الكلام والناس: الدم حرام/ حسام فاروق


عندما يتحول الدين إلى تجارة دنيوية أو وسيلة للتربح والظهور فكل الطرق تؤدي إلى الفتنة وكل الصور من الممكن أن يكسوها الدماء فالتقاتل للمصلحة الشخصية في غيبة الضمير الإنساني هو آفة المجتمعات المادية التي يكون مصيرها في النهاية أنها تقضي على نفسها بنفسها.. الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية تدعو إلى السماحة والسلام ونبذ العنف, وفي تاريخ الدول والشعوب لم تفلح كل محاولات ربط الدين بالسياسة, و من لا يقرأ التاريخ ويعتبر فهو خاسر ..
 الآن يشهد الشارع المصري تظاهرات كبيرة , فئات كبيرة من الشعب خرجت لتعبر عن رأيها وترفع مطالبها أمام الحاكم وفي المقابل خرجت فئات أخرى تؤيد الحاكم وترفض الانصياع لمطالب الفئات الأولى وكل فئة تحشد لنفسها وتحاول جذب المزيد من المتظاهرين إليها وهذا مقبول وحق مكفول للطرفين لكن ما هو ليس مقبولا أن يزج فريق منهما بالدين كأداة للحشد كان يكفر متظاهري الفريق الأخر ويصفهم بأنهم أعداء للدين والمشروع الإسلامي ويصف ملتقى الجمعان بأنه غزوة دينية لابد أن ينتصر فيها الدين والحق من وجهة نظره على أعداء الدين من الخونة والعملاء , ويتوعدهم بالسحق والشنق وما إلى غير ذلك من التهديد والوعيد , طبعا لا أحد يملك صكوك الغفران ليوزعها على الخلق سوى الخالق عز وجل ولا أحد يملك تكفير هذا أو ذاك , فما لله هو لله ولا احد يتدخل بين علاقة العبد بربة والدين ليس فقط لحية وجلباب إنما أخلاق ومعاملة , ولو أستخدم العقل وعلى صوته لأدرك كل فريق بأن الدين مكانه المساجد وحلقات الدرس والسياسة لها مؤسساتها وكلاهما يسير في خط متواز و الدول المتقدمة تقوم على العدل لا على الشعارات الدينية والتكفير ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة ، ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام .
يا سادة اخرجوا الدين من اللعبة السياسية طالبوا ما شئتم بالتغيير والإصلاح واطرحوا أفكاركم كيفما أردتم في أطر ديمقراطية , تظاهروا بالملايين ما استطعتم لكن لا تأخذوا الدين سلما لمقاعد السلطة فهو أسمى وأنقى وأرقى , العبوا سياسة فقط , لا تستقطبوا البسطاء من الشعب بحجة نصرة الدين وتبتغون نصرة أنفسكم ومصالحكم وأهلكم وأعوانكم و مطامعكم الشخصية , وتذكروا جيدا قول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه

CONVERSATION

0 comments: