قبل أسبوعين ذهبتُ بمعيّة صديقي هشام إلى مزرعة "بارتر هاتشري" ـ سيدني لتربية الدجاج. وكم جميلة هي الديكة بأنواعها المختلفة.
استنسبتُ دجاجتين بيّاضتين من نوع "أيزا براون" أقنعني بهما هشام باعتبار أن الواحدة منهما تبيض، لا أقل من 200 بيضة بالسنة، ولكن بما أن الدجاجتين هما "فرختان" قال هشام: "بعد ثلاثة أسابيع يبدأ إنتاج البيض، وبغزارة إلى خمس سنوات على الأقل".
طبعاً سيكون السياج مجاوراً أيضاً إلى سبع شجرات تين. كم هي كريمة ونبيلة شجرة التين. أبتعدُ عنها وكلّما ألتفتُ إليها حتى أغيب. أعمارُها تتراوح بين أربع سنوات وثماني سنين. كان التين كثير في لبنان الجنوبي وفي بلدتي كونين العامليّة، الآن هو في وضع حرج.
التين العاملي هو من أجود أنواع التين في العالم، وقد كان إلى بدايات القرن العشرين يتنافس إليه تجّار بلاد الشام، وتنتظر مصر قدومه بشوق ولهفة. كلّما أكون بينها أكون في كونين. فقط قبل أربعة أشهر ذهبتُ إلى لبنان لأوّل مرّة بعد غياب طال أكثر من ثلاث عقود. فارقتُ لبنان شاباً إبن 19 سنة، وذلك سنة 1977. لم أكن أخاف من الغد. رجعتُ إليه بزيارة سنة 2012 مرافقاً جنازة قريبي وصديق الطفولة الدكتور محمّد موسى.
في الشهرين الأخيرين من حياته كنت أعوده يوميّاً. كنت أرى في موته يوميّاً أمام عيني موتي أنا. كان أن يُدفن في أستراليا. وقبل يوم من وفاته قال لي شقيقه الأصغر علي أنّ الدفن سيكون في لبنان فيما الدمع غزيراً ينهمر من عينيه. رجعتُ إلى لبنان بجنازتين: جنازة صديقي محمّد وجنازتي.
كنت نفسيّاً في الحضيض وآلام ظهري لا تنقطع، ترمي الجمل. أين ذهبتْ كرومُ التين والعنب في كونين؟. وكونين شهيرة بكثرة أشجار البطم وبعضها "معمّر". مَن أفنى معظمها؟. القصّة تطول. جرت مياه كثيرة تحت الجسر كما يُقال. لبنان كلّه هو لبنان آخر، وأنا غريب تماماً فيه.
لم يكن يعوزني الإدراك لأعترف بأفاعيل الزمن، لكن ليس إلى درجة أن أتخيّل تحطيم البلد. نظام سير حزين. حوادث رهيبة. ذاتي نجوت من حادث بأعجوبة وببطولة من السائق صادق. عند كوع جبلي يطلّ على منحدر شديد أطلّت سيّارة من الجهة المقابلة، وفجأة، من خلفها، أطلّت سيّارة كأنها القدر المحتوم، صرنا وجهاً لوجه، انحرف صادق كأنّه البرق وأفسح لها، ومرقت كأنّها الريح من بين السيّارتين، ونجونا في آن من السقوط إلى أسفل. كان ذهول الصدمة لا يوصف.
كنتُ أتخيّر الطعّام في لبنان بالحرص غالباً. البلد يضجّ بالمأكولات الفاسدة مثلما يضجّ بالفساد على الصعد كافّة والمفسدين في الأرض. الأسابيع الأخيرة من رحلتي إلى لبنان قضيتُها أترقّب انقطاع الطرق بالإطارات المشتعلة غضباً شعبيّاً لهذا السبب المرّ أو ذاك. التقينا بعد غياب غريبين كثيراً يا لبنان.
كنتُ ولا أزال كلّما أكون في حديقةٍ عامّة رائعة في سيدني سرعان ما يصيبني أسى ينغّص عليّ فرحي، لماذا ليس حدائق في لبنان كما الحدائق في أستراليا؟. أنا في حديقة الصنائع في بيروت. الحاضر والماضي في تنافس بي، والغريب أنّي في تلك اللحظة تذكّرتُ تلفزيون لبنان بالأبيض والأسود.
وأسرع إليّ الأسى. كيف ولا قطرة عشب؟. واحة حزينة هي حديقة الصنائع في بيروت، أصابها الجفاف. وتذكّرتُ أنّ هناك مَن شنقوه فيها في ثمانينات القرن الفائت. كنت في سيدني عندما علمتُ بالنبأ. تساءلتُ: مَن المجرم؟ هو حقّاً القاتل الذي شنقوه أم الذين يقتلون حديقة عامّة بمشنقة؟. وزيادة في الطين بلّة التقط لي فيها الصديق وديع صورة تذكاريّة واحدة لا يوازي قتامتها إلاّ آلام ظهري التي أُعالجها بالحبوب الجاهزة دائماً في جيب سترتي.
انكسرتْ رومانسيتي تجاه لبنان. استعرضتُ مَنِ التقيتُهم. هم جميعاً أهلي الكرام وأنا الغريب.
وفي الحديقة الخلفيّة من بيتي شجرة رمّان. ما ألطف الرمّان. ما أجمل إسم الرمّان. ما أشهى الرمّان. ما أحلى لون الرمّان. زرعَها لي ماجد. حملتْ ثلاثةَ أكواز في السنة الفائتة، والآن عليها سبع زهرات ـ كؤوس ـ نار صافية، بالإضافة إلى شجرتَي صبّار أهداني إيّاهما صديقي الإيطالي ماريو، واحدة تثمر تسعة أشهر، وواحدة تعطي الصبّار 12 شهراً، أي على مدار السنة، وشجرة ليمون، وشجرة كرز، وشجرة خوخ، وشجرة "كومْكم" هي شجرة أفندي لكن لا يزيد حجم ثمرتها على حجم حبّة الزيتون إلاّ قليلاً، وشكلها هو شكلها تقريباً، تؤكل مع قشرتها، الطعم لذيذ، حموضة اللبّ ومرارة القشرة والنتيجة طعم حلو، وشجرتَي توت شامي، الكلّ يتسابق إليهما يوميّاً، وفي الطليعة أخي شعلان، وهو له شِقّة. ومرّة، بعدما التهم التوت حتى اكتفى، نظر إليّ وقال لي: "الله يعطي الحلاوة للّي ما إلو أسنان". ولمّا سألته قال: "لو أن بيتك بيتي، وعندي هذه المساحة من الأرض، لزرعته كلّه توت"!.
ولا أنسى شجرة المانغا. قلت لأخي شعلان متعللاً بوجع ظهري أن يقلّمها. لم أكن بحاجة لهذا التعلّل، فهو ذاته قبلاً سألني إذا هو يقلّمها، قلت له بالنفي، ثمّ غيّرت رأيي بعد فترة، وحلقَ لها كما يحلقون للغنم، ومع ذلك ظلّت كبيرة، وستكون ثمارها أجود، وسأتقاتل كثيراً في الليل مع خفافيش الفواكه، إنّها عصابة لا تقلع عن شنّ الغارات عليها في موسمها، وغالباً لها النصف ولي النصف.
اتّفقتُ مع هشام أنّي أريد بعدُ "فرختين" لونهما أسود، غير هاتين الحمراوين، وهما من صنف آخر يُدعى "أوسترولوب" تعطي كلّ منهما 200 بيضة سنويّاً على الأقل أيضاً، وتستمرّان بالبيض الغزير إلى ستّ سنوات، وإنّي أريد عشرين طير فرّي، فالفرّ يبيض كثيراً، ولمّا سألني عمّا أريد أن أفعل بكلّ هذا البيض، قلت له "بدّي إكسر السوق". وعموماً، الدجاج والفرّ أفضل "من هؤلاء". ونظر هشام إلى خمس قطط حولي: أربع منها إناث، وواحد ذكر.
كان لديّ 23 هرّة. نزل العدد إلى تسعة. وقبل أيّام ما صدّقتْ زوجتي حنان أنّي أمامها تذمّرتُ أيضاً من الكلفة، فاستغلّت غيبتي وتخلّصت من أربع، ويا لمفاجأتها هي أكثر منّي عندما علمتْ، يا عافاها الله، أنها تخلّصت من الذكور، والذكور نصف علّة، وأبقت على الإناث، والإناث مصيبة، فالولادة "كلْ كمْ شهرْ" على الباب، طلبتُ منها أن تترك لي أمر التخلّص من الباقي في الوقت المناسب على أن أُبقي على القطّ "زعتر" أو "زاتر" كما نسميه في البيت، مقلّدين إبنتي دنيا ـ ثماني سنوات ـ دنيا التي تدور حولي كأنّها أمّي، تحرص أن تضمّني وتقبّلني على خدّي قبل الذهاب إلى النوم، وأنا أحضنها وأقبّلها على خدّها. مرّة قلت لها أنّي بسبب ذلك أنام أفضل، وابتسمتْ وأحنتْ رأسَها ومضت مسرعة إلى سريرها.
قال لي هشام مازحاً أن ملك الدجاج في أستراليا، وله مزارع "Baiada" الشهيرة، ويدعى "سيليستينو بيّاده" وهو من أصل مالطي، ابتدأ بتربية دجاجاتين. قلت: أنا أشطر منه، صحيح ابتدأتُ بدجاجتين، ولكن عمليّاً سأبدأ بأربع، مع عشرين من الفرّ. إذا هو الملك، سأكون الإمبراطور.
Shawki1@optusnet.com.au
استنسبتُ دجاجتين بيّاضتين من نوع "أيزا براون" أقنعني بهما هشام باعتبار أن الواحدة منهما تبيض، لا أقل من 200 بيضة بالسنة، ولكن بما أن الدجاجتين هما "فرختان" قال هشام: "بعد ثلاثة أسابيع يبدأ إنتاج البيض، وبغزارة إلى خمس سنوات على الأقل".
انقضى أسبوعان، وأنا الآن في الأسبوع الثالث. يوميّاً أتفقّدهما، أحدّثهما، أغنّجهما وأقاقي مثلهما لهما. أعرف أنّي أحبسهما في قفص، وكم أكره منّي ذلك، ولكن أسلّي نفسي أنّي قريباً سأُفسِح لهما، وأستبدل هذا القفص بآخر "ست نجوم": سأجعل لهما سياجاً فسيحاً في الفناء الخلفي من بيتي، حيث العشب على مدار السنة، بجوار زيتونتين زرعتُهما قبل سنتين.
جميلة، كريمة، دافئة، قويّة، هي شجرة الزيتون. ابتعتهما من يوناني. وكان عمر كل منهما ثلاث سنوات. هما الآن صبيّتان. في السنة الفائتة حملتا. واحدة 17 حبّة، هكذا أحصيت، والثانية عشرة. كانت كلّها في عينيّ زمرّداً في عين الشمس. وكم يئستُ عندما سقط أكثرها على الأرض بفعل عبث الأطفال. كنت أغفر لهم. ومرّة جمعتُ إبني شاهر ـ أربع سنوات ـ ومجموعة من عصابة له وهم من أبناء الأصدقاء وأغريتهم، بعدما سبقتهم إلى تقبيل الشجرتين، بتقبيل الأغصان. قلت لهم إنّهما تحبّاني لأنّي أقبّلهما، وهما قالتا لي أنّهما تحبّانكم، فهيّا نقبّلهما، ونكون جميعاً أصدقاء. وصدَّقوني بفرح طفولي.
وبأعجوبة نضجتْ حبّاتُ الزيتون المتبقيّة. ثلاث حبّات على واحدة، وحصّ زيتون واحد على الثانية. كانت الحصوص أجمل من الماس الأسود. والماس الأسود حجر كريم، وهي حياة كريمة. طبعاً سيكون السياج مجاوراً أيضاً إلى سبع شجرات تين. كم هي كريمة ونبيلة شجرة التين. أبتعدُ عنها وكلّما ألتفتُ إليها حتى أغيب. أعمارُها تتراوح بين أربع سنوات وثماني سنين. كان التين كثير في لبنان الجنوبي وفي بلدتي كونين العامليّة، الآن هو في وضع حرج.
التين العاملي هو من أجود أنواع التين في العالم، وقد كان إلى بدايات القرن العشرين يتنافس إليه تجّار بلاد الشام، وتنتظر مصر قدومه بشوق ولهفة. كلّما أكون بينها أكون في كونين. فقط قبل أربعة أشهر ذهبتُ إلى لبنان لأوّل مرّة بعد غياب طال أكثر من ثلاث عقود. فارقتُ لبنان شاباً إبن 19 سنة، وذلك سنة 1977. لم أكن أخاف من الغد. رجعتُ إليه بزيارة سنة 2012 مرافقاً جنازة قريبي وصديق الطفولة الدكتور محمّد موسى.
في الشهرين الأخيرين من حياته كنت أعوده يوميّاً. كنت أرى في موته يوميّاً أمام عيني موتي أنا. كان أن يُدفن في أستراليا. وقبل يوم من وفاته قال لي شقيقه الأصغر علي أنّ الدفن سيكون في لبنان فيما الدمع غزيراً ينهمر من عينيه. رجعتُ إلى لبنان بجنازتين: جنازة صديقي محمّد وجنازتي.
كنت نفسيّاً في الحضيض وآلام ظهري لا تنقطع، ترمي الجمل. أين ذهبتْ كرومُ التين والعنب في كونين؟. وكونين شهيرة بكثرة أشجار البطم وبعضها "معمّر". مَن أفنى معظمها؟. القصّة تطول. جرت مياه كثيرة تحت الجسر كما يُقال. لبنان كلّه هو لبنان آخر، وأنا غريب تماماً فيه.
لم يكن يعوزني الإدراك لأعترف بأفاعيل الزمن، لكن ليس إلى درجة أن أتخيّل تحطيم البلد. نظام سير حزين. حوادث رهيبة. ذاتي نجوت من حادث بأعجوبة وببطولة من السائق صادق. عند كوع جبلي يطلّ على منحدر شديد أطلّت سيّارة من الجهة المقابلة، وفجأة، من خلفها، أطلّت سيّارة كأنها القدر المحتوم، صرنا وجهاً لوجه، انحرف صادق كأنّه البرق وأفسح لها، ومرقت كأنّها الريح من بين السيّارتين، ونجونا في آن من السقوط إلى أسفل. كان ذهول الصدمة لا يوصف.
كنتُ أتخيّر الطعّام في لبنان بالحرص غالباً. البلد يضجّ بالمأكولات الفاسدة مثلما يضجّ بالفساد على الصعد كافّة والمفسدين في الأرض. الأسابيع الأخيرة من رحلتي إلى لبنان قضيتُها أترقّب انقطاع الطرق بالإطارات المشتعلة غضباً شعبيّاً لهذا السبب المرّ أو ذاك. التقينا بعد غياب غريبين كثيراً يا لبنان.
كنتُ ولا أزال كلّما أكون في حديقةٍ عامّة رائعة في سيدني سرعان ما يصيبني أسى ينغّص عليّ فرحي، لماذا ليس حدائق في لبنان كما الحدائق في أستراليا؟. أنا في حديقة الصنائع في بيروت. الحاضر والماضي في تنافس بي، والغريب أنّي في تلك اللحظة تذكّرتُ تلفزيون لبنان بالأبيض والأسود.
وأسرع إليّ الأسى. كيف ولا قطرة عشب؟. واحة حزينة هي حديقة الصنائع في بيروت، أصابها الجفاف. وتذكّرتُ أنّ هناك مَن شنقوه فيها في ثمانينات القرن الفائت. كنت في سيدني عندما علمتُ بالنبأ. تساءلتُ: مَن المجرم؟ هو حقّاً القاتل الذي شنقوه أم الذين يقتلون حديقة عامّة بمشنقة؟. وزيادة في الطين بلّة التقط لي فيها الصديق وديع صورة تذكاريّة واحدة لا يوازي قتامتها إلاّ آلام ظهري التي أُعالجها بالحبوب الجاهزة دائماً في جيب سترتي.
انكسرتْ رومانسيتي تجاه لبنان. استعرضتُ مَنِ التقيتُهم. هم جميعاً أهلي الكرام وأنا الغريب.
وفي الحديقة الخلفيّة من بيتي شجرة رمّان. ما ألطف الرمّان. ما أجمل إسم الرمّان. ما أشهى الرمّان. ما أحلى لون الرمّان. زرعَها لي ماجد. حملتْ ثلاثةَ أكواز في السنة الفائتة، والآن عليها سبع زهرات ـ كؤوس ـ نار صافية، بالإضافة إلى شجرتَي صبّار أهداني إيّاهما صديقي الإيطالي ماريو، واحدة تثمر تسعة أشهر، وواحدة تعطي الصبّار 12 شهراً، أي على مدار السنة، وشجرة ليمون، وشجرة كرز، وشجرة خوخ، وشجرة "كومْكم" هي شجرة أفندي لكن لا يزيد حجم ثمرتها على حجم حبّة الزيتون إلاّ قليلاً، وشكلها هو شكلها تقريباً، تؤكل مع قشرتها، الطعم لذيذ، حموضة اللبّ ومرارة القشرة والنتيجة طعم حلو، وشجرتَي توت شامي، الكلّ يتسابق إليهما يوميّاً، وفي الطليعة أخي شعلان، وهو له شِقّة. ومرّة، بعدما التهم التوت حتى اكتفى، نظر إليّ وقال لي: "الله يعطي الحلاوة للّي ما إلو أسنان". ولمّا سألته قال: "لو أن بيتك بيتي، وعندي هذه المساحة من الأرض، لزرعته كلّه توت"!.
ولا أنسى شجرة المانغا. قلت لأخي شعلان متعللاً بوجع ظهري أن يقلّمها. لم أكن بحاجة لهذا التعلّل، فهو ذاته قبلاً سألني إذا هو يقلّمها، قلت له بالنفي، ثمّ غيّرت رأيي بعد فترة، وحلقَ لها كما يحلقون للغنم، ومع ذلك ظلّت كبيرة، وستكون ثمارها أجود، وسأتقاتل كثيراً في الليل مع خفافيش الفواكه، إنّها عصابة لا تقلع عن شنّ الغارات عليها في موسمها، وغالباً لها النصف ولي النصف.
اتّفقتُ مع هشام أنّي أريد بعدُ "فرختين" لونهما أسود، غير هاتين الحمراوين، وهما من صنف آخر يُدعى "أوسترولوب" تعطي كلّ منهما 200 بيضة سنويّاً على الأقل أيضاً، وتستمرّان بالبيض الغزير إلى ستّ سنوات، وإنّي أريد عشرين طير فرّي، فالفرّ يبيض كثيراً، ولمّا سألني عمّا أريد أن أفعل بكلّ هذا البيض، قلت له "بدّي إكسر السوق". وعموماً، الدجاج والفرّ أفضل "من هؤلاء". ونظر هشام إلى خمس قطط حولي: أربع منها إناث، وواحد ذكر.
كان لديّ 23 هرّة. نزل العدد إلى تسعة. وقبل أيّام ما صدّقتْ زوجتي حنان أنّي أمامها تذمّرتُ أيضاً من الكلفة، فاستغلّت غيبتي وتخلّصت من أربع، ويا لمفاجأتها هي أكثر منّي عندما علمتْ، يا عافاها الله، أنها تخلّصت من الذكور، والذكور نصف علّة، وأبقت على الإناث، والإناث مصيبة، فالولادة "كلْ كمْ شهرْ" على الباب، طلبتُ منها أن تترك لي أمر التخلّص من الباقي في الوقت المناسب على أن أُبقي على القطّ "زعتر" أو "زاتر" كما نسميه في البيت، مقلّدين إبنتي دنيا ـ ثماني سنوات ـ دنيا التي تدور حولي كأنّها أمّي، تحرص أن تضمّني وتقبّلني على خدّي قبل الذهاب إلى النوم، وأنا أحضنها وأقبّلها على خدّها. مرّة قلت لها أنّي بسبب ذلك أنام أفضل، وابتسمتْ وأحنتْ رأسَها ومضت مسرعة إلى سريرها.
قال لي هشام مازحاً أن ملك الدجاج في أستراليا، وله مزارع "Baiada" الشهيرة، ويدعى "سيليستينو بيّاده" وهو من أصل مالطي، ابتدأ بتربية دجاجاتين. قلت: أنا أشطر منه، صحيح ابتدأتُ بدجاجتين، ولكن عمليّاً سأبدأ بأربع، مع عشرين من الفرّ. إذا هو الملك، سأكون الإمبراطور.
Shawki1@optusnet.com.au
0 comments:
إرسال تعليق