من تاريخ الصحافة الفلسطينية في المنافي: مجلة "فلسطين الثورة"/ شاكر فريد حسن

شهدت الحياة الثقافية والاعلامية الفلسطينية في الشتات والمنافي القسرية صدور العديد من الصحف والمجلات والدوريات الثقافية والفكرية ، ومن بين هذه الدوريات مجلة "فلسطين الثورة" التي أنشأها في بيروت الأعلام الفلسطيني الموحد سنة 1973كمجلة اسبوعية مركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وتزامن اصدارها مع تأسيس وكالة الانباء الفلسطينية "وفا" ، واوكلت مهمة تحريرها للشاعر الشهيد كمال ناصر ، وبعد استشهاده تولى حنا مقبل رئاستها لفترة من الزمن ثم تسلمها احمد عبد الرحمن.
وعند اندلاع حرب تشرين صدرت المجلة يومية لتتابع وتواكب أخبار المعارك في الحرب ،كما صدرت يومية خلال حصار بيروت سنة 1982تحت اسم "صدى المعركة". وعندما استولت قوات الغزو الاسرائيلي على مركز الأبحاث الفلسطيني انتقلت المجلة بكوادرها الى قبرص ، حيث أقام الاعلام الفلسطيني الموحد مؤسسة عصرية اطلق عليها اسم "بيسان" وأخذت تصدر "فلسطين الثورة" بحلة جديدة ومستوى فني ملحوظ وخطاب اعلامي مميز، ما جعلها تحقق قفزة نوعية شكلاً ومضموناً ، مع الحفاظ على رسالتها . وراحت تضاهي الصحف العربية الأسبوعية ، وتحولت الى منبر ثقافي لادباء ومثقفي الأرض المحتلة.
وكان عمل في تحرير "فلسطين الثورة" عدد من الكتاب والصحفيين الفلسطينيين أبرزهم:محمد سليمان ، حسن البطل، سميح سمارة، محمود الخطيب، سامي سرحان وغيرهم.
اهتمت مجلة "فلسطين الثورة" بالأدب والثقافة ونشر ثقافة وفكر وأدب المقاومة ، والتركيز على الشؤون الفلسطينية ،وتبني سياسات ومواقف منظمة التحرير الفلسطينية تجاه القضايا الفلسطينية ، وغلب عليها الطابع السياسي والثقافي والأدبي ،ولعبت دوراً أساسياً في المواجهة والصراع كرأس حربة على الجبهة الثقافية من أجل صيانة الهوية الفلسطينية والحض على الثورة واستعادة الارض والتشبث بالجذور الفلسطينية ورسم ملامح المستقبل .وظلت المجلة أمينة ووفية للوطن وللبرامج السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
واستقطبت المجلة اهتمام الكتاب والأدباء والصحفيين الفلسطينيين، الذين رفدوها بالابداع الشعري والقصصي والأدبي والمعالجات السياسية والفكرية والتقارير الصحفية .
وواصلت المجلة صدورها حتى عودة كوادرها والقائمين عليها الى الوطن سنة 1994 في اطار اتفاق اوسلو .
ويمكن القول ، ان مجلة "فلسطين الثورة" كان لها اسهام كبير وفعال في تعميق الوعي والتعبئة الجماهيرية ونشر الثقافة الوطنية التقدمية والديمقراطية والانسانية والشعبية الفلسطينية ،والدفاع عن الهوية والانتماء، والحفاظ على التراث الوطني وحمايته ،وخلق علاقة جدلية بين الانسان الفلسطيني وواقعه الراهن . وقد حافظت على مستواها وأدائها واحتلت مركز الصدارة بين المجلات الفلسطينية المهاجرة ، وشقت طريقها بين صفوف الجماهير وهي تستلهم مضمونها الكفاحي التقدمي في النضال ضد الاحتلال وفي سبيل الحرية والاستقلال.

CONVERSATION

0 comments: