ويغفو ...تجيئه الملائكة ... يغفو ....
يرتسم السور الأحادي الجانب نخلة َ نورٍ في بدء العلامة .. الدلالة ..
يا ماما على الشاشة صدام ..
- يا ماما على المدرجات صدام
*** **** ****
وكانت السلحفاة تجري وراء ثعلب ...وتجيئه الملائكة ثانية :
نخلة حور .. بور ..خرجتْ لتوّها من دجلة ...كانت قربانا للنور ..غنيمةَ للثور ..والطور الأحادي الجانب .. كانت تستحم ..كانت غيمة ..خُضّبتْ بالحناء ..وتخضّب قُصيّ ..تخضّب عُتي ّ.. تخضّبتْ النخلة .. والفرات ودجلة ..
- يا ماما صدام ..
اللهم رب أغفر كل الخطايا .. وما دثرته القبور والعظام وهي رميم .. دثرني بالخوذة الخرساء ..يشعُّ منها النور .. هبْ لي من لدنك رأفة .. وساق نخلة تطل على الفرات .. وآية من تقاسيم تموز .. وسبعة عشر رمضانا .. وتموزا ..
قال عبد الكريم قاسم : آمين ..
بمدرجات أم درمان ..
بالسودان ..
وقال : إني أرى في المنام سبعة عشر تموزا .. والتين والزيتون ومفاتيح بغداد ..
-- أنت التواق ..
- آمين .آمين ، قالت الأصداء ..
عبلة في عمّان ..في السودان في دارفور ..
أجنحة الحمائم ساقت الريح صوب الريح ..والصحّاف يعجن ( العجول ) .كان ذلك ذات ( ندوة صحفية ) أمام مرأى الناس و( العجول ) في يوم مقداره ألف سنة مما تعدون ...
جثم الحائط على الروضة فكساها عطرا .. وتباشير ظفر ؟؟؟.. وجثمت الروضة على الحائط فملأته ( عجولا) وانضم الجميع إلى بائع ( الزعتر ) في ( أم درمان ) في ( القاهرة ) في بانجيلا ومناصرو داحس والغبراء ..يرددون ( فلوجة .. في أم درمان ..في البليدة .. في القاهرة ) عجول .. عجول ..
واندثر المساء .. الليل .. والتباشير .. توقفت صفارة الحكم .. في كل الملاعب .. ومطار بغداد على مشارف القاهرة المضيافة ..كان عظيم العقلاء أحمد شوقي عائدا من منفاه بالأندلس ، يعانق حافظ ابراهيم ، فيما كان سليمان العيسى ..يقبّل الجواهري ..
*** ***** ******
سيداتي ، سادتي .. قالت منشطة الحفل البهيج بصوت أخاذ : لا تتركوا التراب يسقط من أعالي الجبال والروابي الصلبة ..المصلوبة ..الحفل متواصل وسنرضي أذواقكم جميعا بما فيها الشاذة لا تكترثوا بالزنابق .. ولا بالفضائل والسنابل ..
كونوا في الوعد ..
وأطل شيخ من أقصى القاعة .. قامته هيفاء .قال :
- يا ماما صدام ..
- يا ماما اصطدام ..
يا ماما شوقي جاء من الأندلس
ضحكتْ الطفلة فدوى ملء فيها.. كانت تقضم أشعار ( سليمان العيسى )في إناء من فخار ...ثم بكتْ. استدارت صوب أمها التي كانت تحاذيها . غاضبة :
- يا ماما .. هذا الرجل قلّدني ..قولي له يعد لي حقوقي ..
لم تعلّق الأم .كانت منهمكة في سماع الجوق الذي كان يعزف أول وآخر مقطوعاته ..
اكتفتْ بالقول :
- يا ماما صدام .
أجهشت الطفلة فدوى بالبكاء .هذه المرة لم تنقطع ..غادرت القاعة دون إذن من أمها ولا منشطة الحفل لكن سرعان ما عادت تحت تصفيقات الجمهور ..قلدوها جميعا وسام الاستحقاق .
وانزوتْ تصغي إلى بقية الفعاليات ..مزّق ( وسامها) صخب قيتارة كانت تبعث صوتا خافتا من خلف المنصة المخصصة للجوق ..بكتْ هذه المرة بدون توقّف، لأنهم حسب زعمها سلبوها كل ما تملك .. وما لا تملك ..توقفتْ عن البكاء الذي لم ينقطع ؟؟؟..
حاول ( الحضور ) إخضاعها للبكاء من جديد .. وبقوة .. رفضتْ بقوة .. ألحوا بقوة .. رفضت ْ بقوة .
قالت شرط أن أنشّط الحفل ..
وافق ( الحضور ) بقوة .. بقوة .. بقوة ..
غنت هذا المقطع من زجلية للشاعر الشعبي المصري صلاح جاهين ،تتغنى بالسد العالي . :
أقفل ..أقفل ..عالحيرة السيرة وهات شربات للكل
واقفل عينيك وافتحها تلاقي الشوق بقى فل .."
صفقت أمها بحرارة .. وبقوة ..بقوة .. بقوة ..كان الصحاف وراء الحضور يقول في لوعة ما هذا الذي حدث .. عيب أن تتركوا طفلة في مثل هذا السن تنشط حفلا كهذا ؟؟؟
اندهش الجميع لانبعاثه .. صفقوا له كثيرا .. قالوا في جلبة :
براءة الطفلة فدوى تشبه تماما براءتك
ضحك الصحاف ..قهقهت الصحف ..هرولوا نحو الباب الأمامي . كانت ماما الحقيقية تردد :
- يا ماما على الشاشة صدام ..
-- يا ماما على المدرجات صدام ..
امتلكهم الذعر .. عادوا جميعا إلى القاعة .. وجدوا كل الأبواب موصدة حتى منافذ النجدة .
... كان الشيخ الوقور الذي بدا من أقصى القاعة يعبث بالمفاتيح :
يلوح ، يقول :
اليوم تُفتح مدن .. وغدا تُغلق أخرى أخرجوا ، اخلوا ساحتي يا لتتار ...
قالت المنشطة الطفلة التي كانت بين الحضور ) سلبتموني شرعيتي وحقي في الاختراع ) أنا التي اخترعتُ ( يا ماما صدام في كل المعمورة )
زخات مطر تساقطت في تلك اللحظة على مشارف القاعة .. احتمى الجمع تحت الوسام الذهبي الذي منحوه للطفلة فدوى .
كانت أصقاع الدنيا تردد مقطوعة صلاح جاهين :
أقفل .. أقفل .. اقفل عالحيرة السيرة .. وهات شربات للكل ..
.واقفل عينيك وافتحها تلاقي الشوك بقى فُل "
***** ****** *****
فركت عيني .. كانت المرآة التي كنت واقفا أمامها تعكس لحيتي المعفرة بماء الروضة الخضراء .. قبل أن أحلق ( وجهي ) تأهبا للآزفة ..
خضبني عُتيّ .. خضبني قصيّ ..في أم درمان ، وفي القاهرة . كنتُ أزف قربانا إلى ( فضولي )وكنتُ أمسح الحنّاء .. والقمل من على وجهي بيدي مبديا إعجابي بنفسي .. لأنني كنتُ أمام ( المرآة ) فقط .. حاولتُ إتمام القصة .. سافرت الصياغة .. والحبكة و( التدوير ) ..توقفتُ عن كل شيء حتى الضحك ..
سحبني الشيخ ذو القامة الهيفاء من حبل الوريد .. قال :
إلى أين ؟؟؟
-إلى حيث لا أدري ؟؟ وقد أدري ...
وكان سمك الشبوط يتشبث ( بسنارتي ) كنتُ ارمي واجهة البحر والنهر بناظري .. كنتُ .. كنتً وكان زبائن المطعم على الباب ينتظرون سمك الشبوط الذي اعتادوا عليه بأغلب مطاعم بغداد ..
كنتُ .. كنتُ .. كنتُ أقول : كنتُ .. كنتُ ( فعول مع الاشباع فعولن )
وكنتُ أغرق في البكاء صحبة الطفلة فدوى التي سلبوها حقها في الاختراع ..
غفتِ اللحظة .. ارتسم السور الأحادي الجانب أمامي نخلة َ نور ٍ في بدء العلامة ..الدلالة ..أكرر ما أقول ، لأنني كنتُ .. إذ كنتُ ..ومن الخلف يلسعني سوط جلاد ( - لا بل كنت َ كونتي كونتا ذاك الأسود).'1) .
وضحكت شهرزاد في إيواء الرشيد .. وكسرى .. حتى الصباح .. حتى بانت أسنانها .. كانت أسناني ..
قالت أم كلثوم في رائعتها ( على باب مصر ) : من وهب الصمتَ للحشرة ؟؟
مستبشرا ضاحكا قال سليمان العيسى: الطفلة فدوى.
أحمد ختّاوي
******
هامش
/ كونتا كونتي ( أسود كان تحت رحمة جلاد في فيلم أمريكي ( مسلسل) .
0 comments:
إرسال تعليق