الدين بين الدنيا والإدارة/ ايمان حجازى

أتذكر عندما زاد الظلم وإنتشر الفساد وسادت الرشوة والمحسوبية وأصبح الإنتحار هو رد المتفوقين على عدم إيجاد فرص للعمل أو لإثبات الوجود قبيل قيامنا بالثورة

أتذكر أن هذا كان من ضمن الأسباب الداعمة لقيام الثورة الى جانب زيادة الأسعار والجهل الذى إنتشر وزيوع الأوبئة والأمراض مع إنعدام وجود الأدوية ومع إنهيار منظومة العلاج وتلاشى أماكن التداوى الحضارية التى تثبت للإنسان إنسانيته

أتذكر أيضا أن نسبة الأمية وزيادة منحنى التجهيل والتغييب وإنتشاره على المستوى التعليمى بصفة خاصة وعلى المستوى الشعبى بصفة عامة ومحاولة حصار الشعب فى دائرة لقمة العيش مع بعض الترفيه السينمائى المهيج للمشاعر المؤجج للشهوات والتى تأخذ الشعب بأغلبيته الى غرف النوم وما خلف الأبواب وهذا فى الأغلب الأعم , وما هو خارج ذلك السياج يوجد كرة القدم وبها ومعها حدث ولا حرج  من تعصب أعمى

أتذكر أن هذا كان حال الشعب الذى فجأة إستفاق منه ونزع عن نفسه عباءة العار وثار وأسقط رؤوس نظام إعتبره هو أصل الفساد وإنتخب بعد فترة رؤوس نظام جديد كان يظن أنهم يحملون له الخير الكثير!!!!!

وقت أن إختار الشعب هذا الخيار , والحق يقال , لم أكن ممن إختارو , ولم أكن ممن أطلقو على أنفسهم عاصرو الليمون , أيضا حاش لله أن أكون فلولية ولا عسكرية , ولكنى آثرت أن أكون أكثر إتساقا مع نفسى وقد كان لزاما أن أقول لا للعسكر لا للإخوان لا للسلفيين لا للفلول , ولكن برغم ذلك عندما تم الإستقرار على مرسى رئيسا لمصر فوجدتنى وقتها أحدث نفسى – فى لحظة صدق مع النفس -  فقلت فى إحدى مقالاتى أنه أول رئيس للجمهورية يهرب من مزنق ال 50 % فى الثانوية العامة وواسطة لإحدى الكليات الحربية أو الشرطية أو ما الى ذلك , أول رئيس حاصل على مؤهل عالى بإحتراف فسيادته حاصل  على دكتوراه من أمريكا فى الفلزات أى أنه عالم ,, وأى إنسان مهما كان إتجاهه السياسى أو الفكرى له أن يفتخر بهكذا رئيس !!!

وعندما زاعت الأخبار وإنتشرت عن توخيه الأمانة وأنه يسافر عبر الطائرة الرئاسية بمفرده وأهله يستقلون طائرة مصر للطيران فى طريقهم الى العمرة على نفقته الخاصة وهذا ما تداولته الجرائد , أما عما تم تداوله فى محيط عملى من أشخاص موثوقين هو إطعام الرجل للحرس الخاص به من ماله الخاص وعلى طريقة تتم كثيرا فى بلدتى , وقتها قلت بكل فخر إنى سعيدة جدا وأفتخر بأن هذا الرجل هو رئيسى وإعتبرته دينا وعلما فقلت إن مصر صابت كبد الحقيقة حينما ترأسها هذا الرجل !!!

ولكن سرعان ما خابت فيه الآمال فلا حفظ عهدا ولا بر بوعد , بل والأكثر من هذا نفى عمله بوكالة ناسا التى كان قد أكده هو بنفسه من قبل , وبدى كثير الكذب وكثير الحنث بالوعود ,, فغامت معه رؤيا الدين وفضل الدنيا عندما أظهر محاباته لأهل الجماعة أهله وعشيرته , وفشل إداريا وسياسيا على كافة المستويات عندما تخاطب مع العدو الصهيونى بالصديق العزيز وتمنيه لما أسماه دولته بدوام الرقى ... فعل ذلك وهو يعلم تمام العلم بأنه ليس بمصر كلها بيتا واحدا يخلو من جرح خلفه هذا العدو الصهيونى ,, فعل ذلك رغم أنه يعلم وربما يكون قد ثار مع من ثار ضد المخلوع عندما هنأ العدو الإسرائيلى قبل عام على الثورة بذكرى إعلانه دولة  !!!

عندها تذكرت واقعة – فى سياق المقارنة على مستوى المحيط القريب – مع بداية عملى كان لى مدير كان يبدو متدينا جدا وكان يهرع الى الحمام ليتوضأ فور سماعه الآذان ويغرق الأرض ويغرق نفسه فى محاولة لإسباغ الوضوء ويصلى بالناس إمام , وكان يبدو على علم الى جانب التدين , ولكن على الجانب الآخر كان إذا وقفت أمامه سيدة لتحادثه كان يكاد أن يخترق عليها ملابسها بحثا عما تداريه عنه تلك الملابس من جسدها ضاربا بكل القيم وبكل الموجودين عرض الحائط فلم يكن فى هذه اللحظة إلا ذكر يبحث فيمن تقف أمامه عن الأنثى وكفى ناسيا أو متناسيا العقل والمنطق وحتى آداب التعامل .......... بينما كان على الجانب الآخر يوجد مدير آخر ربما لم يكن على نفس الدرجة من العلم ولا التدين ولكنه كان – من وجه نظرى أو ما يبدو عليه – أنه الأرفع أخلاقا وترفعا عن عورات الناس وكان هو الأنجح إداريا بشهادة جميع من تعاملو مع كليهما !!!

معنى هذا أن الإدارة وإن كان من الضرورى لها تواجد الضمير الحى النابع من ايمان حقيقى وقلب صافى وأخلاق عليا إلا أنها لا ترتبط 100 % بمظاهر التدين ولا المراءاة !!!! ولأن محراب المؤمن هو قلبه ولإن المولى جل وعلا أمرنا بألا تدرى يدنا اليسرى بما تنفق يدنا اليمنى بمعنى الحرص على سرية الدين ولأن المؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف .......... فلكل هذا وعليه فإن الإدارة لا ترتبط أبدا بمظاهر الدين

والقول المأثور هنا أو ربما هو حكمة صينية لا أدرى مصدر القول بالضبط – وهذا للأمانة – وفى الواقع هو ليس مهما , المهم هو معناه أو ما وراءه , حيث قيل بأنه إذا تصادف نزول كافر ومؤمن البحر وهاج الموج وأخذت الإثنان الدوامة فلن ينجو منهما إلا من خبر البحر وأجاد العوم حتى وإن كان كافرا , فلو كانت بلدنا سفينة والإقتصاد والسياسة العالمية والأمن الداخلى ومعايير الصحة والسلامة والأمن والإيجابيات الأخرى التى تضمن القضاء على الأمراض والأوبئة والجهل والتخلف هى التحديات التى يفرضها قانون البحر بموجه ودواماته فيجب أن يكون القائد فى هذه الحالة هو القادر على الإدارة حتى وإن أعيد إستنساخ أبو لهب أو النمرود ويجب علينا جميعا إطاعته والسير على خطاه إذا إلتمسنا منه رشدا حتى تصل سفينتنا الى بر نجاة على كافة المحاور والأصعدة وقتها يكون وقت البحث عن التدين ومظاهر الدين وأنا أكيدة أننا سنجدها فى ضمير وعقل وقلب كل منا فمن لم يخدع نفسه لن يخدع غيره والمسلم لا يكون كذابا ولا سبابا ولا لعانا وكفى !!!!!

ألا هل بلغت اللهم فإشهد

CONVERSATION

0 comments: