بلدة حميص قضاء زغرتا تودع ابنها الشاعر يونس الابن


الغربة ـ فريد بو فرنسيس
ودعت بلدة حميص في قضاء زغرتا، ابنها الشاعر والاديب يونس الابن، في ماتم مهيب، اقيم في كنيسة مار الياس في البلدة. تراس صلاة الجنازة عن روحه الطاهرة راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، عاونه لفيف من كهنة الابرشية. شارك في الماتم العميد رينه معوض ممثلا قائد الجيش، العميد باسم الخالد ممثلا مدير مخابرات الجيش، المقدم سيمون مخائيل ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي، الرائد الياس ابراهيم ممثلا قائد الدرك، الرائد اسكندر يونس ممثلا المدير العام لامن الدولة، الملازم اول غيث يوسف ممثلا المدير الام للامن العام، الى ذوي الفقيد وحشد من ابناء البلدة والبلدات المجاورة.
والقى المطران جورج بو جوده كلمة تابين بالفقيد الراحل قال فيها:" بالحزن والأسى لكن بعواطف الإيمان والرجاء نرافق اليوم إلى مثواه الأخير الكاتب والصحافي والشاعر المرحوم يونس يوسف المعروف بيونس الإبن الذي إنتقل إلى جوار ربّه في هذا الأسبوع الذي ذكرنا فيه موتانا وإحتفلنا فيه بعيد جميع القديسين، كما وفي هذا الأسبوع الذي هو الأسبوع الأوّل من السنة الطقسيّة التي تدعونا فيها الكنيسة إلى وقفة تأمّل وصلاة ومراجعة حياة عن إلتزامنا الإيماني وعيشنا لهذا الإيمان في السنة الماضية، وإلى تجديد هذا الإلتزام في هذه السنة القادمة  التي أعلنها قداسة البابا بندكتوس السادس عشر سنة للإيمان نسعى خلالها إلى تعميق معرفتنا بالمسيح وإلى الإجابة على السؤال المزدوج الذي طرحه علينا في هذا المقطع من الإنجيل الذي تلوناه على مسامعكم والذي طرحه المسيح على تلاميذه في قيصريّة فيليبس: من تقول الناس أنّ إبن الإنسان هو وأنتم من تقولون إنّي أنا".
اضاف بو جوده:" إنّه سؤال يأتي على مستويين: مستوى المعلومات العامة ومستوى العلاقة والموقف الشخصي. فعلى صعيد المعلومات العامة يكفي أن يكون عندنا قليل من الثقافة الدينيّة ومن المعلومات التي نكون قد تلقيناها في طفولتنا، في البيت والمدرسة والرعية لنجيب كما أجاب الرسل: البعض يقولون إنّك يوحنا المعمدان، أو إيليا أو إرميا أو أحد الأنبياء. وهكذا يقولون، أمّا نحن فلا نلتزم بأي موقف. إنّه موقف الكثيرين منّا اليوم، وقد أصبحنا بحاجة إلى التبشير الجديد الذي بدأ يدعو إليه السعيد الذكر الطوباوي يوحنا بولس الثاني منذ إرتقائه السدّة البابويّة والذي ما زال يدعو إليه قداسة الحبر الأعظم الحالي البابا بندكتوس السادس عشر الذي أسّس له مجلساً حبرياً جديداً والذي دعا إلى عقد الدورة العاديّة الثالثة عشر لمجمع الأساقفة في روما في شهر تشرين الأوّل المنصرم تحت عنوان: التبشير الجديد بالإنجيل في سبيل نقل الإيمان".
وقال بو جوده :"أمّا القسم الثاني من السؤال فيتوجّه مباشرة إلى كل واحد منا ويدعوه إلى إتّخاذ موقف وإعطاء جواب شخصي: وأنتم من تقولون إنّي أنا هو؟ من أنا بالنسبة إليكم وماذا أعني بالنسبة لكم؟ بالنسبة لكَ وبالنسبة لكِ أيتها المسيحيّة وأيها المسيحي. هنا لا يستطيع أحد أن يعطي الجواب عنّي، فالجواب يجب أن يأتي منّي شخصياً كما أتى بالنسبة لبطرس الذي أجاب: أنت المسيح إبن الله الحي. إيماننا المسيحي، أيها الأحباء، ليس مبنياً على معلومات عامة ولا على نظريات فكرية وفلسفيّة وإيديولوجيّة مجرّدة، وليس مجرّد تطبيق لقوانين وشرائع ووصايا فرضت علينا فنلتزم القيام بها وعيشها لكنّها تبقى مجرّد ممارسات وتصرفات خارجيّة ليقال عنّا بعد أن ننتقل من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى: كان متمّماً لواجباته الدينيّة".
وتابع بو جوده:" إيماننا المسيحي وجوابنا يجب أن يكون تعبيراً عن علاقة شخصيّة بيسوع المسيح علاقة مبنيّة على المعرفة والصداقة والمحبة معه لكونه هو المخلّص الوحيد، ولكونه في الحقيقة إبن الله الذي صار إنساناً وحلّ بيننا لكي يخلّصنا من الخطيئة ويجدّد علاقتنا بالله ويرمّم صورة الله فينا، تلك الصورة التي شوّهناها يوم قرّرنا، بشخص أبوينا الأولين أن نبني ذاتنا  بذاتنا، أن نحقّق ذاتنا، فنصبح كآلهة كما أغرانا بذلك الشيطان المجرِّب، فنضع الله جانباً ونرفضه".
واشار بو جوده في كلمته الى :" ان المرحوم يونس الذي نرافقه اليوم بالصلاة والدعاء لم يكتفِ بإعطاء الجواب على القسم الأوّل من السؤال ولم يكن من الذين إكتفوا في حياتهم بالمعلومات العامة عن المسيح ولم يكن من الذين بنوا حياتهم الإيمانيّة على تنفيذ القوانين والشرائع والوصايا الكنسيّة بحذافيرها من خلال التقيّد بالممارسات الخارجيّة، بل كان من الذين أقاموا علاقة شخصيّة بالرب عبّر عنها في مختلف مواقفه من الأحداث التي عاشها طوال حياته والتي عبّر عنها في نظري بصورة خاصة في إستلهامه للصلاة الربّيّة، الأبانا، التي علّمنا إياها المسيح وقال لنا إذا صليّتم فقولوا أبانا الذي في السماوات. وهكذا وتعبيراً عن عمق علاقته الشخصيّة بيسوع أمام الأحداث الأليمة التي عشناها وعاشها لبنان طوال سنوات:
يا أبانا الذي في السماء،
كفانا كفانا كفانا دماء.
ليتقدّس إسمك،
ليأتِ ملكوتك
على الأرض كما في السماء".


وقال بو جوده :"كما أنّه عبّر عن إيمانه بالله الخالق والمبدع في قصيدته الشهيرة: قطعة سما عالأرض إسمها لبنان حيث قال:
بيظهر، تيتسلّى،
انقلب فنّان الله
وصار يجرّب الألوان
تيعرض اللوحات في لبنان
لوحات شو دقّة رسم! شو لون!
مع كل لوحة نقول الله هون
بنصح أنا اللي بينكرو الله
ما بيقنعوا من هالدني كلا
وعم يتهموا الصدفة بخلق الكون،
بدهم يشوفوا النور هالعميان؟
يتفتّحو بمشوار عالبنان
لبنان يا قطعة سما،
عالأرض تاني ما إلا
لوحات الله راسما،
بشطحات أحلى من الحلا،
عالطامعين محرّما،
للخاشعين  محلّلا.
بالسّيف ما بتغلا دما،
والضيف منقلّو هلا
لبنان يا قطعة سما،
إسمك على لساني صلا...

 اضاف بو جوده:" بأربع خمس كلمات عبّر يونس الإبن عن إيمانه بالله الخالق والمبدع لهذا الكون وعلى هذه الأربع أو خمس كلمات بنى إيمانه العميق به فلم يتوقّف عند الممارسات الخارجيّة، بل وطّد به العلاقة المبنيّة على الصداقة والمحبة معه، والتي وسّعها إلى علاقات صداقة ومحبة مع عدد من أصدقائه الكهنة ومن بينهم كاهن ربطته به صداقة عميقة، كان أستاذاً لنا في الصفوف الثانويّة وهو الذي عرّفنا على يونس الإبن وحبّبنا به الأب جميل السقلاوي اللعازري الذي سبق يونس إلى ديار الآب منذ ما يقارب العشر سنوات".
وختم بو جوده كلمته:" اليوم إنتقل يونس الأبن من هالقطعة السما عالأرض اللي إسمها لبنان إلى سماء الآب والإبن، إلى فردوس السماء حيث لا ألم ولا عذاب ولا موت بل حياة وسعادة حقيقيّة لا نهاية لها. نرافقه اليوم بالصلاة والدعاء، ونطلب له من الرب المكافأة على كل ما قام به من أعمال خيّرة في حياته على هذه الأرض، والمسامحة والغفران عن كل ما يمكن أن يكون قد مرّ في حياته من هفوات ونواقص، ونتقدّم بأصدق عواطف التعزية من زوجته الفاضلة وإبنيه وإبنته وجميع ذوي قرباه، طالبين لكم أيها الأحباء الصبر الجميل على هذا المصاب الأليم وللمرحوم يونس الراحة الأبديّة في دنيا الخلود".       

CONVERSATION

0 comments: