تحياتي أخي شربل بعيني
بشغف قرأت مقالك "رؤساؤنا .. ورؤسائهم" ، وباسم الصداقة اسمح لنفسي بالنسج على منوال ما بدأته أنت (على جماله وكماله). إذ بحرقة أرى الفارق الشاسع بيننا وبين الغرب، دون بادرة أمل تومض في أفق مهد الحضارات ومبعث الأديان السماوية الثلاث ومنبع أولى لغتين بشريتين وشرائع حمورابي.
إلى أي حينٍ أنت في زيِّ مُحرم
وحتى متى في شقوةٍ وإلى كَمِ
وحتى متى في شقوةٍ وإلى كَمِ
فإلا تَمُتْ تحتَ السيوفِ مُكرَّماً
تمتْ ، وتقاسي الذلَّ غير مُكَرمِ
تمتْ ، وتقاسي الذلَّ غير مُكَرمِ
بينما عدد من حكامنا يحاولون إلهاءنا بقشور نضالاتهم الكرتونية وبغبار أطلال عروبة باهتة ممجوجة، نحسد الغرب على كثرة المناسبات التي استقال فيها مسؤول غربي بسبب وقوع عدد قليل من الضحايا نتيجة انحراف قطار عن سكته، أو نتيجة لفيضان بسبب فشل مصلحة الأرصاد الجوية في التنبؤ بالطقس الصحيح، و/أوأحداث مشابهة.
هم يستقيلون ويتحملون المسؤولية لأنهم بشر حقاً، يقدرون قيمة الإنسان ويتحلون بحس بالمسؤولية. بينما أحد الرؤساء يختلق أعذاراً واهية تصدقها عقول طفولية سياسية بأن البديل عن "بسطاره" العتيد لحية مُقَمِّلة هو من يصنعها كي يخيف الآخرين بها لوضعهم بين خيارين مرين، مثال على ذلك فبركته لتنظيم إرهابي متخلف كفتح الإسلام الذي ألصق عليه "صنع في لبنان"، حين أطلق من سجونه سلفياً اسمه شاكر العبسي وزعمت أبواق الحاكم بأن شاكر فر من السجن، حيث، وبين ليلة وضحاها امتلك تنظيماً مسلحاً تمكن من احتلال مخيم نهر البارد دون ضربة كف، ولا إطلاق رصاصة واحدة، ولا اشتباك مع "فتح الانتفاضة" التي كانت زراً في عباءة الأمن السوري، والتي كانت تسيطر على المخيم منذ أن أخرجت القوات السورية منظمة التحرير الفلسطينية من الشمال اللبناني.
تاريخ ذلك الحاكم الملهم المهيب، وما ومن يمثل، حافل بتجارة الممانعة دون ممانعة، والمقاومة دون مقاومة على وزن أغنية سفيرتنا إلى النجوم "تعا ولا تجي" . من الأمثلة واحد ليس ببعيد زمنه، وهو واقع حقيقي يعرفه كل من عايشه من أهالي منطقة راشيا الوادي، ذلك الحدث يعود إلى العام 1985 حين انسحبت إسرائيل من منطقة راشيا الوادي ، حينها قام عناصر الحاكم المبجل، بالتنسيق مع نائب المنطقة في حينه، بتأسيس حركة حزبية جديدة أطلقوا عليها اسماً حضارياً جميلاً " حركة النضال العربي الديمقراطي" ، التي لسوء حظها ، فقدت نصيبها من اسمها بمجرد ولادتها حين احتضنت العناصر الذين كانوا منخرطين في ما يسمى بـ "جيش لحد" الذي كان من المعروف عنه بأنه مجرد مخلب قط لإسرائيل في الجنوب اللبناني.
من ابتلاه الدهر بتلك الذهنية يصاب بفقدان بصيرته ويضل في بحر الغرور، لن يتنازل الحاكم النصف إلهي عن كرسي ورثه عن أبيه رغم سقوط أكثر من مئة ألف قتيل بينهم ثمانية آلاف طفل، وخراب أكثر من نصف بلده ، وهو يعلم بأن ما كان لن يعود، ولكنه لا يريد أن يعلم بأنه يعلم.
أما بالنسبة لمن يدافعون عن محمد مرسي بذريعة انتخابه كرئيس شرعي، فهل يعرفون بأن من واجب المنتخب شرعاً أن يحترم الشرعية ؟ وهل تشمل الشرعية حل المجلس الدستوري و عزل النائب العام وإغلاق خمس قنوات فضائية والتهديد بفصل 3500 قاض و التفاوض مع خاطفي سبعة جنود وإطلاق سراح الخاطفين وعدم ملاحقتهم، هذا عداك عن تغاضيه عن تكاثر فتائل التحريض الطائفي ضد الأقباط ، وإقامة محامي الجماعة مئات الدعاوى ضد إعلاميين لإسكاتهم، هذا ليس سوى غيض من فيض.
كل ذلك التحاذق في تكميم الأفواه ذهب قبض الريح. مرت سفينة مصر بمضيق عهد قصير- طويل، البحر هائج، في إحدى زوايا السفينة هناك من يأمر: "على الربان الفاشل أن يتنحى لآخر يعرف كيف يوجه السفينة إلى بر الأمان" حتى ولو بعد حين.
محمود شباط
0 comments:
إرسال تعليق