التمثال/ عبدالواحد محمد

قصة
أستوقفني كثيرا ببدلته وربطة عنقه الأنيقة .. رغم التراب الكثيف الذي غير من جسده الرمادي الداكن .. وأنا أعبر الضفة الأخري من الشارع العملاق .. بسرعة في ظل سباق السيارات الأرعن ..
متمتما بعبارة بلهاء .. ألحقني ياشيخ الحكماء ؟
بالذمة ده كلام .. حوار مقلوب .. وبيقلوا عليه مكسر الدنيا .. زي روشتة طبيب مزيف .. ومحامي مزور ... تمتمت بعبارة أخري .. يمكن مش فاهم نفسي .. ودي مصيبة .. كارثة .. ورمقني التمثال من الزواية اليسري .. بأبتسامة صوفية .. لاتحزن ياولدي .. المسألة كلها أوهام .. في أوهام .. ودي راجع لكتاب لم يقرأ .. ولحن هابط .. علشان يداوي جراحكم ؟
وبتنهيدة وقفت أتأمل زمن ؟
صفحات من تاريخ رجل .. لم يتزوج غير مبادئ .. عاش من أجلها .. لكي يكتب تاريخا عربيا ؟
فحمل كل الجنسيات .. مصري .. عراقي .. فلسطيني .. كويتي .. سوري .. أماراتي .. سعودي .. عماني .. مغربي ..تونسي ..ليبي ..جزائري سفير يحمل مهام أمة ؟
أستعدت ثقتي بنفسي .. وناجيت فيه روحا غائبة .. ربما غيرت من شكل الحوار .. والقلق .. والهاجس النفسي المدجج بمشاحنات يوم ينتهي بحداد علي ماض ؟
تذكرت بعضا من لقاءتي معها .. ونحن نمضي منذ عقد .. هنا بين عبق أزمنة .. وتمثاله المفتول بقوة دعاء رجل صالح !
وحب عالم له !
وكلانا يتناول كوز الذرة الشهي .. ونحن نحلم معا .. بحماس الشباب .. أن يكون لنا تمثالا بجوار هذا الرجل التاريخي؟
تذكرتها .. وهو يحدثني بالمفرد .. فالكل يمضي بهرولة . لكي يلحق بما تبقي من وقت .. لكي يحلم بوجبة طعام دسمة .. ربما تأتي .. أو لاتأتي ؟
فكانت مي ملهمة لي .. ومعها تعلمنا كيف نقدر زمنا وتاريخا ؟
لم نمتط جواد ا خشبيا .. فحاجتنا كانت لشخص أستثنائي ؟
تركيبة من روح مثابرة .. لاتعترف بيأس .. وكوز الذرة اللذيذ .. يمنحنا حوارا لم يكن مقلوبا ؟
سافرت إلي عالمها .. بعد زواجها .. وتركتني لرحلة ربما لم تكتمل ؟
لكن التمثال البهي .. أعاد لي جزءا من حاضر ...أظنه النجاة من شبح النسيان ؟
رمقته أكثر .. وربما شعر بتلك العاطفة .. لتنفحني نسمة هواء ربيعية .. فلم أعد أشعر بالأختناق من الزحام .. والرغبة في مغادرة الميدان ؟
بحثت عن أقرب مقهي مجاور .. لأسطر بعضا من مشاهدات يوم ؟
قهقهة يتبعها قهقهات صاخبة .. كأنك في ملهي للسكاري ... لكنها تجربة .. ولابد من تسجيلها !
مرت دقائق والقلم يطاوعني منسابا .. ومرغما علي تأدية دوره بمهارة عازف ناي ؟
حمل النادل فنجان القهوة التركي .. وجاءني مصافحا .. بكلمة حضرتك زبون جديد؟
خاطبته بكلمة نعم ؟
لكن منذ عقد كان مكاني المفضل .. ربما لم تكن تعرف شيئا عن هذا المكان ؟
مجرد ذكر الميدان يخيفك ؟
شعرت بخجله .. ومضي إلي زبون آخر ؟
وقبل مغادرتي المقهي تركت وصية لدي صاحبها .. برغبتي في زيارة قادمة ؟
بقلم :عبدالواحد محمد

CONVERSATION

0 comments: