لكل هذه الأسباب "فشلت " مقاطعة سيدي البرنوصي ، في أسبوعها الثقافي والفني الأول/ علي مسعاد

لم يكن ، ليدر بخلد الفنان الفكاهي المراكشي " فركوس " ، أن الدموع التي ذرفها ، تلك الأمسية الفنية ، كانت تعني ، الشيء الكثير ، بالنسبة للنخبة الواعية والمثقفة ، وإن كانت دموع " الخيبة " ، خيبته الكبيرة ، في جمهور حي البرنوصي ، الذي اعتقد للحظة ، أنه سيستقبله بالأحضان ، باعتباره ضيفا أولا ، قبل أن يكون ، وجها فنيا " مشهورا " ، جاء لتنشيط الحفل الفني ، إلى جانب العديد من الوجوه والأسماء الفنية المعروفة .
وأن خشبة المركب الرياضي ، التي كان المفروض فيها ، أن تكون ، منبع الفرجة والفرح
أصبحت ، تشهد على دموعه ، التي تساقطت ، جراء الصراخ ، الصفير والكلمات الساقطة التي أجهش ، على وقعها ، بالبكاء ، والدي إن دل فإنما ، يدل على أنه علامة ، من العلامات البارزة ، على " فشل " اللجنة المنظمة ، في تنظيم أسبوع ثقافي وفني ، في أولى خطواته ، يفتقر إلى أبسط الشروط الثقافية .
وماذا ، كانت " الجهة المنظمة للمهرجان " ، تنتظر من جمهور ، ولد في مناخ ثقافي ، " جامد " ، لا يحرك ساكنا ، في أغلب الأوقات وما هي إلا مناسبات على رؤوس الأصابع ، تتصدرها ، صبيحات للأطفال وفي أحسن الحالات ، حملات طبية ، أصبحت أشبه ب" البقرة الحلوب " ، التي تدر أموالا طائلة ، لمنظميها ، الدين وجدوا ، فيها الطريق السهل ، إلى جيوب المواطنين .
أما عقولهم ، فليس أمامها ، إلا مقاهي تتناسل كالفطر ، وصالات الألعاب و الفراغ بكل تجلياته ، فراغ ثقافي بامتياز ، تشهده الساحة الثقافية والفنية بالمنطقة ، رغم وجود مركب ثقافي ، موارب أمام الفعاليات المحلية ، ودار للشباب لا تفتح أبوابها ، إلا ب200 درهم ، كثمن كراء القاعة الكبرى ، وغياب الكثير من المحفزات لدى الشباب المحلي ، ليقول كلمته في المجال الثقافي والفني الراهن .
أين هو مهرجان الفوز للأغنية ؟ا أين هي الفرق المسرحية ؟ا أين هو مهرجان مسرح الطفل ؟ا أين هو صالون الأدب ؟ا وأين هي الملتقيات المسرحية ؟ا وأين ؟ا
الجمهور ، الذي غابت عنه عديد أشياء ، كان طبيعيا ، ومنتظرا منه ، أن يتعامل مع ضيوفه ، بشكل غير حضاري وغير لا ئق ، للأسباب الأنفة الذكر .
ولجنة منظمة ، غير محترفة ، في المجال الثقافي والفني ، كان أوتوماتيكيا ، أن تتركب أخطاء تقنية ، نجم عنها ، تصرفات غير مسؤولة ، من جمهور يفتقر ، إلى تقاليد ثقافية و فنية ، تؤهله ، إلى تكوين ذائقة فنية ، قادرة على الفرز بين الجيد والرديء .
دموع ، عنت الشيء الكثير ، للعديدين ، ممن تتبعوا الحدث ، من بعيد ، فحال الثقافة والفن ، بالبرنوصي ، يدعو إلى البكاء والشفقة ، على المستوى المتدني ، للعروض والحفلات الفنية وعلى من أوكلت لهم ، مهمة ، خلق حراك ثقافي وفني ورياضي ، بالمنطقة .
دموع قد تجف ، لحظة ولادتها وقد يعتبرها الفنان الضيف " سحابة " صيف عابرة ، لكن ذاكرة " البرانصة " ستسجل بمداد الخجل ، اندحار المشهد الثقافي والفني ، إلى الدرك الأسفل ، في الوقت الذي تتصدر نجمومه الفضائيات و أصبحت لها خبر ة وحنكة في مجالات عدة :" غناء ، رياضة ، صحافة ، سياسة ... إلخ " .
واليوم ، باعتقادي الشخصي ، قبل الغد ، الكل مدعو إلى فتح باب الحوار ، أمام القادرين والمؤهلين ، لتنشيط المنطقة ، بدون أهداف سياسية أو انتخابية ، قد تساهم بدور كبير في حضور طرف دون آخر و في الكثير من الغيابات التي تتصيدها ، الأشباح ،
لتشويه المشهد الثقافي والفني بالمنطقة .
و كذا إلى ضرورة ، فتح نقاش محلي ، تنشطه فعاليات ونخبة المنطقة ، لتراك ما فات ولمحو ثقافة " اللا حوار " و" الإنزالات " التي لا يكون من ورائها إلا أسبوع ثقافي بلا مسرح وبلا موائد مستديرة و بلا أواش مفتوحة وبلا أي ملمح من ملامح الثقافة في أبعادها الحقيقية وليس الصورية .

CONVERSATION