لا شك ان رئيس الوزراء طوني ابوت، نجح وبشكل ملفت للنظر اثناء تسلقه السلم السياسي حتى الوصول الى منصب رئيس الحكومة في انتخابات عام 2013، من خلال معارضته السلبية التي انهت الحياة السياسية لإثنين من رؤساء الوزراء العماليين كيفن راد وجوليا غيلارد، وحتى داخل حزب الاحرار استعمل ابوت نفس الاسلوب للوصول الى قيادة الحزب عام 2009 بتغلبه على زعيم المعارضة انذاك مالكوم تيرنبول وبفارق صوت واحد، وكاد ان ينهي حياة تيرنبول السياسية لولا نصيحة رئيس الوزراء الاسبق جان هاورد لترنبول بالتراجع عن قراره اعتزال الحياة السياسية والترشح للإنتخابات مجدداً ،ليعود ويلمع نجمه حيث بدأت ترتفع اسهمه داخل حزب الأحرار لتولي حقيبة الخزينة بعد فشل وزير الخزينة الحالي جو حقي في اقناع الناخبين بالإجراءات التقشفية التي طرحها في الميزانية العامة التي قدمها في ايار الماضي، ولم يستطع بالتالي تمريرها في مجلس الشيوخ المعادي والمشاكس، مما يضع تيرنبول كما يقول المثل على مرمى حجر من رئاسة الحكومة!
من الواضح، ان حكومة ابوت تعاني الكثير، وتواجه عدة مشالكل وعلى اكثر من جبهة ، رغم ان رئيس الوزراء يعتبر ان السنة الماضية كانت ناجحة ،حيث يحرص على ترداد نجاح حكومته بالتخلص من الضريبة على الكربون والغاء الضريبة على قطاع التعدين، ووقف تدفق قوارب طالبي اللجوء والتي كانت من ابرز الوعود الإنتخابية بالإضافة الى إعادة الفائض بالميزانية هذا الوعد الذي لم يرَ النور حتى في المستقبل القريب وهذا ما اكده وزير الخزينة جو حقي في المراجعة النصف سنوية للميزانية التي قدمها الاثنين 15/12/2014، حتى ان بعض المعلقين اعتبر ان رئيس الوزراء نفسه هو جزء من المشكلة.
لا تتوقف معاناة الحكومة مع الناخبين هنا، فاستطلاعات الرأي وخلال الأشهر الستة الماضية اظهرت الحكومة متأخرة عن المعارضة الفيدرالية وبإستمرار. وذلك لأسباب ابرزها نكث الحكومة عدة وعود انتخابية منها عدم فرض ضرائب جديدة، والإقتطاع من النظام الصحي والتعليمي واذاعتي اي بي سي و اس بي اس ،وادخال تعديلات على التقديمات للمتقاعدين.
مع نهاية الدورة البرلماينة اطل رئيس الوزراء محاولاً الظهور بمظهر مختلف واعداً بمقاربة جديدة للامور وبشكل مختلف ،وبأنه سيستمع اكثر وسيستغل فترة الأعياد وعطلة البرلمان الصيفية من اجل اعادة النظر ببعض السياسات التي لا تحظى بشعبية.
هنا يبرز السؤال الأهم هل سينجح رئيس الوزراء ويتخلص من طوني ابوت المعارض الذي يحاصر ابوت الحاكم؟
الكرة الآن في ملعب رئيس الحكومة شخصياً وحكومته، التي بدأت تظهر عليها علامات الشيخوخة المبكرة والتفسخ والتي تجلّت في فشل بعض الوزراء (الدفاع، الادعاء العام والخزينة) والخلافات التي ظهرت الى العلن بين بعض الوزراء ونواب المقاعد الخلفية من جهة ومديرة مكتب رئيس الوزراء بيتا كردلن المتهمة بالتحكم بالقرارات وسير العمل الحكومي والقرارات الاستراتيجية ،وهذا ما اكدته تصريحات لوزيرة الخارجية جولي بيشوب عندما حثت زملاءها التوقف عن التعرض لبعضهم في وسائل الاعلام والتركيز على تعزيز الوحدة السياسية في العام 2015 بعد المرحلة الانتقالية في العام 2014 (صحيفة سدني مورننغ هيرالد 12/12/2014 ص7)وكان وزير الخدمات الاجتماعية كيفن اندروز وجه الى زملائه ندءاً بنفس المعنى(س م ه 11/12/2014ص5)، وكان من الملفت للنظر ان رئيس الوزراء اضطر للتدخل شخصياً والدفاع عن مديرة مكتبه متهماً خصومها بالتمييز ضدها على اساس الجنس، عندما قال: هل تعتقدون ان مديرة مكتبي كانت ستتعرض لنفس المستوى من الانتقاد اذا كان اسمها بيتر بدلاً من بيتا (صحيفة سدني مورنيغ هيرالد 13-14 كانون اول 2014 ص 7). نشير هنا الى ان ابوت كان في العام 2012 قد تعرض لهجوم لاذع من رئيسة الوزراء السابقة جوليا غيلارد متهمة اياه في حديث شهير انه كاره للنساء.
من الآن وحتى العام قد يكون هناك متسع من الوقت لإعادة النظر في مجمل المشاكل التي واجهت وستواجه الحكومة ،وما اذا كان هناك من ضرورة لتعديل حكومي للحد من الإنحدار والذي قد يودي بالحكومة اذا لم يتم تداركه، وهل ستعدّل في طريقة تعاملها مع مجلس الشيوخ من اجل تمرير مشاريع القوانين المتعلقة بالسياسة المالية والنمو الإقتصادي الذي بدأ يتباطئ نتيجة عوامل داخلية وخارجية، خصوصاً ان المعارضة الفيدرالية لم تفوت فرصة خلال السنة الماضية واستغلت الى اقصى الحدود السقطات الحكومية والملفت للنظر انها سقت الحكومة من نفس المعين الذي سقى منه ابوت الحكومة العمالية من عام 2007 حتى 2013 ولا اعتقد انها ستقدم حبل النجاة للحكومة التي تنوي الحلول مكانها في السلطة.
واخيراً،هل سنرى في العام القادم طوني ابوت مختلف، ام رئيس اخر للوزراء يعيد الثقة بين الناخبين والحكومة قبل ان تنعدم فرص الاصلاح التي قد تودي بالحكومة مجتمعة ويحصل معها ما حصل مع حكومة الاحرار في ولاية قكتوريا التي خسرت الانتخابات بعد فترة حكم واحدة ؟
حتى ذلك الحين نتمنى للجميع اعياد مجيدة ،وكل عام وانتم بخير
Email:abbasmorad@hotmail.com
0 comments:
إرسال تعليق