وضعنا الشّمسَ مرتكزاً مدارا/ كريم مرزة الاسدي

إهداء للأديب الرفيع زاحم جهاد مطر عقبى إهدائه مقامة بديعة لكاتب هذه السطور(*) 
(من الوافر)
وضعنا الشّمسَ مرتكزاً مدارا
أبــــــتْ إلاّ يهيمُ بها الغَيارى
فراحتْ  تُشْبعُ الآفـاقَ نوراً
وما جحـدتْ يمينـاً أو يسارا!
وسارتْ بينَ ديجورٍ وجورٍ
فشعشعَ عـدلـُها يلجُ الدًيـارا
وقالتْ شيـمتي تأبى ومجدي
"سحائبُ ليس تنتظمُ" القفارا(1)
فمـدّتْ ترفدُ الصحرا بجــارٍ
وقد جابتْ جواريها الجـوارا(2)
وكانتْ خصْـبة ًضوءًا وماءً
فما قحـلتْ ولا غبرتْ غبارا
لها رأدُ الضحى وأصيلُ شمسٍ
فمدّتْ في بسيـطتها النوارا
ألا لله يا بغـــــدادُ مجداً
تعثّرَ بيـــنَ تيمورٍ عِثارا
 فهمّـتْ عتمة ٌ تعلو علاها
ومـا ذاقت لياليها النهـــارا!
ترومُ ســــيادة ً للظلمِ عسْفاً
وإنْ رسمتْ على الجيلِ افتقارا
وتنهـشُ في لحومِ الفكرِ خسْفاً
ومَنْ خَصِم العقولَ هفَ انهيارا
فمــــــا عيش الفتى إلاّ هباءً
وما فكرُ الفتـــــــى إلاّ  بحارا
فولّتْ في حشى الأيّامِ صغراً
وكلُّ صغيرةٍ تلُدُ الصغـــارا
**
ألا يا زاحمُ : الدّنــيا توالتْ
يزاحمُ بعضها بعضاً دمــارا
فكم برجٍ ســــــتزرعُ للبرايا
مقامتُكَ الرفيعة ُكي تُـــدارى!
وجـــــرأتكَ التـي أدمغتَ فيها
نفاقّ الدّهرِ،هل تجدي شعارا؟
فمَن نظرَ الحياةَ بعمرِ فردٍ
أضلَّ خلـــــــودَ أمّتهِ عَوارا
فيــــــــأتي غيثهُ غضباً عليهِ
ولا يُبقي ولا يــــذرُ اخضرارا
إذا مـــــــا النفسُ ما قرّتْ بعينٍ
فلا ركدتْ ولا قـــــــــــرّتْ قرارا !
**
ألا يا زاحمُ:الأشـواقُ عمرٌ
قضينـاهُ اغتراباً واجترارا
فلا جدَّ الجديدُ سـوى جهادٍ
لنفـــسٍ جُرّعتْ منهُ مرارا
حللّتُ بموطني أمــــلاً بظنٍ
يراودني ، زهوتُ بهِ افتخارا 
فرشتُ الأرضَ بعد النأي طوراً 
" أقبّلُ ذا الجدارَ وذا الجدارا"(3)
وطوراً ذابَ في نفسي هياجٌ
يؤجّجني بمــــا أمّـلتُ طارا
فكمْ من ْ (مريمٍ) خلدتْ بخلدٍ
ولم تألفْ شراراً أو عــــرارا!(4)
فحاورها الجبانُ بلغمِ غدرٍ
وما ذاقتْ براءتُها الحوارا
بأيِّ مشيئةٍ جرمَ بْنَ حقدٍ
تشتتَ شملَ وادينا فجارا
ألمْ تكُ (مريمُ الفيحاءِ) يوماً
لفــــاطمةٍ وعائشةٍ جوارا ؟!  
رأيتُ بسـاحتي حجراً لئيماً
يُعدُّ لمثــمرٍ يَهدِ الثمــــارا
 ولمّا زانهُ  ســهرُ الليالي
وشبَّ  يـراعُهُ يملي اقتدارا
أضــــاعوهُ وأيّ فتىً أضاعوا
لـــــــعمركَ والأنامُ تُدكّ ُعارا
فللخلدِ البقاءُ لمـــــن تغاضى
سيجعلُ أمــــــرَ جاحدهُ اندثارا
فغيُّ الجـــــهلِ ســــرٌّ يزدريهِ
ونورُ العلمِ  يفضحهُ جــــــهارا
ومَنْ ظنَّ  العراقَ بلا شموعٍ
ستهديهِ ، وإنْ خفقـتْ مرارا
فـــإنْ جُمِعَ العراقُ بعزم حزمٍ
يكـــــــــنْ في رافديهِ أعزّ  دارا
فعشـــــــــــــتارٌ  ستحييهِ نخيلٌ
  لتســـدلَ فوقَ هـــــولاكو ستارا !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من وحي الابراج "   (*) 
الاهداء: الى كريم مرزة الاسدي
مقامة برج الاسد / زاحم جهاد مطر
مهنيا: بعد الشكرِ والحمدِ، للربِ الصمدِ، سلمتُ وصليتُ، على موسى وعيسى واحمد، ووكدتُ لوكدي، وقصدتُ لمقصدي، لأكتب عن برج الاسدِ، وعذرا يا صاحب برج الاسدِ، فقد اهديت هذا الحديث السرّدِ، الى كريم مرزه الاسدي، الحاذق لفنون الادب المتجددِ، والعارف العالم كالمجتهدِ، والجواد الجود كالجودِ، وحق الله الواحد الاحدِ، وجدته هو الاتي باحدى الاحدِ، ولم يرد في خَلدي، انه سيغيب عن المربدِ، كغيره من اصحاب الحرف الخُرّدِ، وهذا ما رأته عيني وذاقته يدي، ولست اعلم ان كان برجه برج الاسدِ، او برج الميزانِ او الجدي، هكذا حالنا يا ولدي، ضياع بين عدو اسود الكبدِ، صاحب الامر الحددِ، وبين صديقٍ جاهلٍ مترددِ، اوغبي الكدِ، او ضعيف اوهدِ، لا يفرق بين قرشت وابجدِ، وصار امرنا في اللحدِ، والامل البعيد صار اكثرَمن الابعدِ، وارضنا اكثر جدبا من الجَدجَدِ، وانيسنا في الليل صوت الجُدجُدِ، ونقضي يومنا بين برق ورعدِ، ودخان ووقدِ، وصار غيثنا ياتي بعد الاوان والموعدِ، ليحرق الاخضر الباقي كالبردِ، ونحن في اخذ وردِ، وجذب وشدِ، وعراك محتدِ، وخصام ممتدِ، وقتل عمدِ، فكيف لا نكون في مشقة وجهدِ، وقد حكم علينا بالمؤبدِ، ان نساق كالخروف والجدي، او كالاسير المقيدِ فبأي امام نقتدي، وبأي تفسير نهتدي ...  توجد المقامة في موقعي النور والمثقف الرصينين...  "
(1) إشارة وتضمين لبيت أبي العلاء المعري :
فلا هطلتْ عليَّ ولا بأرضي *** سحائبُ ليس  تنتظمُ البلادا
(2) بجارٍ : يعني براتب شهري ، كان في العصر الأموي والعباسي يطلق على الراتب : الجاري . ، وجواري الكنس للشمس وهي : زحل والمشتري وعطارد والمريخ والزهرة ، استعارة عن الولايات التابعة للدولة العباسية ، أبان ازدهارها .
(3) عجز لبيت مجنون ليلى :
امرّ على الديار ديار ليلى *** اقبل ذا الجدار وذا الجدارا.
(4) (مريم علي) طفلة عراقية ، لا يتجاوز عمرها ست سنوات ، قتلت ضحية التفجيرات الإرهابية في أحد مساجد الحلة الفيحاء  ، عرّجت إلى بارئها  كملائكة الجنان تشكو لربها ظلم الإنسان الشرير لأخيه الإنسان حتى لو كان هذا الإنسان طفلة تلهو بدميتها ، لعنة الله والتاريخ على الظالمين .   

CONVERSATION

0 comments: