وكان الهدف من وراء عقد هذا المهرجان هو رصد التطورات الثقافية العربية الفلسطينية ، وكشف الملامح الرئيسية العامة في الساحة الفلسطينية ، والاشارة الى مدى اسهام شريحة المثقفين والمبدعين والمنتجين الفلسطينيين الباقين في وطنهم ، برفد الثقافة العربية الفلسطينية بكل ألوانها القزحية المختلفة.
وكان المهرجان عبارة عن يوم دراسي توزع على ثلاث دورات ، واختتم بأمسية فنية فلسطينية ملتزمة . فكان موضوع الدورة الأولى "الثقافة الفلسطينية ، الادب، الفنون التشكيلية، السينما"،والثانية:"النثر الفلسطيني، الرواية ، القصة القصيرة، المسرحية، النقد، الدراسات العلمية"، والثالثة :"الشعر الفلسطيني". بينما الأمسية الفنية ، التي ما زالت ماثلة امام عيني، فشملت قراءات شعرية ونثرية وأغاني وأناشيد شعبية قدمها عدد من الفنانين الفلسطينيين تحضرني منهم الآن: سمير الحافظ وأمل مرقس وريم بنا وغيرهم. في حين قدّم الممثل غسان عباس مقطعاً من مسرحية "المستنقع" التي كانت حظرتها الرقابة الاسرائيلية في حينه.
وفي حقيقة الأمر أن هذا المهرجان الثقافي الذي جمع غالبية المبدعين والمثقفين والمنتجين والعاملين في مجال الثقافة كافة داخل اسرائيل ،أثبت للقاصي والداني أن للثقافة العربية الفلسطينية جذوراً راسخة ممتدة عميقاً في التاريخ الكنعاني الفلسطيني . وأن هذه الثقافة لها خصوصيتها ونقائها وطابعها التقدمي الانساني ، وتتميز بواقعيتها وهويتها الفلسطينية . وكذلك أكد أن أدبنا هو أدب عربي فلسطيني ، وثقافتنا هي ثقافة عربية فلسطينية ، وهما رافدان هامان من الادب والثقافة الفلسطينية والثقافة العربية الانسانية والديمقراطية عامة.
ومن نافل القول، أن هذا المهرجان ، بابحاثه ومداخلاته، شكلّ لبنة جديدة في البناء الثقافي الفلسطيني وحدثاً ثقافياً هاماً وتظاهرة كبرى ضد الحصار الثقافي السلطوي ، وضد سياسة التجهيل والعدمية القومية ، وأستطاع استكناه جوهر ثقافتنا العربية الفلسطينية خلال عشرين عاماً ، بحثاً وتنقيباً وتحليلاً واستشرافاً . كما عكس الطاقات الابداعية الخلاقة التي يزخر بها ومجتمعنا وشعبنا ، وجسّد فكرة الخلق وروح الجماعة والعمل الطوعي ، المتوقد أبداً .
والآن بعد انقضاء ومرور 27 عاماً على هذا الحدث الثقافي التاريخي الهام والبالغ ، فإن السؤال المطروح : هل تتكرر تجربة هذا المهرجان مرة أخرى، أم أن لكل مقام مقال، ولكل زمان دولة ورجال؟!.
0 comments:
إرسال تعليق