في حضرة المقاومة الرقمية/ صائب شعث

يوم الأحد السابع من إبريل ،  شكل علامة فارقة في صراع  قوى المقاومة العربية و حلفائها حول العالم  مع  قوي الاستعمار  الغربي الإمبريالي الجديد  و الرمز الأكبر  له  و التجسيد الأشد بشاعة للظلم والقهر و الاستعمار الإجلائي  الإحلالي  حول العالم ,  الكيان الصهيوني " إسرائيل".
قوى المقاومة  العربية و حلفائها تستخدم  قدراتها المتعاظمة في الحرب الإلكترونية باحترافية و معرفة تحسدها كثير من الدول والقوى العالمية عليها .هذه ليست المرة الأولي التي تسخر المقاومة قدراتها التقنية العالية ، في عدة جولات معلنة وغير معلنة ضربت المقاومة العربية في حرب استنزاف إلكترونية العمق الصهيوني و بعض أجنحة و مؤسسات الإمبراطورية الأمريكية.
 في عام ٢٠١١ قامت مجموعات من النشطاء الهاكرز  بضرب عمق الفضاء الافتراضي الإلكتروني للكيان الصهيوني، انتقاما من الحروب الصهيونية الإجرامية على غزة. لقد صَعقَ الجناح المقاوم الإلكتروني لحزب الله ،الإمبراطورية الأمريكية و مسخها الصهيوني  عندما أطلقت مقاومته الإلكترونية بالتعاون مع  الجيش الإلكتروني السوري و بتنسيق دقيق مع المقاومة الإلكترونية الفلسطينية في غزة، طائرات المقاومة  بلا طيار، حلقت  فوق المفاعل  النووي  الصهيوني في ديمونة وأرسلت معلومات وصور مباشرة لقواعدها.
لم يتمكن الكيان الصهيوني بكل ما منح له و اغدق عليه من تكنولوجيات الإمبراطورية الأمريكية وتوابعها في غرب أوروبا, من إنزال الطائرة أو اختراق برمجياتها ،  لا بل فشلت ,كاشفة بهذا الفشل للعالم تقدم الذي المقاومة تكنولوجياً في المجال الإلكتروني، مما اضطر الكيان الصهيوني  إلى استخدام مقاتلات أف ١٦ و تفجير الطائرة في سماء فلسطين. المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله قالت آنذاك إن هذه  هي العملية الوحيدة  من الرحلات الاستطلاعية العديدة  التي قامت بها طائرات المقاومة بلا طيار فوق فلسطين، التي  تمكن الكيان  الصهيوني من كشفها.
تعلم أمريكا بأن  ايران حققت  إنجاز ونصراً عسكرياُ عملاقاً باختراق جيشها الإلكتروني للطائرات الشبح الأمريكية بدون طيار، وإنزالها سليمة تماما في أراضي الجمهورية الإسلامية و استعادة كل المعلومات التي في جوف أجهزتها الإلكترونية غاية التعقيد والدقة , واكتشاف  أسرار و طرق تصنيعها. وعرضت محطات التلفزة الإيرانية  سرب كامل من  هذه الطائرات  تصنيع محلي إيراني. نجحت ايران باكتشاف أسرار تصنيع  هذه الطائرات  وتكنولوجيتها السرية، من خلال استخدام هندسة وبرمجة اختراق إلكتروني عالية الاحتراف والتقدم   'Reverse  Engineering'نحن نعلم اليوم بأن هذه القدرات وضعت في خدمة المقاومة العربية أيضاً. 
شكل يوم  الأربعاء  السابع من إبريل محطة تاريخية مهمة على صعيد الصراع العربي الصهيوني، انه  يوم شطبت المقاومة الرقمية العربية فيه أسطورة التفوق التكنولوجي للإمبراطورية الأمريكية و مسخها الصهيوني  في المنطقة ، كما شطبت المقاومة أسطورة العدو العسكرية الذي لا يقهر في غزة وفي لبنان، من قبل.
يوم يكتشفُ فيه العالم  بان النضال الأسطوري للشعب العربي  الفلسطيني الفعلي هو  بعيدا  كل البعد عن سُلطات أو دويلات اتفاقية أسلو و إفرازاتها المتقيحة، على شكل  قيادات تتسول على بوابات الإمبريالية الغربية و الدائرين في فلكها. النضال التحرري الفلسطيني بعيداَ كل البعد عن هذه الأمراض و تقيحاتها. النضال يأخذ كل الأشكال و اثبت بان معسكر المقاومة الحقيقي  له عمق استراتيجي  في قلب  الضمير الأممي الإنساني الحي، يلتحم  و يتوحد مع فلسطين في المها و في نصرها القادم.
صورة العربي المناضل و المقاوم الرقمي
اكتشف الكيان الصهيوني  و عملائه بان المقاومة وأصدقائها في العالم  قادرون على توجيه ضربات موجعة ومتتالية ضد  ألة حرب الكيان الصهيوني العنصري و مؤسساته كافة. لقد  تجلت اليوم  صورة الفلسطيني العربي والأممي  المناضل  المقاوم الرقمي ، المتطور جداً،  هذا المقاوم  يشطب الصورة النمطية التي  صنعها و سوقها الغرب الإمبريالي والصهيونية بتمويل و مساعدة  مشيخات الخليج .
إعادة الصياغة و التشكيل لصورة الشباب العرب النمطية المقبركة من قبل المؤسسات الغربية والصهيونية وقولبتهم على أنهم دمويين و جهلة و هم جحافل من البرابرة المتعطشة للدم في ليبيا و مصر و سوريا. الإعلام المؤسساتي الغربي الصهيوني  ينقش في عمق الراي العام  العالمي  صورة هذا الشباب العربي الذي يشكل الفرق الإرهابية المتطرفة التي تتدفق من تركيا و لبنان على بلاد الشام و تدمر في أوطانها. وسائل هذا الأعلام أيضا  في المشيخات الخليجية  تقول للعالم بالصورة لا الكلمة  أن هؤلاء العرب لا يستحقون الأوطان ، فما بالكم  بالثروات  النفطية والغازية و المعدنية والزراعية , علاوة علي الموقع الجيوبولتيكي الأهم في العالم.
 ينشغل الغرب  الإمبريالي ،  الولايات المتحدة ، "إسرائيل"  ، بريطانيا و فرنسا و عملائه من الأتراك و الرجعية العربية  بترويج  حلولهم  للمشكلة التي صممت في معاملهم " بالتدخل الإنساني " كما في ليبيا ، فوجب وضع هذا الشباب العربي  و دياره   تحت الوصاية  الإمبريالية الغربية  وحلفائها لحماية الإنسانية من همجية الشباب العربي، لحين إعادة تأهيلهم ليلتحقوا بالشعوب المتحضرة.
نحن ندرك عمليا بان  الغرب الإمبريالي  يعيد تفتيت المنطقة و يحول الأوطان إلى  مستوطنات و محميات بفعل مخطط دفع الشباب  للتصادم مع ذاته القومي و الوطني،  دينيا، طائفيا، قبليا، مناطقيا و عرقيا. في العراق، السودان وليبيا، النفط الغاز والمعادن تتدفق في أمان و سلام إلى بلدان المستعمر الجديد- القديم. هنا  يحضرني ما  حدثني به طبيب صديق لي من ليبيا الجريحة، يقول : " الغريب يا أخي أن كل قرية في صراع مع جارتها  من القري الأخرى، و كل قبيلة في صراع دامي مع  قبيلة  أخري، وكل مدينة تتصرف كدولة مستقلة  ذات سيادة بكل ما تحمله الكلمة من .  يا صديقي حالنا مرعب فالبلد في فوضى و فلتان امني مخيف... وحدها فقط  مناطق حقول النفط و ممرات أنابيب النفط و موانئ تصديره يسودها الأمن والأمان  ،والله يا صديقي  أتمنى أن اسكن في أنبوب نفط لأضمن سلامة أطفالي". 
نجح الشباب العربي المقاوم في إسقاط القوالب النمطية وبوصلته تشير نحو عدوة.
الشباب العربي الذي يخوض غمار الحرب الإلكترونية الآن يتصدى لتلك المشاريع التي نجح بعضها و سينجح الشباب حتما و يوقف خطط التآمر و حروب التدمير على دياره. الشباب العربي نجح اليوم في إسقاط  القوالب النمطية المصنعة خصيصا لشيطنتنا و تحقيرنا و إذلالنا ثم  استعبادنا  و سلب أوطاننا،  هذا الجيل قادر اليوم على تطهير المنطقة من هذه الفيروسات المصنعة والمدربة في المعامل و المزارع البيولوجية  الصهيونية والأمريكية والتي تنشر وباء القتل و الجهل والمرض بيننا.
انه الجيل المقاوم الذي تشير بوصلته الوطنية إلى عدوه  و مغتصب أراضيه و ها هو يهاجم عدوه لا  دياره، هو الذي سيغير المنطقة ومستقبلها و سيطور ويبني نموذج مجتمعي متقدم لا مكان فيه للتجهيل والاستعباد  والسلب والنهب و الوصاية على مقدراته و مستقبل امته من دول و شركات معولمة عابرة للقارات و مستعبدة لشعوب المنطقة و سالبة لثرواتها.
في حضرة المقاومة الرقمية
أننا في حضرة المقاومة الرقمية، خلاياها تتكاثر و تتضاعف و تشتد قوة و عنفوانا في غزة، رام الله ، الرباط ، الجزائر، تونس، الإسكندرية ،البصرة، طهران، دمشق، الكويت، إسلام آباد، موسكو  ، كوسوفو، سدني ، مدريد . أنها كونية أنها زئبقية، لا راس لها ، و هي  على درجة عالية من التنسيق والفاعلية. هذه المقاومة فلسطين قبلتها  والنقطة الملتهبة في نضالها ضد المسخ الصهيوني، تمتلك رؤية شديدة الوضوح  لمعسكر الأعداء و الأصدقاء، ومن المفارقات التي تستحق الكثير من الانتباه، المعلومات التي نشرتها مجموعة " فيفا بلاستينا استراليا " على شبكات التواصل الاجتماعي قالت: "فور ضرب مواقع إلكترونية إسرائيلية حساسة على شبكات التواصل الاجتماعي  وإسقاط مواقعها من على شبكة الإنترنت لاحظنا اختفاء عدد كبير من مواقع وصفحات المعارضة السورية المسلحة و مجموعاتها من على  صفحات التواصل الاجتماعي و شبكة الأنترنت" .
  المقاومة الرقمية أثبتت بانها قادرة  على إنجاز مهمة  شطب أسطورة التفوق التكنولوجي للصهاينة . اليوم يتعرف العالم  اجمع على أن النضال الأسطوري الفلسطيني  يتعاظم و يأخذ أكثر الأشكال ذكاءً و يطلق اعظم الأفكار الإنسانية  الهادفة للجم الظلم و الطغيان  و تحقيق العدالة النسبية بين شعوب الأرض.  هذه الأفكار  تنتشر  كوباء جميل و يصيب بالعدوى المباركة المزيد  والمزيد  من الشباب الأممي و يضمهم لمعسكر  محبي العدل وأصحاب القيم الحضارية والإنسانية الأصيلة.
مجددا، برهن الشعب العربي  و خصوصا الفلسطيني، بانه يمتلك عمق استراتيجي أممي  مستمر و متطور و ينمو في الضمير الأممي  و الإنساني، يشتد  هذا العمق في تلاحمه  و توحده  كشريك فاعل في النصر القادم. هذا الشعب  الرائع يستحق الحياة  الكريمة بجدارة .
صائب شعث
مفكر عربي

CONVERSATION

0 comments: