يـاء الـوزة/ عـادل عطيـة


لم أكن أدري وأنا أتعلّم كيف أنطق الحروف الأبجدية العربية ، وكيف أكتبها ، أن يكون لحرف الياء في حياتي القلمية قصة غير منتهية .
لن أتحدث عن الاستشكال الذي ينتاب بعضنا عند كتابة الألف الممدودة كما نعرفه ،والمقصورة أي التي على صورة الياء في آخر الفعل الماضي ، مثل : عفا ، رمى .
ولكني سأتحدث عن حرف الياء أي الحرف الذي ننطقه ياء ، وليس الحرف الذي ننطقه ألفاً ، وهو يشبه الياء .
المشكلة لا تكمن في الياء التي في أول الكلمة ، ولا التي في أوسطها ، ولكن في الياء التي في آخر الكلمة .
فقد تعلمت في المدرسة ، أن الياء المتطرّفة تكتب بدون وضع النقطتين ، ويطلق عليها ياء الوزة.
في ذلك الوقت لم أكن أعرف أن للوزة ياء ؛ وكنت في سذاجة طفولية ، كلما ألتقيت بوزة ، أتفحص أعضاءها ، باحثاً عن هذه الياء ، ولا أجدها !
وحاول البعض تصحيح سذاجتي هذه ، بالقول : أن المقصود بياء "الوزة" ، انها تشبه الشكل العام للوزة وليس عضواً من أعضائها . ومع ذلك كنت أعاندهم ، قائلاً : ولماذا لا نسميها - بحسب النظرية نفسها ـ ياء "البطة" مثلاً ؟!..
وتوقفت عن المجادلة ، عندما أدركت أنهم لم يدركوا أنهم تسببوا في حول عيون كثيرة ، أختلط عليها الأمر فلم تعد تعرف إلا بعد تدقيق وتمحيص : هل هي ياء مقصورة أم ياء حقيقية؟!..
ولا أخفي عليكم سراً ، انني ظننت لفترة أن الياء فعلاً بدون نقطتين ، وأن النقطتان جاءتا لهذا الحرف التعس بسببنا نحن : النقطة الأولى ؛ لأننا جعلناها جزءاً من الوزة . والنقطة الثانية ؛ لأننا جعلناها كالياء المقصورة !
المشكلة الكبيرة ـ بالنسبة لي ـ بدأت عندما بدأت في الكتابة ، فكلما أرسلت مقالاً، أو قصة ، تحتوي كلماتها على ياء أخيرة بدون نقطتين ، فإن الناشر غير المصري ، يقوم بوضع النقطتين !
وإذا وضعت النقطتين فإن الناشر المصري يقوم بحذفها !
أقر بأن الناشر غير المصري على حق ؛ لأنه يعرف ياء الكلمة .
وأن الناشر المصري أيضاً على حق ؛ لأنه يعرف ياء الوزة .
وكل ماأخشاه أن تتحد النقطتين في نقطة واحدة كبيرة تنهي على العبد لله ، كما تنهي النقطة آخر كلمة في آخر جملة في آخر سطر في آخر صفحة في نهاية قصة ، أو مقال !

CONVERSATION

0 comments: