الفن.. الشعر.. الحياة/ أسعد البصري

نعم هناك مفكرون أنجزوا رسالتهم في الأربعينات و ماتوا
مثل ميشيل فوكو و علي شريعتي ، كيف اتسع الوقت لكل ذلك ؟؟
محمد تقي شريعتي والد علي شريعتي كان مفكرا معروفا
و يدير مركز بحوث إسلامي في مشهد
ومن الواضح مستوى العائلة الإقتصادي والثقافي
من خلال تحمل نفقات تعليم الولد علي شريعتي
في السوربون باريس
أما ميشيل فوكو فوالده طبيب فرنسي متخصص
مات تاركا له شقة فخمة في باريس
إضافة إلى إمكانات المجتمع الفرنسي و دعم الثقافة من قبل الدولة
هؤلاء لم يعملوا في محطة وقود أو مطعم أو شركات وهمية مثلي
لم يعبروا الحدود سيرا على الأقدام
لم يفكروا بالجوع و بأجرة الغرفة القذرة
لقد كان عندهم الوقت الكافي لحدوث انفجار كبير في وقت قصير
إلا أن طول العذاب و الضياع
قد يسفر في النهاية عن عمل أدبي هائل
ولك في العظيم دوستويڤسكي عزاء كبير
خرج من السجن و عاد من سيبيريا بداية أربعيناته
معدم ، وحيد ، مصاب بالصرع ، مع عادات سيّئة كثيرة
هذا العملاق حدق في شيء واحد هو روحه الكبيرة
وقد خرجت حقاً للتاريخ والثقافة البشرية
رغم ضياع الكثير من الوقت
ما هي أهمية القصيدة ؟؟
بالنسبة لي لو جاءت زوجتي تخبرني بنيزك عملاق
يحطم الكوكب الأرضي بعد نصف ساعة
سأطلب منها الصمت حتى أنتهي من قصيدتي الصغيرة هذه
فلا تزعجونا بأسئلة لا معنى لها
الشعراء خلقوا العالم الآخر و سكنوا فيه
إن الإله خلق جميع الناس والعالم كله
لكنه لم يخلق الشعراء و ربما الشعراء خلقوه
ما هو الفن ؟؟ هو موهبة بحاجة إلى إخلاص
ما هو الإخلاص ؟؟ هو رفض العمل حتى لو تموت من الجوع
أحمد السوداني في أمريكا جاع كثيرا لكن بقي يدرس الرسم
لم يعمل يوما واحدا ، هذا اليوم يبيع اللوحة الواحدة بمليون يورو
تمسك بالقصيدة لا تتركها إلى النساء والعمل والعقارات
ستموت على أية حال ، نعم كلنا خان الكتابة في فترة من حياته
السّحت والعار هو أن تأكل من عرق جبين الحصان وتترك الشاعر
ستموت على أية حال فلا تمت أباً صالحاً قطع الله حرثك و نسلك
لا تمت في المصنع ولا في الحقل ، لا تمت في سبيل الوطن والدين
لا تمت بسبب حبوب القلب والسرطان
أرجوك مُتْ شاعراً ، مُتْ واقفاً
مُتْ في الصفحة المئة من ديوان جلال الدين الرومي

CONVERSATION

0 comments: