقافتنا من هذا الركود والرقي بأدبنا والدق على جدران المسؤولين من اجتماعيين وهيئات ومؤسسات وسلطات محلية وسياسيين ومدارس وكليات ونوادٍ وإعلاميين، مع اتحاد كهذا يدعو ويصرخ أن كفوا عن اللهاث وراء الماديات والغيبيات والسطحيات وأعطوا الثقافة حقها إذ بدونها سنخسر كل شيء وسنضيع كل ما أنجزناه، لن نصل، لذلك إذا اتحدنا جميعنا، عندها فقط نخرج من الأزمة ونصل الى ما نصبو اليه فهلا اتعظنا وهلا فعلنا!!
وعلى ميعاد...
د. حبيب بولس – drhbolus@yahoo.com

CONVERSATION

0 comments: