حسم الشعب الإيراني أمره وأنتخب الشيخ حسن روحاني رئيساً لجمهورية ايران الأسلامية خلفاً للرئيس محمود احمدي نجاد وذلك من الدورة الأولى خلافاً لكل التوقعات المحلية والغربية، ووسط اصدار برقيات التأييد من زعماء عرب ومسلمين ومن قادة اوروبيين وأميركيين .والأصوات التي نالها الشيخ روحاني هي من المتشددين ومن الأصلاحيين ومن المستقلين ، ولهذا لا يمكن احتساب الشيخ روحاني على أي طرف دون الأخر بل جاء نتيجة تسوية ارادها الشعب وليس القوى السياسية ولا التيارات الفئوية .
ومن المؤكد ان المهام الملقاة على عاتق روحاني كبيرة ومعقدة جداً لأن التركة التي ورثها من سلفه نجاد ثقيلة بدءاً من الوضع الأقتصادي الداخلي المتردي ، مروراً بعلاقات اقليمية متوترة ، وصولاً الى علاقات دولية شبه مقطوعة .
وإذا كان من المبكر استشراف الخطوات الفعلية التي سيقوم بها روحاني عند استلامه الدستوري لمهام الرئاسة إلا انه من الممكن استلهام الخطوط العريضة لسياسته من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده والذي تحدث فيه عن كل الملفات دون استثناء .فالشيخ روحاني سيعطي الأولوية للملف الأقتصادي الداخلي بعد ان تدنت قيمة الريال وأرتفعت اسعار كافة المواد وزادت نسبة البطالة وأصبح راتب أي موظف لا يساوي عُشر ما طرأ من تضخم كبير في اسعار المواد المعيشية والأحتياجات الحياتية .
وسيكون الملف الثاني مع دول الجوار وتحديداً مع المملكة العربية السعودية موضع الأهتمام الأول على المستوى الخارجي لأن العلاقة بين الرياض وطهران مرت بأسوأ احوالها مع ولايتي الرئيس نجاد على خلاف ما كانت عليه اثناء ولاية هاشمي رفسنجاني وولاية محمد خاتمي .فإيران تعلم انه لا يمكن لها الحديث عن امن اقليمي دون التشاور والتفاهم مع السعودية ، كما لا يمكن لها العبور الى العالم العربي دون المرور اولاً من البوابة السعودية .
ثم سيولي روحاني اهتماماً خاصاً بالملف النووي بعد ان وعد بأنه سيكون شفافاً في التعاطي مع الغرب إزاء هذا الملف ولكن مع تأكيده بأنه لن يتخلى عن تخصيب اليورانيوم اياً تكن درجته لأن هذه المسألة حسب رأي كل المراقبين من الأمور الإستراتيجية التي تهتم بها عادة دوائر الأمن القومي في ايران وليس دوائر رئاسة الجمهورية .وتأتي لاحقاً عملية البحث عن تطبيع جديد للعلاقات بين اميركا وأوروبا والتي قد تستهلك كافة سنوات حكم روحاني دون ان يتحقق بشأنها أي تقدم لأن الخلاف هو خلاف وجودي متعلق بالنهج ،والثقة ،ومواضع النفوذ لكل طرف ، وبمكامن القوة ، وبتقاسم الحصص بدءاً من باكستان وأفغانستان وصولاً الى جنوب لبنان وما بين هذه المواقع الجغرافية من دول مثل العراق وسوريا وفلسطين والأردن والبحرين والكويت .
اما عن مستقبل العلاقة بين طهران وحزب الله فإن الشيخ روحاني لم يتطرق الى هذه المسألة حتى لا يتعدى على صلاحيات مرشد الثورة السيد علي خامنئي .وعندما سئل عن سوريا فقد كرر نفس ما تقوله دوائر القرار في ايران بأن هذه المسألة تخص الشعب السوري ولا يحق لأي طرف خارجي فرض أي موقف او التفرد بإتخاذ أي قرار .وبمعنى أخر يمكن القول ان الشيخ روحاني هو شخصية وسطية بحيث سيكون نصف متشدد مع الغرب ونصف اصلاحي مع العرب دون ان يعني ذلك انه سيتعارض في توجهاته مع السيد خامنئي الذي سيترك له هامشاً من حرية التحرك كما سبق وفعل مع الرئيس محمد خاتمي . وهذا ما يدحض نظرية القائلين بأن انتصار روحاني كان هزيمة للسيد خامنئي
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي
0 comments:
إرسال تعليق