حوار المصالحة الفلسطينية في القاهرة "تيتي تيتي متل ما روحتي جيتي"/ راسم عبيدات

لم تستطع القيادة الفلسطينية، التي أنهت اجتماعاً استمر 8 ساعات في القاهرة، اتخاذ خطوات جدية لإتمام المصالحة الفلسطينية، وقال الأمين العام لـ «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» نايف حواتمة إن عدم موافقة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل على إقرار قانون انتخابات موحد للشعب الفلسطيني أدى إلى تعطيل إنجاز المصالحة،معتبراً أن «هذه نقطة الخلاف الأساسية لمعالجة الانقسام»وكذلك قال الدكتور ماهر الطاهر مسؤول فرع الجبهة الشعبية في الخارج،بأنه رغم الأجواء الايجابية التي سادت اللقاءات إلا ان المسألة تتطلب الانتقال من إدارة الانقسام الى العمل على إنهائه،وأرى بأن تصريحات الدكتور واصل أبو يوسف أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية حول حدوث اختراقات جدية في مسألة المصالحة،من حيث بدء المشاورات لتشكيل الحكومة وتحديد موعد الانتخابات،أتت في إطار التغطية والتقليل من حجم الفشل في تلك الحوارات،وإشاعة جو من الإيجابية والتفاؤل بخصوص الحوار والمصالحة.
وواضح أيضاً من نتائج الحوار في القاهرة،ان تلك الجولات من الحوارات ليست سوى جولات علاقات عامة وحوار طرشان،واجترار وتكرار مملين لما حدث في الكثير من الحوارات واللقاءات السابقة،حيث نسمع من طرفي الانقسام الكثير من عبارات الإطراء والمديح،والتصريحات الإيجابية حول تلك اللقاءات ونتائجها وحدوث اختراقات جدية فيها،ويرافقها بعض خطوات بناء الثقة الانية،مثل وقف الحملات الإعلامية والتقليل من حجم الاعتقالات على الخلفية السياسية،ولعل السماح بإقامة الاحتفالات في الضفة الغربية وغزة لحماس وفتح في ذكرى انطلاقتيهما،كانت توحي بأننا على أبواب حدوث اختراقات جدية في ملفي المصالحة والانقسام،ولكن تلك الأجواء الإيجابية والتفاؤلية  سرعان ما تتبخر،وهي تأتي تحت الضغط الشعبي،والتعنت في المواقف الإسرائيلية والمتغيرات العربية والإقليمية،حيث مجرد ان تنتهي جولة الحوار او اللقاءات الثنائية،وقبل ان يجف حبرها،نعود لنفس سياسة الردح والتخوين والاتهام والاتهام المضاد، وهذا بالملموس يعني انه لا إرادة سياسية بإنهاء الانقسام،وان ملف الانقسام اكبر من الفصيلين،وأن الفيتو الأمريكي- الإسرائيلي على هذا الملف،هو من يعطل ويمنع إغلاقه،حيث أن الطرفين غير مستعدين لتحمل النتائج والتداعيات المترتبة على تحقيق المصالحة وإنهاء ملف الانقسام،فعدا عن الأموال الكبيرة المطلوبة من أجل إغلاق ملفات القتل"الديات" والخلافات العشائرية وقضايا الثأر،التي نتجت عن الإيغال في الدم الفلسطيني وتجاوز كل الخطوط والحمر والمحرمات الفلسطينية،فهناك الملف الأمني وبالتحديد الأجهزة الأمنية  من منها شرعي ومن غير شرعي،وآليات وطرق توحيدها ودمجها،وحدود الشراكة والقرار والمسؤولية عن هذه الأجهزة،وكذلك الرواتب لمن تدفع ولمن لا تدفع ومن المسؤول عن الدفع،والمحاصصة في هذا الجانب،ناهيك عن ان إنهاء الانقسام،سيترتب عليه وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال،ووقف تحويل مستحقات الضرائب الفلسطينية،وكذلك"الفيتو"الإسرائيلي والأمريكي على أعضاء هذه الحكومة،ورفض التعامل والتعاطي معها،ومنعها من حرية الحركة والتنقل...الخ،وليست هذه المخاوف والهواجس والتداعيات التي قد تنتج عن إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، فهناك كذلك أطراف عربية وإسلامية،أيضاً لا تريد لهذا الانقسام ان ينتهي،وهي تعمل على إدامته وإستمراره وتغذيته وتمويله،ولعل الزيارات التي قام بها العديد من القادة والمسؤولين العرب والمسلمين لقطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على شعبنا الفلسطيني هناك،تندرج في هذا الإطار والسياق والهدف،وهي ليسب بريئة أو إنسانية وتضامنية،كما يظهر ويطفو على السطح،أو كما يحلو للبعض ان يصور ذلك،بالموقف الانساني والتضامني مع شعبنا في القطاع،ومد يد العون والمساعدة له،وكذلك فإن تلك الأطراف غير مستعدة للمساهمة في  تمويل تكاليف إنهاء الانقسام بدون ثمن سياسي،او التشجيع والمساعدة على إنهائه بدون إذن وموافقة أمريكية،واحد قيادي حماس كان موقفه واضحاً في هذه القضية،فالزهار قال سأقطع يدي إن تحققت المصالحة بوجود عباس وسلطة رام الله،وكذلك من نمت لديهم المصالح والمنافع والمكاسب والامتيازات من وجود هذا الانقسام،غير مستعدين للتضحية ب/ او التخلي عن كل ذلك في سبيل المصالحة،ناهيك عن ان البعض في الساحة الفلسطينية،لا يريد أن يبني استراتيجية فلسطينية جديدة تقوم على الصمود والمقاومة،ولا يريد ان يغادر خانة ومربع المفاوضات العبثية كنهج وثقافة وخيار،وهو لربما وجد أن إبقاء ملف المصالحة معلقاً الى ما بعد جولة الرئيس الأمريكي اوباما الى المنطقة،لكي يرى ما قد تترتب عليه تلك الزيارة،وبما يساعده على بلورة ورسم رؤيته وخياراته،فإما الاستمرار في المفاوضات كخيار استراتيجي وحيد،او إعادة النظر في هذا الخيار،وانا أرى أن رهان هذا الطرف الفلسطيني على الإدارة الأمريكية التي جرى تجريبها واختبارها جيداً،حيث تراجعت عن كل تعهداتها ووعودها السابقة،ولكي تصبح مواقفها وشروطها من التسوية والمفاوضات والقضية والدولة الفلسطينية،على يمين قادة الحكومة الإسرائيلية،وأكثر تطرفاً منها في العديد من المواقف والقضايا الجوهرية،وهذا الرهان هو كمن يريد"دبساً من قفا النمس" أو "حلب" الثور.
إن حوارات القاهرة والحوارات واللقاءات التي سبقتها لم ترتقي الى مستوى طموحات وآمال الشعب الفلسطيني،وحتى اللحظة الراهنة ،ورغم كل المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية،لم نلمس جدياً أن هناك تغليب للمصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية والحزبية،وما يجري لا يخرج عن إطار العلاقات العامة،وإيهام شعبنا الفلسطيني،بأن هناك تحرك جدي نحو المصالحة وإنهاء الانقسام،وإشاعة المناخات والأجواء والتصريحات الإيجابية فقط  مرحلية وآنية أمام الكاميرات ووسائل الإعلام،وما ان تنتهي الجولة او اللقاء،حتى يعود الطرفان للغة القدح والردح  والذم  والاتهامات.
والسؤال المركزي الى متى سيبقى شعبنا الفلسطيني أسير ضيق أفق وفئوية تلك الفصيلين،وتغليبهما لمصالحهما الخاصة والفئوية على المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني؟؟؟؟.

CONVERSATION

0 comments: