فراشات حلم خارج مظلة الشجر/ خليل الوافي

ـ طريف

نظرت إليه بجرأة غير مسبوقة ، عندما لا أجد الكلمات المناسبة لوصف مشهد بدا يتكرر مثل رتابة أيامنا القادمة في مسرح الجريمة ، تعددت الوجوه واختلفت الآراء حول من المسؤول ومن الضحية ، ويتسع السؤال الملحاح على جرح لم يطب بعد من حراك القصف و القذف ، تباشرك الأحداث تباعا دون أن تدري ، وتستسلم جسدك العاري إلى كلاب الليل تنهش ما تبقى من عضم ، وتستريح من عذاب الضمير ، وحرقة المساؤلة تسرق منك النوم البخيل ؛ حينما تحتاج إلى الرحيل ، ويعاتبك الموت عن إصرارك البطيء في حمل نفسك بعيدا عن مناطق الخطر ؛ ترقب الآتي في صمت الصحراء ساعة قيلولة ناقصة من ظل نخلة عجوز لا تقوى على حمل جدعها في واحة الصمت ؛ يكثر اللغط اليومي ، وتبيع القوافل حمولتها الزائدة في الأسواق الهامشية ، وتحط الجمال تعبها القديم فوق دفاتر السفر أجد ضالتي في تركيب الصور...

ـ ظريف

عرفته منذ الصغر يركب المخاطر ، ويرقص تحت المطر ، يركض خلف الفراشات المزكشة بألوان الربيع ، يمسك واحدة ، يلمس ثوبها العاري عن أنوثة لم تفقه ملامح الغواية المشبعة برغبة المكاشفة ، ومواسم الخصب في سهول المراعي المترامية على أحقاد البقاع ، وجداول مرمرية القوافي في تكاثرالأحفاد ؛ خلته يعرفوني عندما يكبر الشجر ، وترفع البنت ساقها اليمنى عند مدخل القصر ... يهدي الطير غياب الخبر ؛ هذه أولى إرهاصات حامل الحلم فوق جناح طائر، يرقب ما تبقى من عطش الإبل في صحراء تروي صاحبها ظمأ العدم .

ـ خفيف

يحمل عني عبء المخاض العسير ، ونمنمات الألم الثقيل ، أتذكر وجه السحر ؛ وهو يخاصم ضوء القمر ، ويعترف الليل بأخطائه السبعة عندما تحاول الريح حمل أحلام المساء خارج ضجيج الشوارع ، ومقاهي تنفض عنها صدأ الكلام الآسن تحت المكنسة . يسأل سؤالا خفيفا على معدتي ، لكنه يجبر السجناء على الخروج من إضراب المقصلة ، واحترام الجوع عند لحظة المغازلة بين عربية المكان و عبرية الوافد المقيم بقوة المسطرة ، ينتصر البطن على ترسانة الأسلحة ، ويجبر العدو في رسم خريطة الطريق حسب ما تقتضيه المائدة ......
ـ نحيف
نحيفة ; هي أيامنا القادمة ، وضئيلة ; هي فرص النجاة من المصير الذي ينتظرنا في ميناء الأرصفة المتعثرة أمام سفن العودة إلى مواطن الريح ،أرتشف قهوة الصباح بمجاز الراحل بعد قليل ، يتعكر صفاء الروح ، ويشتعل الشيب منصة مراقبة خجولة تحت التل ، أطل بهامتي الطويلة على دروب صحوي ، لا أثر لركب القوافل في عواصف الرمل ، أحن إلى صوتي في فرحة اللقاء ، ومعانقة ظلالي الهاربة مني ، أحاول إمساك واحدة عسايا أتلمس وجه صبح قديم ، أمسح عنه رتابة حاضر يتصفد عرقا من هول ما رأته الصبية تحت الأنقاض ، أعانق أبي أول مرة ، في مشهد الموت ; وهو يودع قتلاه في طابور الراحلين،أنظر إلى الموت عندما تفرغ الميادين من بقايا الجثت ، أعتذر عما فعلته يداه ، واستسسلم لجلادي كي يفعل مايراه ......
سخيف-
كنت على مقربة من ساحة المعركة ، أجمع الغنائم ، وأسرى الهزائم المتتالية ،أرمي ما بيدي ، أدركت أن الحرب تخاصم جيرانها على حدود الوطن ، ونشعل فتيل الفتنة في القلوب البريئة ، ونمارس حق الإختلاف ، وإغلاق الحدود في وجه من يحمل تأشيرة العبور، هل يصل صوتك إلى صوتي في تباين الصور ، وتداخل الكلمات المتشابهة في لهجة المكان على إمتداد البصر، ومن يحمل عني وحشة الغريب حينما يسأل ، ضيف كريم يقابله سخاء المستضيف دون حرج السؤال ; من تكون ؟ ومن أي أرض خرجت ؟ الكلام يفسد طقس العروبة ، ويكشف قرابة الدم لابن العم...
خريف .
مطر، يغسل وجوهنا من التعب ، صحراء ، تعيد للوجه لونه العربي ; صيف ، يطل بعطشه اليومي ، دون أن تشعر لحاجتك الملحة بشرب الماء ، ما تراه عيناك يطفئ لهيب السراب على قمة جبل الجليد . من هناك يأتيك الخبر اليقين ; ثمة بحر جديد يختزل مواسم الخريف ....

خليل الوافي من المغرب
khalil-louafi@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: