رسالة ليست شخصية فقط: عقليات الحوار ومطباته في ثقافتنا/ نبيل عودة


اثارت مقالتي " رؤية مشوهة للقصة القصيرة في ندوة القاسمي" حمية بعض حرافيش الثقافة ، وكان يبدو في بداية التعقيبات ( خاصة في موقع دروب ) ان الحوار سيكون عقلانيا يتناول طروحات المقال ، وهي ارائي الخاصة ورؤيتي الخاصة ولم اكتبها لألزم فيها أي طرف ، الا ان كاتبة باسم انوار سرحان حاولت التعربش على الموضوع لتعرض نفسها ثقافيا ، وهي حالة غير مستهجنة في أي ثقافة تعاني من الركود والخلل وضياع الثوابت .
في مقالي استهجنت أمرا اساسيا ، لا أظن انه يوجد مختل عقليا يستطيع ان يقول اني بالغت في طرح الصورة، خاصة توجيه نقدي الى مقدم البحث الدكتور، الناقد ، بطرس دلة ، حول نسبه كتبا قصصية لكتاب معروفين الى كتاب آخرين. مثلا مجموعة الكاتب رياض بيدس " باط بوط " نسبها الى اديب فلسطيني (الأديب خليل بيدس) المتوفي قبل عدة عقود وقبل ان يكتب رياض بيدس " باط بوط " او أي قصة أخرى. ونسب ثلاثة كتب أخرى للكاتب المعروف حنا ابراهيم ، وهي: "صوت من الشاغور"، و"نشيد للناس" و"ذكريات شاب لم يتغرب " للشاعر الأديب حنا ابو حنا. ونُشر تقرير عن الندوة لم تصلح فيه هذه البدعة الغريبة. واقول بدعة لا لوما بمن نشر التقرير ، الشاعرة آمال رضوان ، فمن حقها ان لا تعرف ، انما من المستحيل ان يدعي ناقد للقصة القصيرة ومنظر لكتابتها جهله باسماء كتاب القصة القصيرة البارزين في ثقافة " يشملها برعايته ".
وسؤالي ، هل بسبب هذا التصويب استحق نبيل عودة تهجما شخصيا قاسيا( وأمتنع عن استعمال تعبير آخر رغم ان دقته أكبر ) بشكل لا يمكن ان يتلاءم مع روح الثقافة والرأي والحوار ؟
وسؤال محرج آخر: ما الذي اثار قلق أديبة وقاصة هي أنوار سرحان ، التي لم تحضر الندوة ولا اعرف من أين استقت معلوماتها وغضبها من نقدي لهذا الخلل "الثقافي الأكاديمي" ، حيث ان المحاضرة قدمت في معهد اكاديمي ، ولطلاب اكاديميين وليس في ناد او جلسة غير رسمية ، وهناك أيضا لا يمكن ان نحتمل وقوع خطأ من هذا النوع .
وسنأتي للنقاط الأخرى ...
لا أعرف من هي انوار سرحان ولم أقرأ لها سابقا وقد تكون كاتبة مبدعة حقا ، واستصعب فهم اسباب تهجمها الشخصي وسخريتها المتثاقفة من قدراتي الكتابية ، رغم اني كاتب معروف ومتمرس قبل ان يكون لها رقم هوية !! والأهم ما دخل قدراتي الكتابية ، او معرفتي بكتابة المقال ، وبين الحقائق التي طرحتها في كلماتي ( كما وصفت مقالي بسخرية؟ ) هل تستطيع سعادتها ان تشهد بأن ما جاء في كلماتي ، التي لم يعجبها كاتبها ، ولم تعجبها قدراته على صياغة المقالات، بأن الكتب المذكورة هي لمن ذكرهم الناقد بطرس دلة، وليس لمن يصر نبيل عودة انهم أصحابها؟
حتى تعقيبها الطويل جدا تجاهل الإشارة لهذه السقطة الثقافية على الأقل ، فهل هذا يعني انها تدافع عن الخطأ ؟ ام مجرد قلم مستأجر يقوم بمهمة مدفوعة الأجر الثقافي ؟
لها الحق ان لا تعجب بشخصي ، وان لا يعجبها اسلوبي الكتابي وآرائي الثقافية ، ونقدي ، وقصصي ومقالاتي السياسية والفكرية .
لها الحق ان لا تعجب بمواقفي ورؤيتي الفلسفية للثقافة، وان تكتب مداخلة ترفض فيها مواقفي ، وتنتقد قدراتي الكتابية ، هذا كله متاح ومشروع ، وحتى لو أصرت ان " باط بوط "هو كتاب لخليل بيدس ، وليس لرياض بيدس اطلاقا. او ان كتب حنا ابراهيم هي بالتأكيد وباصرار منها تضامنا مع الناقد بطرس دلة، هي للشاعر حنا ابو حنا وليست للكاتب والشاعر حنا ابراهيم ، وان نبيل عودة هو الخطأ ولو صدق المنجمون !! .
كنت ساقول لها شكرا لا اضافة لدي ، مع مثل هذا الاصرار انتهى الحوار.. لأنه من نوع الإصرار على حلب الثور .
ولكنك تماديت الى المستوى الشخصي جدا يا انوار ..
انوار لجات الى لهجة لا أنصحها ان تكررها مع الآخرين. فهي لا تعرف قدرات نبيل عودة الكتابية ، او قدرات الآخرين .. ولا جاهزية نبيل عودة وقدراته للرد على التطاول المستهجن وغير الضروري ..
ألم يكن الأجدر أن تحاوريني على طروحاتي في المقال ، وان تتركي نبيل عودة بشكله الذي لم يرقك وقلمه الذي سخرت منه ، جانبا ؟
لماذ قمت من نومك تحلمين بأنك قادرة على القفز من فوق نبيل عودة..؟ السابقون كانوا أشطر منك وقد أخرستهم .
هل كتبت لحساب أشخاص حمسوك وحملوك " هرطقتهم الثقافية "؟!
انا لم أكتب من أجل ان توافقني انوار او أكسب ودها، او اتخايل أمامها كالطاووس. كتبت لأني أغار على ثقافتنا من التضليل، واغار على واقعنا الأدبي من الإستخفاف الثقافي ، بل ودفاعا غير مباشر عن مستقبل انوار الأدبي ومستقبل كل مبدعينا وكل ثقافتنا من الهرطقة النقدية .
مرة أخرى قد تخونني الرؤية وأجد نفسي باقلية ، ولكن هذا لا يمكن ان يعني ان الردح ضد نبيل عودة هو ثقافة. هذه حرشفة وسقوط، والذي يسقط بخيارة يتحمل الثمن لوحده.

القسم الثاني من مقالي تناول المداخلة حول القصة القصيرة المحلية، وتحليل الناقد دلة للقصة ، وشرحه لمضمونها وكيفية كتابتها.
هنا قد اقبل منك أي رأي مخالف ونقيض لمواقفي وقناعاتي. ولكن باطار يرفض مواقفي ، ويطرح رؤية بديلة او يصر على رؤية صاحب المداخلة. وبالطبع الحذار من جعل الرفض والنقض توجيه حقد دفين وتهجم شخصي ،ضد صاحب الرأي. هذه تسمى حرشفة ثقافية.وسقوط يُرد عليه بما يتناسب مع عنفه ، وربما أعنف .. لأن البادي أظلم دائما !!
اتوجه للكاتبة انوار بدون ضغائن، ساعتبر ما كان صفحة مغلقة . لا اريد اعتذارا، ولا أبحث عن الاعتذارات . لا تقعي مرة أخرى في خانة ليست لك ، ولا تدخلي في حذاء غيرك . حافظي على شخصيتك ورأيك . دفاعك لم يكن رأيا ، بل حقد اوكل اليك تفريغ سمومه من عجزة فكريا يخافون ردي . والمضحك ان صاحب رأي ( دكتور هو الآخر ؟؟ ) لا أعرفة ولا يعرف ثقافتنا ومشاكلها وكتابها ، تحمس لك ، وكان واضحا وضوح الشمس ان حماسه بلا ثقافة ووراءها دافع ذكوري ليس غريبا على مجتمعنا . ومثل هذه المواقف تثير غضبي لأني أرى بالمرأة ، بمن فيهن انت ، انسانا مساويا ، بالعقل والرأي والابداع والكرامة ، وليس مجرد امرأة قاصرة عقلا ودينا !!
كلمة أخيرة:
تقلقني ثقافة الحوار بيننا . حتى اليوم لم أواجه بحوار ثقافي أو سياسي جاد . كلنا ديوك جاهزة للانقضاض ونتف ريش الآخرين. وهذا يجعل المشهد الثقافي العربي المحلي مليء بحالات التكلس .
الثقافة ، ابداعا او نقدا ، هي فعل اجتماعي وفعل معرفي علمي( ابستيمولوجي ). والنقد هو احدى الادوات الهامة في هذا الفعل . اما نقدنا المحلي في السنوات الاخيرة ، فيتميز بأكثريته المطلقة بالعلاقات العامة ، والتشريفات الاجتماعية والدهلسة والنفاق .. ويفتقد للقيمة الثقافية كمعيار هام للعملية النقدية .
والكبار بالوهم يورطون الصغار بالتجربة !!

نبيل عودة – nabiloudeh@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: