مجتمعنا العربي وثقافة العولمة..!/ شاكر فريد حسن


اذا القينا نظرة فاحصة على مجتمعنا العربي الذي نعيش فيه نلحظ انه مجتمع استهلاكي تتآكله الامراض والأوبئة الاجتماعية الفتاكة ، وينخر في عظامه الفساد والانحلال والانحراف والفسوق والنفاق والرياء ، ناهيك عن الدجل السياسي والفوضى والتسيب الاجتماعي الذي يؤثر سلباً على القيم والأخلاق العامة .
ولا جدال في أن الثقافة التعولمة الجديدة ، التي غزت عالمنا وحضارتنا بقشورها وظواهرها الزائفة افسدت شبابنا ولوثت عقولهم وشوهت اذواقهم وفتحت لهم أبواب الملاهي والكوفي شوب والسخائف والانحطاط الخلقي وعمقت لديهم ثقافة الأكل والاستهلاك وعبادة المال عدا التهافت على السلبيات وفقدان الكرامة . علاوة على التقليد الاعمى الزائف في قصات الشعر وتعليق العقود في الرقاب والحلق في الآذان وسماع الأغاني الهابطة ومشاهدة الأفلام الاباحية الرخيصة الخليعة الى جانب ثقافة التعري واظهار مفاتن الجسد في السهرات وحفلات الاعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة ، والتخلي  عن الحشمة والشهامة وآداب الفضيلة والوقار .
وهذه الثقافة الوافدة افسدت الكثير من رجالات السياسة ، واضاعت الاستقامة وتلاشي القيم الروحية والأخلاق السياسية وغياب الوفاء والاخلاص للمثل والمبادئ ، التي غدت كالسلع تباع وتشترى بالمزاد العلني. وسقى اللـه أيام زمان حين كان العمل الوطني والسياسي نقياً ناصعاً كالثلج خالٍ من الانتهازية والنفعية والمصالح الشخصية والمكاسب الذاتية ، بعيداً عن المساومات والصفقات المالية واللهاث وراء المناصب والكراسي . وكان الصغير يحترم الكبير ويسمع كلمته ، وكان الطالب يبجل ويحترم معلمه الذي "كاد أن يكون رسولاً " ، وكان الأبن يصغي لكلام والديه ولا يقول لهما "أف أو ينهرهما" ، وكان مجتمعنا تسوده القيم المجتمعية وعلاقات التكافل والألفة والمحبة القائمة على الصدق والوفاء والنبل والنزاهة ، وكان الشباب أمل المستقبل ووقود الثورة والتغيير وحملة مشاعل الكرامة والحرية ،ويتمسك بالأخلاق ويغار على وطنه وبنات مجتمعه ومستقبل شعبه .
لفد تغير مجتمهنا في كل شيء ، في الجوهر والتفكير والمسلك العام والممارسة اليومية ، واصبحنا نشعر بالأسى والحزن والقلق جراء الوضع الاجتماعي والتدهور الحاصل في اخلاقياتنا ومسلكياتنا اليومية .
ان الوضع الراهن يتطلب علاجاً شافياً وتغييراً سريعاً وذلك بالتنشئة الاجتماعية الصحيحة وتهذيب النفوس وتربية ابنائنا تربية انسانية على اسس علمية ونفسية ووطنية صحيحة ، وحث الشباب لأخذ دورهم الفاعل في الحركة الشعبية النهضوية ودعوتهم الى الحياة الشريفة والكريمة ، التي تحفظ لهم كرامة النفوس والاوطان والتاريخ وتجعل منهم اعمدة ودعائم لمستقبل زاهر ومجتمع سليم معافى بعيداً عن ثقافة الاستهلاك والتعولم والمظاهر الشكلية الفارغة .

CONVERSATION

0 comments: