صالون نهى قعوار بين النور والحياة!/ آمال عوّاد رضوان


بتاريخ 6-2-2013، أقام صالون نهى قعوار في الناصرة لقاءَهُ الأدبيّ المتجدّدَ شهريًّا؛ في الأربعاء الأوّل من كلّ شهر، وسط شريحة من المثقفين، وحضور من نخبة المثقفين والشعراء وذوّاقي الحرف والكلمة والنغمة، وقد تلوّنت الأمسية بمزيج من شعر عموديّ وشعر نثريّ، وما بين شعر فصيح وزجل شعبيّ، وقد أثرى اللحن والنغمة اللقاءَ بمزيد من حرارة البهجة والغبطة، ليتزاوج الجمالُ بالكمال!
كان للمضيفة الشاعرة نهى قعوار كلمة ترحيبٌ بشوشٌ بالحضور، فقدّمت كلمة تعزية للحضور والوطن ولد. بطرس دلة، بوفاة المناضل الأستاذ نمر مرقس، رئيس مجلس كفرياسيف السابق، وزوج أخت د. بطرس دلة، ووالد الفنانة الفلسطينيّة أمل مرقس، والذي وافته المنيّة في نهاية الشهر الماضي.
تحدّث د. بطرس دلة عن مناقب الفقيد القائد نمر مرقس، الذي اختار السباحة ضدّ التيّار الصهيونيّ، واتخذ التدريس سلاحًا في وجه الاحتلال، لينمّي جيلًا وطنيًّا يتحلّى بروح الغيرة على قضيّته الوطنيّة، من خلال سنّ فِكره النيّر في ردع الظلم، وشحذ قلمه الحادّ في فضح الاحتلال، ومن خلال قلبه الرحوم الذي عانق مآسي المسحوقين والفقراء.
وبكامل الألق والتناغم، شهد صالون نهى قعوار مساهماتٍ أدبيّةٍ شتّى وعديدة، وتنوُّعًا خاصًّا من الطعوم الطيّبة والمذاقات الشهيّة، لكلّ من الشاعر جورج جريس فرح، والشاعرة وفاء فضل، والروائيّة القاصّة فاطمة ذياب، والقاصّ ناجي ظاهر، والقاصّ محمّد علي سعيد، ود. منير توما، وبهجت قعوار، والقاصّ جريس خوري، وأغنية طربيّة للقاصّة والفنانة نهاي داموني، ومشاركة للشاعر الزجّال شحادة خوري، ولتلميذه الطفل الزجّال أمير رياض شراري، وقد أضفى حضور نخبة من رابطة نور الحياة للأدباء والشعراء؛ الشاعر قاسم محاميد، وأيوب جزماوي، والمصوّر محمّد أبو البراء حركة وحياة للصالون.
هذا المزيج الراقي من الألوان الأدبيّة الفنيّة شكّلَ لوحةً دافئة، تشتعلُ بحميميّتها الزاهية روعةً أخّاذة، وكأنها ترصد بواطن الجَمال الكامن في أرواح الحضور، وبدُعاباتٍ خفيفيةٍ وطرائفَ لطيفةٍ كانت تعبق أجواءُ الصالون، وعيني المشاكسة اللامعة تأنس بابتسامة حالمة، حينما تجلو بنظرها في ثنايا الوجوه الهادئة الباسمة، تستبطنُ خفايا العقولِ النيّرة، وما استذكتْهُ من ثقافةٍ فيّاضة، ومداخلاتٍ ونقاشاتٍ عن الأدب والشعر، وعن جماليّات التشبيهات في المدح والغزل والأغراض الشعريّة، وفي عدّة موضوعات اختلفت طرق الشعراء وأدواتهم بتصويرها الأنيق، وأفكارها ومضامينها الأخّاذة.
شهريًّا، ومنذ شباط عام 2011، تتجدّد اللقاءاتُ الأدبيّة حياةً، والأمسياتُ الإبداعيّة نورًا، في صالون نهى قعوار في مدينة البشارة الناصرة القائم في بيتها، والذي بادرت الى تأسيسه الأديبة نهى قعوار وزوجها الفاضل بهجت قعوار، تدفعهما الرغبة الإنسانيّة الواعية في العمل التطوعيّ التثقيفيّ، من اجل التقريب بين الثقافات بين جميع الأديان ومن مشارب متعدّدة، ومن أجل توثيق الوشائج الاجتماعيّة والفكريّة بين جمهور الأدباء والمثقفين، من كتّاب وشعراء في هذا المجتمع، ومن جميع أنحاء بلادنا المهمومة، التي تفتقر إلى حدٍّ كبير لمثل هذه النّشاطات والفعاليّات التي يحتاجها مجتمعنا، ويتوق إليها محبّو وعشّاق الأدب والثّقافة بكامل انفعالاته، وأيضًا من أجل دعم المواهب الصاعدة.
لقد ساهم بافتتاح هذا الصالون الأدبي د. بطرس دلّة والقاصّ ناجي ظاهر، والعديد من الأدباء والشعراء الذين يتوافدون ويتقاطرون اليه، حيث تستضيف في إطاره عددًا كبيرًا من الشعراء والأدباء والمثقفين ومتذوّقي الأدب، من أجل الاستمتاع بما يدور فيه من نقاشاتٍ ومحاوراتٍ أدبيّة بين روّاد الصالون، وبهدف تداول أمور ثقافيّة في الساحة المحليّة، من إبداعات أدبيّة وثقافيّة مختلفة ومتنوّعة، تهدف إلى إثراء الحركة الأدبيّة، في أجواء غامرة من حسن الاستقبال والضّيافة، الممزوجة بالمحبة والتعاون والإخاء والعطاء، والصدق، والنوايا الطيّبة والقيم السامية، من أجل الإعلاء من شأن ثقافتنا المحليّة.
الاديبة والمؤرّخة نهى قعوار من الرائدات المثقفات المتميّزات في مجتمعنا الفلسطينيّ المحلّيّ، وصاحبة رؤى فكريّة عميقة وبعيدة، ويحفل تاريخها الأدبيّ والثقافيّ بالإبداع، فلا يقتصر نشاطها الأدبيّ على الشعر فقط، بل تعدّاه إلى الكتابة النّثرية الجدّيّة، والبحث الرّصين، فتوّجت أبحاثها بكتابها القيّم عن تاريخ الناصرة عام (2000)، والذي يعتبر من أكثر الأبحاث اتساعًا وشموليّة حول تاريخ مدينة الناصرة في الماضي والحاضر، وقد حصلت عام 2002 على جائزة الإبداع من وزارة الثقافة والرياضة، وعلى الكثير من شهادات التقدير من مؤسّسات خارج البلاد.

CONVERSATION

0 comments: