مشاركات بعض الشعراء والشاعرات من داخل السويد في حفل تأبين الأب يوسف سعيد

افتتح الشاعر صبري يوسف مدير حفل التأبين الأدبي الخاصّ بالشاعر الراحل الأب يوسف سعيد بالوقوف دقيقة صمت على روحهِ الخلاقة. ثم قدّم المشاركين والمشاركات وقرأ بعض المشاركات الخارجية.
فيما يلي ننشر كلمة الافتتاح مع مشاركات بعض الشعراء والشاعرات من داخل السويد.
أيّها الأحبّة
أيّتها السيدات والسادة،
بإسمي وبإسم أعضاء لجنة التأبين (الشَّاعر صبري يوسف، الفنّان التشكيلي كابي سارة، الفنّان المسرحي وديع عمسيح، الشاعر د. كبرئيل أوسي، الشاعر ألياس عنتر والشاعر جوزيف قسطن)، نرحِّب بكم أجمل ترحيب بإحياء هذا الحفل التأبيني الأدبي الخاصّ بالأب المبدع الرَّاحل يوسف سعيد، تقديراً لهذه القامة الإبداعيّة الخلاقة والتي أعطَتْ للشعر العراقي والعربي والسرياني الشيء الكثير، من خلال تفاعلها العميق مع جماعة كركوك الأدبية، حيث رفدَ شعراء جماعة كركوك أرقى أنواع الشعر المعاصر والحداثة الشعرية الرائدة على الساحة العربيّة والعالمية، ومن خلال شهادات مجموعة من شعراء جماعة كركوك الأحياء، وبعض الكتاب والأدباء والنقَّاد، سنجد تأكيدهم على أهمية وفرادة التجربة الأدبية للأب الرَّاحل، حيث تميَّزَ بخياله الجامح، يأخذ القارئ إلى فضاءات فسيحة وخلاقة، يخطُّ جملته الشعرية وكأنّه يلتقطها من خاصرةِ السَّماءِ الصَّافية، ومن أهدابِ النجوم، ليقدِّم للقارئ خطاً شعرياً متفرّداً ومتدفقاً بالإبداع.
هناك توق شديد لدى الشَّاعر للارتقاء والسُّموّ نحو أحضانِ السَّماء، حيثُ تلوَّنت شفافية روحه بهذا النُّزوع نحوَ عالم السُّموّ والارتقاء، ربّما لكونه أبّاً روحيَّاً، عمل أكثر من نصف قرن من الزَّمن في عالم الكهنوت، جنباً إلى جنب مع عالم الشِّعر، المتعطِّش إلى سماء القصيدة، سماء الرًّوح، سماء الإبداع، سماء الأب يوسف سعيد، وسماؤه لها نكهة خاصّة، نراها مطرّزة برحيق الكلمة، المتطايرة من تعاريج الحلم!.. مستمدّاً من رحاب رؤاه الحلميّة بناءً مختمراً في ذاكرة الشَّاعر التواّقة إلى مزج الواقع بالحلم والخيال فتأتي القصيدة متفرِّدة في بنائها وأسلوبها، حيث يقول:
" انّي أستيقظُ في ظهيرة النَّخيل، أبحث عن مدنٍ متعرِّجة القلب، ...
انّي أحلم برائعِ نسكي، وتصوُّفي أرجوزة خالدة" ".. وحدها الفراشات تستريح على أجنحةِ البرق" ..
من قصيدة الطفولة، المنشورة في ديوان: السفر داخل المنافي البعيدة، ، الصادر عن دار الجمل.
sabriyousef1@hotmail.com

*****
فيما يلي مشاركات بعض الشعراء والشاعرات من داخل السويد:

الكاهن وبحار القصائد

قصيدة كتبت خصيصاً لتأبين الأب الشاعر يوسف سعيد

ألياس عنتر

أيها الشاعر المُجيد.
يا كاهنَ الكلمات السرمدية.
كنت دوما تستشعر وتُجيد.
بالنور والنار وتلك الثعابين التي كنتَ تراها
تتدلى من الأسقف دون أن تُحيد.

يا أبانا المُخضرم
يا وجهاً شامخاً
يومئُ لكلِّ قواميسِ الكلمات
يجمعُ الأشعارَ وصلبانَ الكنائس
وزيتَ القناديل.
لترتعدَ به روحَ المُريد.

قلتَ مراراً
"أراقبُ كوكباً كبيراً، متمنِّياً الإرتقاء إلى دياره"،
فها أنت ذا هناك.
في الكوكب الكبير
ترتقي وتسمو في دياره.
تكتبُ الأشعارَ حول أحواضه السماوية وزنابقه الغريبة.

يناديكَ دَجلة مع سرادقة في كل المساءات
لينامَ في سفوحك.
ماهذا الخيالُ الجامحُ الذي ينتشي في صدرك يا أبا غيث؟
أجل, بدأت العوالم الأخرى تناجيك.
لتنثرَ شجونَك هنا وهناك

لتفرُشَ عبقَ قصائدك المغموسة بمياه الأنهار.
لتحوّل وجهك الفراتي
إلى قوافلَ من الوشوشات والهمسات.

لن ننساك,
ولا نقوى على التخلص من صوتك الأجش
الموزون بمقامات الغناء ومناجاة السماء.

لن نُحيد عنك, بل سنناجي روحَك دوما في
سراديبنا المقدسة.

سنرسمُ تلك الملامحَ الشاعرية في دفاترنا.
سنهمسُ لك دوماً أجمل قصائِدنا.
وسنستمع إلى صوتِك القادمِ عبر الأثير.

لنعيشَ في تلك العوالم التي حلقنا فيها معاً
وننقشَ تواريخَ الذكرياتِ على أحجار المكان
فأنت الأرضُ والهضابُ والجبال.
ونحن نسمةٌ عابرة.. في هذا الزمان.

منْ وشمَ كلُ هذه الفسيفساءِ اللونية ِفي ذاكرتكَ
المعبأة بدهاليز التراتيل والصلوات؟..
المشتعلةِ مثل شموعِ الرهبان والراهبات.

كمْ من القصائد اتكأت على خاصرة رؤاك؟.
أي يَراعٍ نزفَ ونثرَ الأحرفَ في سماك؟.

يا قِديسَ الأحرفِ والكلمات
السَّفرُ داخلَ منافيكَ البعيدةِ توهٌ وضياعْ
تركُ نقاطِ دمِك على جوانبِ محبرتك،
تشبيهٌ بليغٌ كُلل بتاج الإبداعْ.
"بعضُ هذه النِّقاط تنسابُ كدِهنٍ مِهراق"،
بلاغة لم تدوّن بأي يراع.

لن أقول وداعاً..
لن أقول وداعاً..
لأن صوتَك المحشرج.
كلماتَك المقدسة.
حروفَك المرتعشة في الأرض.
تخترقُ الجدران
تسكن في الأسماع.
تُبلسمُ الأرواحَ
وتطيّبُ أشدَّ الأوجاع.


السويد: 10 آذار 2012
ألياس عنتر
كاتب وشاعر سوري مقيم في السويد

*****

أبونا يوسف سعيد أنشدَ الأشعار
1
كابي سارة

أبونا يوسف سعيد
طائرٌ حطَّ من السَّماءِ
أنشدَ الأشعارْ
في أيامِنا واستراحْ.

طائرٌ حطَّ من السَّماءِ
غردَّ الضّحَكات
فوقَ أرواحِنا واستراحْ

ملاكٌ حطَّ من السَّماءِ
وزَّعَ الورودَ في المنابرِ
والكنائسِِ
وبين الناسْ
فتركَ في جيوبِنا وقلوبِنا
وأرواحِنا.. وأيامِنا
حديقةَ وردٍ
وملائكةً يُنشدونَ صوراً ... وأشعارْ
وكلاماً طيّباً عن محبَّةِ اللهِ للإنسانْ

لِيُعلِنَ لنا:
وجودَ محبَّةِ اللهِ في قلبِ الإنسانْ .

2
أبونا يوسف سعيد رحلَ عَنَّا
في يومٍ شتائِيٍّ قارص
والأشجارُ عاريةٌ مِنَ الحنين

ودّعَ أميرَتَهُ وأولادَهُ
ودّعَ كُتُبَهُ .. أقلامَهُ .. وأوراقَهُ
بإِبتسامَتِهِ الحنونة
كرسمةِ طفلٍ في العاشرة
ودّعَ الأهلَ والأحبّة
الذين يَسرحونَ فوقَ حقولِ قلبِه
كغزلانِ البراري المتحرِّرة
من بنادقِ الصيادينْ

ودّعَ الأصدقاءَ والغرباءْ
كأطفالٍ يشربونَ دِفءَ الشَّمسِ
يفرحونَ ويمرحونَ بهدايا ومأكولات
ليلةِ عيدِ الميلادْ

ليُعلِنَ لنا :
رغمَ برودةِ شتائِنا القارصْ
وأشجارُنا العاريةُ من الحنينْ
دِفءَ محبَّةِ الإنسانِ لأخيهِ الإنسانْ

3

أبونا يوسف سعيد
عَرَفناكَ منذُ عشرين عامٍ أو أكثرْ
طفلاً مُدَلَّلاً نسيَ أن يكبر
إنساناً حنوناً
لم تثنِهِ أوجاعَ السنينْ
عن الرَّسمِ بريشةِ الحنينْ
وكتابةِ الأشعارِ بنبضِهِ الأبيضْ
فوقَ قلوبِنا الدَّاميةَ بأشواكِ السِّنينْ

أباًَ حكيماً يَهدي قلبه كلَّ حينْ
كوردةٍ بَيضاءْ
للمؤمنين
للمقرَّبينْ
والبعيدين

لتُعلنَ لنا
أنَّ المصلوبَ على قامةِ الشِّعرِ
والرَسمِ والدين
طفلاً مُدَلَّلاً نسي أن يكبر
ولكن يُقاتلْ بمحبَّةِ قدّيس
يقاتل ولا يُقهَر ... ولا يُقهَرْ

4
أبونا يوسف سعيد
نثرَ عبَقَ الإيمانِ في حياتِنا
نثرَ عبَقَ التاريخِ والأدبِ في دروبِنا
حدّثنا عن حكمةِ ابن العبري
وأشعارِ مار أفرامَ السريانيّ.
عن بطولاتِ رجالاتِ آزخَ
وشهداءِ الرُّها وطورَ عابدين

حدّثنا عن الشعراءِ المنبوذينْ
عن جبران والأفاعي المتدلِّية من سقفِ بيته
عن هُروبِ سركون بولص مشياً على الأقدامِ
من العراق الى بيروتْ.
وعبثيّة جان دمّو في السَّاحات
وآخرينَ شرَّدَهم سياطُ الفقرِِ والجلادين
كأنَّهُم رُهبانَ المغائرِ طيبين و متشرِّدين

حدثنا عن يسوعَ ابنُ الانسانْ
خبزُ الطيبينْ
شمسُ الحزانى
وراحةُ المتعبينْ
وقالَ: لماذا لمْ نفهمْ يسوعَ حتى الآن
رغمَ مرورِ الآفَ السنين؟؟؟
فعرفنا: أنَّكَ علَماً من أعلامِنا
وشهيداً أضاءَ لنا حياةَ الشهداءْ
نوراً وبهاءْ

5

أبونا يوسف سعيد
معاً أنشدنا الأشعارَ في الأُمسياتْ
معا تحدّثنا عن فرحِ الألوانِ
ونسمةَ روحِ الإنسان في اللَّوحات
معاً ضحكنا لنبعدَ الغيوم
غيومَ أوجاعِ السنين

وحينَ كنتَ تقرأ الأشعارَ
تُشرقُ الشمسُ فوقَ كرومِنا
وغربتِنا
وأيامِنا الحزينةِ الماضيةْ
ويركضُ الأملُ . نحوَ أيامِنا القادمةْ
كقدّيسٍ حنون
عزيزُ النَّفسِ، حضرَ بيننا
يُزيحُ بصوتِهِ همومَنَا ... وأحزانَنا
ليُعلنَ لنا:
أنَّ لقاءَ الفنِّ والإنسان
نوراً لجنّتِنا الأرضية القصيرة
6
طوبى لمن أحبَّ الناسَ وأحبُّوهُ
وكانَ قلبهُ بيتَ محبةٍ للمتعبينْ

طوبى لمن كانتْ يداهُ حمامةَ سلامٍ
وعوناَ للصديقِ والآخرينْ

طوبى لمن نثرَ فرحَ الرياحينْ
فوقَ أوجاعِ الطيبينْ

طوبى لمن بقيَ طفلاً صابراً
لم تثنِه أوجاعَ السنينْ
وابتسامته وسادةً للمسافرينْ

طوبى لمن جمعَ في إيمانهِ أزهارَ الجِنانْ
وقدّمها للذاهبينَ والقادمينْ

طوبى لمن رفعَ أعلامَ الصلاحْ
للقريبين والبعيدين

طوبى لمن كانت أشعارُهُ ثمرَ عفافٍ
و روحُهُ مائدةَ عشاءٍ للمغتربينْ ..

طوبى لمن احتضنَ في شخصهِ نورَ العالمِ
فكان نوراً لأقدامِ الآخرينْ ..

طوبى لمن كانت حياتُهُ
شجرةً مغروسةً في بستانِِ القدِّيسينْ
فأصبحَ صورةَ رجاءٍ للحاضرينْ

طوبى لمن عرف أبونا يوسف سعيد
لأنَّ السَّعادةَ لن تفارقَه الى أبدِ الأبدين
الى أبدِ الآبدين

كابي سارة
فنان تشكيلي سوري وشاعر مقيم في ستوكهولم

*****

صرخةُ رثاءٍ أُطلقيها في روضةِ الشُّعراءِ

سعاد اسطيفان


ما بينَ فرحِ السَّماءِ
وأنّاتِ حُزنِنا العميقِ
إنسابتْ مآقينا
تبكي شاعراً أبحرَ عميقاً
في مَروجِ الرُّوحِ

غاصَ بين حُقولِ الربِّ
وينبوعِِِِ ِالشِّعرِِِ
ضِحكتُه الوديعةُ ُتنضحُ
فوقَ ضياءِ القصيدة
مفعمةً ًبالمحبّة
بشوقِ الحرفِ إلى تيجانِ الأعالي
رفرفَ عالياً كأنّه
من بوحِ ِاليمامِ

صرخةُُ رثاءِ أُُطلقُها
في روضةِ الشُّعراءِ
في معراجِ العبورِ إلى كنوزِِ السَّماءِ
فمن شواطئِ ِالدُّفءِ
إلى زمهريرِِ ِالجليدِ
حيثُ بياضُ الثلجِ ِيزدادُ عبوراً
في ينبوعِ ِالقصيدِ

الأبُ يوسف سعيد
أيّها الغائبُ الحاضرُ
حروفُُكُم تغفو فوقَ شراعِ الرّوح ِ
في حنايا القلبِ
وعناقيدُ العنبِ تبرعَمَتْ
في كينونتكم
في دماءِ الشِّعرِِ

بفخرٍ تقفُ بنتُ السِّريان
في تأبينكم
آه ...أبونا يوسف سعيد
قلوبٌنا حزينة ٌ
ترنو إلى ضريحِكُم ُالمُسجّى
على أنغام ِالقصيدةِ

يا منْ غلبتُم ُالعالم
وامتطيتم صهوة َالمجدِ
كمْ سهماًتلقّيتُم في صدركُم???
والبسمةُُ ُمرتسمةٌ ٌعلى مُحيّاكم
لا يُغريكم سوى نورُ القصيدةِِ!

يا نجماً مشرقاً في بوح الخالدين
مِن خيوطِ الصبرِِ
نسجتُم أنفاسَكم
وبأسرجةِ الضياءِ
حزمتُم
إضمامةََ َإبداعِكم
وعلى أنينِ جِراحِنا
لحنَ الوداع عزفتُم

فوداعاً
وداعاً يا رسول الشعر وداعاً
فما مسكنك الآن إلآ في جِنان السماء
كمْ رفعتَ كأسَ الرب بينَ يديكَ
فاستحال دماً والخبزُ جسداً
ماهمّكَ صعوبة ُالدرب ِ
وأنت تسلُكَه
على صليب يسوعَ
كنت مُستندا

أنتَ الآن
في مجد العُلا تنعمُ
فاحفظْ لنا بقربك ركناً
إن أتيناك غدا
هنيئاً لك أبونا يوسف
جنانَ الخلدِ وطنا
عزَّ على الكثيرين
وأنتَ استوطنتَه أبدا


سعاد اسطيفان ـ بنت السريان
شاعرة عراقيّة مقيمة في ستوكهولم

*****

مُحارة القوافي

غسلت دموعيَ أوراقي
وَمالت نحو المغيب كُل أحلامي
وَأقلامي
وعِبرَ الغوص في أعماق البحار
في الزمنِ الدّوار
أبحثُ عَن جواهرِ الكلمات
في أصداف الشعرِ والأدبِ
في قلب الراحل السعيد
أبحثُ عن محارة القوافي
من آزخَ الى نورِ السريان
يوسف سعيد
رحلَ عنا في طلعةِ الفجر

هكذا شاءت الأقدار
أن تأخذ منا فنار الكلمة والقلم
رحلَ عنا
من بيننا
من حولنا
تارِكاً اللوعة في المداد
تاركاً الحزن في اليراع
حتى بَكتهُ أعمدة الشِّعرِ
وَروح الشعراء

وَلم يبقَ غير البكاء
غير نزر العطاء
ورحيل الدموع صوب الفضاء
وتركَ الأوراق جاثمة ... خجولة
في وحشة اللقاء
مُصابٌ جَلل
في دفترِ اللغةِ والكلامِ
وفضاءات يوسف سعيد
صارت ذكرى ووجل

كان قوس قزح مرتب الألوان
كخدِّهِ الوردي
يزهو في كلِّ مكان
وعباراته على مجاميع أشعاري
لا زالت تمرحُ في أغواري
كيفَ أنساكَ وأنتَ أستاذي
وَمدار شعري وأفكاري
كيف تنفصل روحك عن الجسد

كيف لا تنفصل من فراقك
السماء عن الأرض
والدموع هدّارة في المآقي
تصرخُ وداعاً يا سيَّدَ الشِّعرِ والأدبِ

يعقوب صومي
شاعر سوري مقيم في ستوكهولم

*****

قافية الجبل الأشم

لروح الأب الدكتور يوسف سعيد

يا قافية الجبل الأشم مهلا
يا مداد الأمجاد رفقا
يا مُحمّلا بالثمار تحنـّن بقافية
فمن بعدِكَ الشعر صارَ قفرا

يا سيد المربد
يا كاهن المعبد
تعال واستلقي عند الساقية النبية
واملأ من مدادك أسرار الأبَدية
قـُم ، فمن بعدكَ القوافي

صارت أرضاً بَورا
واليَراعُ صارَ يَلعب به العري المسكين
يسلبه شيطان الجفاف
ويهفو الأدب اليك
يغوص في حنانيك باحثاً عن كأس المُنى
عن فيض النقاء المنهمر من نضد يَديك
والشعر يصرخ في وجه الكون
من بعد يوسف السريان من أنا

من بَعدِكَ يا سيد الأشعار
صار اليوم يضغطً خطاه
خطوته صارت ألف عام
يَسير الشاعر فيه مًرتجف الأغصان
يَبحثً عن ثمر قدسي
عن شجر وأنوار
وعن موسم حصاد وشحرور
وفي غفلة يفيق من كـَبوَتهِ محملا بالهموم
بالوجوم
لا يعرف كم من الحزن تخطـّى
كم من دًنباه أخذ وأعطى
لكنه يعود إلى الربيع المذبوح
حيث التكريم بعد الممات
حيث النعمة ممنوعة في الحياة
والحياة فارغة حتى من الذكرى
والمنزل ضيقٌ كقبر مفتوح

حتى صرنا لا نعرف على مَن نبكي وننوح
ومطر السماء صار شوكاً بين أحداق الرثاء والذكرى

أفلا تنهض يا خالداً كالربيع
ألا يكفيكَ سفراً وبُعداً ورحيلاً
ألا تَنهض وتُنضد الكلمات نثراً وأشعاراً
وتملأ الفجر الضحوك أفكارا
ألا انهض يا فيلق الشعر
فصدر القوافي اليوم
برحيلِك يتـّمتَ وأبكيت

واصف عزو البرطلي
شاعر عراقي مقيم في ستوكهولم

CONVERSATION

0 comments: