رواية رسالة منتظرة/ أمل جمال النيلي

ـ صباح الخير .
فقالت روجينا :
ـ أين حقيبتك ؟ .. الأتوبيس سيتحرك بعد دقائق .
ـ أنا آسفة لن أسافر .
فقالت سمر :
ـ لما ؟. .. والدك لم يوافق .
ـ لا أمي مريضة فجأة .. لن أستطع الذهاب .
فقالت روجينا :
ـ حسناً لكم تمنيت وجدك معنا .. الرحلة لن تكن ممتعة من دونك .
ـ مرة أخر .
صعدت تركتهم وعيوني حزينة ، تحبس الدمعات ، لكن أمي أهم ، فجأة رأيت وسام أمامي حمل حقيبة ظهر :
ـ إلي أين ألم تأتي معنا ؟.
ـ لا كنت أتمني .. لكن أمي مريضة وسأجلس معها .
ـ فكرت .. وجدتها فرصة مناسبة للترفية .. لم أخذ أجازة منذ أمد بعيد .
ـ حسنا ً استمتع قدر الإمكان .. الأيام القادمة ستكون شاقة .. لدينا عمل كثير .. أتمني لك وقت مرح وسعيد .
ـ أتمني أن تشفي والدتك في أقرب وقت .. إلي اللقاء في أقرب وقت ..
صعدت وعيني مركزه عليه ، لم أستطع إبعاد نظري عنه وهو إلي أن اختفي عن نظري .
ـ لو لم تمرض لكنت برفقته الآن .. لأول مرة أشعر بانجذاب نحو شاب .. أظن الوقت حان لأفكر في حلمي المستحيل .. ربما وقعت تحت سحر عيناه ولم أشعر .. ولكن مهما كان السحر فهو رائع.
أظن أن الوقت غير ملائم .. فمن يعرف ربما لا يشعر بما أشعر به .
دخلت لغرفتي وأنا شاردة ، كم ستكون الرحلة ممتعة معه ، حاولت آلا أفكر في الأمر حتى لا يزداد الوضع سوء ، أخذت أبحث بين الأشرطة عن أغنية مميزة ، ربما تأخذني لأبعد عن حدود غرفتي .
وسط السكون استمعت إلي أنغام الموسيقي ، " علي بالي ولا أنت داري بإليِ جراري .. حبته بيني وبين نفسي .. و مقلتلوش إلا في نفسي " .
ـ معقول يكون هو ..ألم يسافر ؟! .
أسرعت نحو النافذة وفتحتها لأجده أمامي ينتظرني :
ـ ألم تسافر ؟ ! .
ـ لم أستطع لأنك لستي معي .
ـ ألم تخبرك الأغنية بما بداخلي .
ليست كل حياتنا أغاني .. الواقع شيء أخر.
ـ لكن الأغاني أحيانا ً تتحدث بالنيابة عنا .
ـ لما نهرب وراء ستار .. لما لا نقف ونتحدث بدون حاجز نختبئ وراءه .. من يهرب مرة .. يهرب لباقي عمره .. هروب بدون توقف .
ـ أحيانا ً يصعب علينا التحلي بالمخاطرة في الحب .
ـ الحب ليس فيه مخاطرة .. أما لو كنت تسير عكس التيار هذه هي المخاطرة دون أمل .
ـ لم أفكر في الرحلة إلا لأظل معك أطول وقت .
ـ لما ؟.
ـ فكري في الأمر وأخبريني ماذا استنتجت ؟.
ـ سأفكر .. ربما أصل لإجابة .
ـ كيف حال والدتك الآن ؟.
ـ الحمد لله .. الدكتور أعطاها مهدئ وهي نائمة الآن .
ــ ماذا ستفعل ِالآن ؟.
سأذهب وأجلس في الشرفة وأقرأ رواية .
ـ أي رواية ستقرأِ ؟.
ـ رواية حديث الصباح والمساء .
ـ أليست هذه الرواية تحولت لمسلسل ؟.
ـ أجل .
ـ ولما تقرأها إذا ً .. شاهديها علي التليفزيون أو من النت .
ـ لقد شاهدتها عدة مرات .. أريد قرأتها لأتعرف كيف قام المخرج بتحويل كلام علي الورق إلي هذه المشاهد .
ـ عندك حق .. حينما تنتهي منها أعطيها لي .
ـ وأنت ماذا ستفعل ؟ .
ـ سأذهب وأتصفح النت قليلاً .
ـ حسناً أراك غداً في العمل .
ـ حسنا لو احتاجت شيء أخبريني .. علي فكرة لقد أخذت رقمك من ملفك .. أرجو آلا تكوني تضايقتِ .
ـ لا كنت سأعطيه لك في أي وقت .ز ورقمك .
ـ سأرن عليكِ وأنتي احفظيه .
ـ حسنا .. أتريد شيء آخر .. سأذهب لأتفقد أمي .
ـ لا شكرا ً .
                             
ــ صباح الخير جميعا .. لم أتخيل أن تستيقظوا للتمرين بعدما هلكتوا في الرحلة!ً.
ـ فقالت روجينا :
ـ الرحلة كانت تنقصك .. أخبار والدتك الآن .
ـ الحمد لله أحسن .
فقالت سمر :
ـ وافق وسام ليذهب للرحلة وبعدما تحركنا أوقف الأتوبيس ونزل .. مؤكد مجنون .
فقالت ليلي :
ـ مجنون بحب جنة .. لم يستطع الابتعاد عنها .
ـ يحبني بهذه السرعة .. لم يمر علي وجدوه هنا الكثير .. ليس معقول .
فقالت منال :
ـ ألم تسمعي عن الحب من أول نظرة .. هذا هو فلا تكوني غبية وتغلقي عينك .. افتحيها علي مصراعيها .. لا تدعيه يرحل عنكي ستندمين عمرك بأكمله .
فقالت الكابتن رغدة :
ـ الحب يعطي القوة لكي تتحملي أي شيء .
ـ أليس الحب هو العذاب .
فقالت الكابتن :
ـ أليس من الأجمل أن نتعذب من أجل من نحب .. نظل بجانبهم حتى لو تألمنا .. لا نستطع الابتعاد عنهم .. وهذا يسعدنا .
ـ عندك حق .. إلي متى ستظل حياتي فارغة مثل البالون .. وفي أي لحطة تنفجر .
فقالت منال :
ـ وأنا اتخذت قرار .. سأفرغ هواء البالون .. سأتركها تطير في الهواء .. تستسلم للرياح تقذفها لبعيد .. ربما أجد السعادة التي لم أحظي بها .. ربما أكون أم وزوجة سعيدة .
ـ مبارك منال .. لقد تأخرت سأصعد كي لا أتأخر عن العمل .
فقالت سمر :
ـ لا .. صححي كلامك .. حتى لا تتأخري علي وسام .
ـ يا لكي من ماكرة .
صعدت وبدلت ملابسي ، ذهبت لأفتح النافذة فوجدته ينتظرني :
ـ نميمة علي الصبح .. الرحلة أليس كذلك .
ـ أجل .. صباح الخير .
ـ صباح الأنوار .. ها هي وردتك .. أقف منذ زمن كي أعطيها لك .
ـ ولما لا تنضم إلينا في تمارين الصباح .
ـ فكرة جيدة .. وأكون معك وقت إضافي .
ـ أراك في العمل .. سأتأخر ومديري سيحاسبني .
ـ سأتوصت لك .
ـ لكني أرفض .
ـ حسنا ً لكي هذا .
                                  
وهكذا اللقاءات توالت في النافذة ، نتمرن معا ً ثم نذهب للعمل ، ننهي عملنا ونذهب لتناول غذاءنا ، عملنا بجد إلي أن ارتفعت أسهم الشركة .
هكذا مرت الأيام من الإعجاب ونظرات العيون ، أحاسيس غزيرة لا تعرف الحدود، منبع متجدد دون توقف .
وفي يوم كنت غائبة عن العمل لمدة ثلاث أيام ، سمعت الموسيقي فعرفت أنه عاد باكر ، الكلمات تناديني بتوحشني وأنا وياك ، وبعده ثلاث سلامات يا وحشني .
الشوق يناديني ، هرولت صوب النافذة كي أراه ، يقف في انتظاري ، نظرت إلي بخجل وابتسمت ، عزف قلبي لحن اشتياقي ، ظللنا هكذا ربع ساعة ، فإذا بأمي تنادي علي فتركته ، تركته وقلبي معه .
وفي المساء وقفت أشاهد القمر ، أتحدث معه وأخبره بما يكمن بداخلي ، نظراته ليست نظرات جار لجارته ، أنما نظرات عاشق ، نظرات مفعمة بالعشق والشوق والحنين .
فيا لا وجهه الصبوح في ابتسامته الخفيفة ، ويا لا ابتسامة عيناها عند رؤيتي ، أقلبي هو الراقص علي أوتار حبك ، أم هناك امرأة أخري 0
لم أستطع البقاء في المنزل ، ضغط علي نفسي وذهبت للعمل ، انتهي الدوام ولم يأتي وسام ، هاتفه مغلق ، قلقت عليه فعدت للمنزل لعلي أره واطمئن .
دخلت باب العمارة لأجده يسند والدته ، لا يستطع بمفرده ، اقتربت كي أساعده ، أمسكت ذراع والدته وصعدت معه الدرج .
كان ينظر لي بشغف لم أراه سوي منه ، وبينما كنا نصعد اصطدمت يدي بيده ، بمجرد التلامس اهتز قلبي وشعرت بقشعريرة .
صعدنا للشقة وعند الباب تركتها ، ادخلها لأقرب كرسي :
ـ شكراً جنة .
ـ لا شكر علي واجب .. المهم سلامتها .. لو احتجت شيء أخبرني .
ـ حسنا ً .. كنت أتمني رؤيتك اليوم .. لكن ليس باليد حيلة .. مرة عليك .. ومرة علي .
ـ مع السلامة .
تركته ودخلت شقتنا وأنا في قمة سعادتي ، سعادة لم أشعر بها من قبل ، هرولت لغرفتي وأنا أطير من السعادة ، اندفعت نحو السرير وألقيت بجسدي لأحضانه ، أنظر للسقف وأرسم وجهه المبتسم أمامي .
صوت الحب يناديني ، " علمني حبك لكاظم " ، شعرت بروح تجذبني لأستمع لنبضات الحب ، لم يكن لدي الجرأة كي أفتح النافذة ، نافذة الحب هذه المرة مغلقة ، فضلت الوقوف علي أن يراني والشوق يتملكني .
ظل وسام منتظر رؤيتي ، فالحب الذي ملأ قلبه جعله يهوي النظر إلي ، فالحب ليس كلمات ، الحب مشاعر لا تخبأها العيون .
أدور في الغرفة مثل العصفور ، لا أري حدود أمامي ، توجهت نحو السرير فموجات النوم أصابتني ، فغرقت في نوم عميق ، لأسبح في عالم الأحلام .
                      
                      انتظروا الأحداث القادمة

CONVERSATION

0 comments: