اليتيم/ عبدالقادر رالة


   هاتفني صديقي علال وقال بأنه ينتظرني في مقهى "الأنيق"...وبعد أن صليت الظهر توجهت الى المقهى .قيل لي أنه مقهى جميل وهادئ !وجدته مع رجل كهل لم أحادثه من قبل ولكن أعرف اهتماماته بالخوارق والكنوز وعالم ما وراء الطبيعة!!
    وصديقي علال اعتاد أن يفتخر بي ويقدمني لكل شخص جديد، لذلك فبعد أن جلست قال لجليسه الكهل:ـ  استطاع أن يتعلم اللغة السويدية بنفسه! وهو الأن يعمل في شركة سويدية متخصصة في الإنشاءات الحديدية وبراتب ...! فقاطعته أنا بتواضع خوفا من أن تصيبني عين صديقي أو جليسه:ـ منصور أفضل مني! يتقن أربع لغات أجنبية الروسية ،التركية ،الالمانية  والايطالية.... وماجستير في الأدب المقارن، وثقافة واسعة في الدين والشريعة!!
  تبدل وجه الكهل بالكامل ،فغمزني علال هامسا أرجوك لا تتحدث عن منصور أمامه..
 سأل الكهل بحدة:
ـ من يكون منصور هذا الذي يثير اعجابك بهذا الشكل؟!                                                                                   
 رأيت القلق باديا على وجهه علال فقلت:ـ منصور احسان ،ذاك القصير الذي نناديه بالقزم ! هل نسيته يا علال ؟ طالما تناقشتما النقاش الحاد!            
رأيت الارتياح على وجه الكهل ،أما علال فتنهد وحمد الله هامسا.....
  وفي المساء اختليت به بعد صلاة المغرب وسألته عن صاحبه الذي أقلقه ذكر اسم منصور؟!
  فقال:                                                               
ـ الحمد لله ! أن حديثك لم يكن عن منصور سليم! أستاذ التاريخ...منذ اسبوعين تعرضت لموقف محرج في مقهى "الرياضي" ...شجار كبير بين الكهل ومنصور جعلنا سينما يتفرج عليها الناس ويستمتعون! السبب كلمة قالها الكهل لمنصور ...أنت يتيم! وغضب منصور ...لست يتيما! فقال الكهل متعجبا:ـ  إذا لماذا تتحث عن والدك بهذه الطريقة الهزلية؟
ـ أعرف أن منصور بالرغم أنه وحيد والديه فإنه استقل بسكنه الخاص بعد الزواج ثم ما لبث أن انتقل الى المدينة التي تسكن فيها زوجته! ..
 - ثم أضاف الكهل لا أعرف لماذا لا تتحدث عن والدك بأدب؟! على حد علمي هو الذي انجبك وكبرك وعلمك حتى صرت رجلا ثم تسخر منه بهذه الطريقة! الآن فقط أدركت بأنك العالم وهو الجاهل! حتى الآن أدركت بأنك العصري وهو المعقد! لماذا لم تدرك ذلك وأنت في القماط أولما كنت تحبو! اولاد هذا الزمن الردئ!..صدقني يا علال لو كنت مسؤولا أو في يدي الحكم لكنت أبدتكم جميعا! فقال منصور أنت مثل أبي ..تغارونا منا ومن نجاحاتنا! يغار مني لأني متحصل على دبلوم!  .....وأمسكه الكهل من ياقته وأراد أن يخنقه لولا تدخلي وتدخل رواد المقهى.... والدك يغار منك يا ابن ....كان الكهل يصرخ بشكل هستيري! أنت لست ابن أباك! تتطاير الشرر من عيني منصور لما سمع هذه الكلمة النابية فانقض على الكهل ...وتدخل الناس متعجبين من نقاش بسيط تحول الى عراك كبير! وبخوا الكهل لأنه تدخل في أمر لا يعنيه... أولاد هذا الزمن متشابهون!!  حمدت الله من قلبي أن الشرطة لم تأتي....صار الكهل يشعر بالقلق كلما لمح منصور من بعيد أو ذكر اسمه أمامه! ولما ادعوه الى المقهى يسألني أولا إذا كان اليتيم سيحضر أم لا؟! ولما ادعو منصور لا يلبي حتى يتأكد من أن المجنون ليس معي.....!!

CONVERSATION

0 comments: