المهرجان اللبناني للكتاب”/ سوزان سرور هيكل

تظاهرة ثقافية في أنطلياس لصون تراث الوطن الفكري
لن ندَعي أن لبنان بألف خير ولكننا نؤكد أن لبنان أقوى من أن تمزقه الفتن الطائفية وأذكى من أن يصبح ذكرى لبلد كلَله الحرف برونقه ثم تلاشى في سراديب النسيان. منذ ثلاثة عقود ولد للبنان “المهرجان اللبناني للكتاب”، في ظل تظاهرة ثقافية ووطنية أطلقتها الحركة الثقافية في أنطلياس. هدف هذه التظاهرة الثقافية الأول هو صون هذا الجزء الثري من ذاكرة الوطن الثقافية وتراثه الفكري والحضاري. على مرّ الأيام تبلورت هذه “التظاهرة” فأصبحت منبرالتقاء وحوارعقلاني يجمع الفئات الشعبية بمختلف انتماءاتها الإجتماعية، بعيدا عن أية فتنة طائفية أو سياسية كانت. لذا يجد الباحث في هذا “المهرجان” ما يروي ظمأه إلى المعرفة والعلم من أمهات القضايا الإنسانية والوطنية خاصة لأن خزائن لبنان لم تبخل قط على سائل معرفة. فأصبح “الهرجان اللبناني للكتاب” موعدا ثابتا في مفكّرة المثقفين اللبنانيين كما دام هذا الوطن الصغير “عرَابا” للفكر وقيَما على وزنات من ثقافة، علم ومعرفة..
في الخامس من آذار 2011 تمَ افتتاح “المهرجان اللبناني للكتاب” ويستمر حتى نهار الأحد الواقع في 20 من الشهر الحالي. أبرز ما تخلله الإفتتاح كان حضور رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان وعدد غفير من الشخصيات السياسية والإجتماعية البارزة. أما من أبرز الأنشطة التي تتخلل هذا المهرجان فهي سلسة من الندوات والمحاضرات التي يتم من خلالها تكريم المبدعين والمبرَزين الذين أثروا وطننا الحبيب بمؤلفاتهم، ومبادراتهم وإنجازاتهم ومواقفهم الإنسانية. إن فعل التكريم هذا لم يقتصر قط على المبدعين الأحياء فكان لمن تواروا في دنيا الحق نصيب أيضا لأنهم لا يستحقون النسيان. ففي تاريخ السبت 12 من شهر أذآر 2011، قامت الحركة الثقافية بإطلاق تحية تقدير للفنانة الراحلة سلوى القطريب فغنّتها ابنتها ألين لحود بالإضافة إلى كل من فابيان ضاهر ورانيا يونس. أما بالنسبة الى سلسلة تواقيع الكتَاب فهي كانت مميزة من حيث الكمية والنوعية في المواضيع والعناوين. كما شهد المعرض ولادة كاتبة فرنكوفونية شابة جديدة تؤكد أن لبنان ما زال بلد التنوّع والانفتاح الحضاري، ووطن الفكر والثقافة بامتياز.
” Souffles sans age “هو باكورة أعمال الشاعرة والكاتبة اللبنانية راشيل الشدياق التي رسمت ولوَنت بحروفها أجمل المشاعر الإنسانية. في هذا الكتاب الذي توجت غلافه لوحة التراب والسماء بريشة الفنان الشاب علي الحاج حسن لا بدَ وأن يجد كل قاريء شيئا من نفسه الحالمة والرومنسية. وأجمل ما يميز هذا الكتاب هو الأسلوب الأنيق واللغة التي تجمع بين رقي المشاعر وبراعة الكاتبة.
وأخيرا، ثمانية أيام تبقى على انتهاء هذا الحدث الجليل الذي يجمع تحت قبَته أهم قيم وأصول الحضارة والتحضّر العربية الشرقية واللبنانية بامتياز. لذلك إن زيارة المعرض هي دليل عافية العقل اللبناني والتضامن بين أبناء الوطن الواحد على المحبة والعطاء في مواجهة هذا الزمن الصعب.

CONVERSATION

0 comments: