معنى التصوف من كتاب حدائق الحقائق/ يسرية سلامة


التصوف في إصطلاح أهل الحقيقة: التخلق بأخلاق الصوفية والتوصل بأوصافهم إلى الإنتظام في مسلكهم، والصوفية: جمع صوفي، والظاهر فيه أنه لقب
وقيل للشبلي: لم سميت هذه الطائفة بهذا الإسم؟
فقال: لبقية بقيت عليهم من نفوسهم، ولولا ذلك لما تعلقت بهم تسمية، وقال بعضهم التصوف: مشتق من الصوف، يقال تصوف الرجل إذا لبس الصوف، كما يُقال: تقمص إذا لبس القميص، والصوفي منسوب إلى الصوف، ولهذا القول وجه من حيث العربية، إلا أن القوم لم يخصوا بهذا الإسم لابس الصوف.
وقيل: سموا به لنسبتهم إلى صفة مسجد رسول الله صلى الله وسلم وأخذهم طريقهم عند أهل الصفة، وقيل اشتقاقه من الصفاء
وقيل: من الصف لأنهم في الصف الأول بقلوبهم مع الله في المحاضرة. وهذه الأقوال الثلاثة قريبة من حيث المعنى، بعيدة من حيث اللفظ، فإن النسبة إلى الصفة: صُفّي. وإلى الصفاء: صفائي.وإلى الصف: صفى.
وقد اختلف أهل الحقيقة في تفسير التصوف إصطلاحًا.
فقيل: التصوف: هو الخروج عن كل خلق دني والدخول في كل خلق سنى
وقيل: هو مراقبة الأحوال ولزوم الأدب
وقيل: هو شغل كل وقت بما هو الأهم فيه، وقال الجنيد: هو الكون مع الله بلا علاقة
وقال أيضًا:هو أن يمتلك الحق عنك ويحييك به
وقال أيضًا: هو ذكر مع اجتماع، ووجد مع استماع، وعمل مع اتباع.
وقال الشبلي: هو الجلوس مع الله بلا هم.
وقيل: هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف.
وقيل: هو الإناخة عند باب الحبيب وإن طردك.
وقيل: هو كف فارغ وقلب طيب.
وقيل: هو إسقاط الجاه
أحسن ما قيل في ذلك قول بعضهم: التصوف: طريق لا يصلح إلا لقوم كنس الله بأنفسهم المزابل.
وقيل الصوفي: من لايملك شيئًا ولا يملكه شيئ.
قال الحصري: الصوفي: من لاتقله الأرض ولا تظله السماء
وقيل علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى، ويذل بعد العز، ويخفى بعد الشهرة، وعلامة الصوفي الكاذب ضد ذلك.
وقال الجنيد: الصوفي كالأرض يطأها البر والفاجر، وكالسحاب يظل كل شئ ويسقى كل شئ.
وقال الجنيد: الصوفي كالأرض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها إلا كل مليح.
وقال أيضًا: إذا رأيت الصوفي يعني بظاهره فاعلم أن باطنه خراب
قيل الصوفي منقطع عن الخلق غير متصل إلا بالحق، كما قال تعالى لموسى عليه السلام" واصطنعتك لنفسي"، قطعه عن كل غير، ثم قال "لن تراني"
وقيل: الصوفي لا يكدره شئ، ويصفو به كل شئ.
وقيل: وصف الصوفي السكون عند العدم، والإيثار عند الوجود.
وقيل الصوفي وحداني الذات لا يقبل أحدًا، ولا يقبله أحد
وقال "حمدون القصار": إصحب الصوفية فإن للقبيح عندهم وجوهًا من المعاذير، وليس للحسن عندهم موقع. ومعناه أنهم اعتادوا فعل الحسن فلم يبق عندهم غريبًا ذا موقع، لأنهم صار لهم كالفعل الطبيعي الذي لا يحمد عليه الإنسان كالسمع والبصر ونحو ذلك

CONVERSATION

0 comments: