في الواقع السياسي المصري الراهن/ شاكر فريد حسن

ما يحدث في مصر الآن مشهد في غاية الخطورة وينذر بحريق هائل لا تحمد عقباه ، وهو امر توقعناه بعد عزل مرسي واسقاط حكم الاخوان المسلمين ، الذين كشروا عن انيابهم من جديد، وعادوا بوجههم الحقيقي في ممارسة الارهاب الدموي ، الذي يحفل به تاريخهم الطويل ، وذلك في محاولة بائسة وخاسرة لافشال النقلة الجديدة في مسار الثورة المصرية وعرقلتها،  والوقوف ضد تقدمها . 
لقد قلنا منذ البداية اننا مع الشعب المصري وثورته التصحيحية ، التي جاءت لتخليص مصر من حكم مرسي والاخوان المسلمين ، بعد ان تنكروا لشعارات الثورة وساروا في الاتجاه المعاكس بعد تسلمهم مقاليد الحكم ، وابتلعوا مؤسسات الدولة وعملوا على اخونتها بالقوة والاكراه ، ناهيك عن نزعتهم الاقصائية وتكفير الآخرين، وتسعيرهم التناقضات الداخلية ، وعدم تجاوبهم مع مطالب المعارضة ، وفشلهم في ادارة البلاد وعدم تقديم اي برنامج عملي لحل المشاكل والأزمات الخانقة والمشاكل التي تعاني منها الطبقات الشعبية الفقيرة الكادحة ، وعدم تحقيق اي شيء من احلام وطموحات الشعب وشعارات الثورة الأولى ، ما أدى بالتالي الى الاحتقان والغضب الساطع وانتفاض الشعب المصري وصولاً الى الطوفان البشري في الثلاثين من يونيو  .
ان مصر اليوم تخوض حرباً لا هوادة فيها ضد جماعات الارهاب الاصولي السلفي التكفيري الاخواني في رابعة العدوية وغيرها من ميادين ، التي تحاول جاهدة انتزاع السلطة وتغييب ارادة الشعب، ونسخ التجربة السورية بهدف اغراق الشعب المصري في دوامة التفجيرات وعمليات القتل، واشعال حريق هائل وفتيل حرب اهلية تؤدي الى نتائج كارثية ، وتقود الى الانفلات الأمني وعدم الاستقرار وتدمير مصر .
اننا نرفض سياسة واستفزازات الاخوان المسلمين المعادية للثورة  ، ولسنا مع عسكرة البلاد ، ونحذر ونرفض اي تدخل خارجي من قبل اي عناصر في الشأن المصري الداخلي بحجة الدفاع عن "الشرعية "، حيث القوات الاجنبية تطمع في تراب مصر، والنيل من سيادتها، وتمزيق صفوفها وتجزئتها وتفكيكها، وبث الانقسام والفتنة بين أبناء شعبها . فالمطلوب الآن بعد سقوط نظام وسلطة الاخوان ، هو حماية القرار المصري المستقل واستغلال قوة زحف المارد الشعبي والجماهيري، الذي اطاح بهم ، لمواصلة النهوض ومسيرة التغيير، واستعادة الدور القومي والعروبي الذي رسخه وعبّده الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، الذي نحتاج له ولامثاله في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية . وهنالك فرصة تاريخية امام مصر لقيادة العالم العربي من جديد ، والتصدي لمخطط تقسيم وتجزئة الوطن العربي ، وذلك بالانحياز الخارجي للمصالح القومية العربية والانحياز الداخلي للمواقف والمطالب الشعبية .
اخيراً يمكن القول ، ان مصر تقف على مفترق طرق تاريخي له انعكاساته وتداعياته على الشعب المصري وعلى شعوبنا العربية قاطبة ، واننا لعلى ثقة تامة بأن الشعب المصري،  الذي ثار على نظام مبارك ، واطاح بحكمه،  وتمرد واسقط حكم مرسي والاخوان ، قادر على حماية ثورته الماجدة من أي ارتداد أو استغلال او تزوير أو تحريف لمبادئها ، ودحر الارهاب الاخواني ، والتصدي لكل ما من شأنه تفجير الاوضاع الداخلية واراقة دماء الشعب وتمزيق الوطن المصري ، وسوف يقرر مصيره ومستقبله في صناديق الاقتراع القادمة . 

CONVERSATION

0 comments: