خمسة ملايين عربي سني خرج في ساحات الإعتصام أواخر عام ٢٠١٢م ، فجأة ظهروا بلا روايات ، ولا مقالات ، ولا شعر يسبق ظهورهم أو يبشر بأسبابه . هل تعرفون لماذا ؟ . لأن فرق الموت تغتال الكتاب على الهوية ، لا يوجد كاتب يفتح فمه . كل الكتاب كانوا شيعة وهؤلاء طبعا لن يبشرونا بثورة سنية وشيكة في العراق .
نحن اليوم نطالب بحقوق أهل السنة جميعها في العراق ، وأول حق من حقوقنا عودة كتابنا السنة العرب الذين كانوا يملؤون المجلات والصحف العراقية . أين اختفوا ؟. الأسبوع الماضي كشف عضو مجلس محافظة ديالى عن مخطط تنفذه الميليشيات الشيعية لتهجير الأطباء السنة تحديدا من المحافظة . وكشفت واحدة من الإحصائيات هجرة حوالي ١٠٧ طبيبا سنيا إلى مستشفيات الإقليم الكردي .
العلاج و تشخيص المشكلة يجب أن لا يتم من خلال كاتب أو طبيب سني كما يبدو .
مؤخراً أعلن السيد رئيس الوزراء عن جائزة مالية قدرها ١٦ ألف دولار لكل مَن يقتل إرهابيا سنيا ( وليس شيعيا ) ، هذا يذكر حقاً بالعصور المظلمة فسلطة المراجع الشيعة اليوم تشبه الكنيسة في القرون الوسطى . تروي كتب التاريخ أن جندرمة حاضرة الفاتكان هاجمت مدينة بيزرس جنوبي فرنسا المليئة بالهراطقة فسأل الجند القاصد الرسولي : كيف يمكن أن نميز فيهم الزنديق وغير الزنديق فلا نقتله فأجابهم: «اقتلوهم جميعاً عن بكرة أبيهم فالله يتعرف على عباده الصالحين» . يجب التذكير بتصريح رئيس الوزراء نوري المالكي أمام الإعلام بأن المرجع السيستاني يحبه و يحترمه و يقول بأنه يشعر حين يجلس معه بأنه رجل دولة . مع هذا يصر المثقفون الشيعة على تكذيب هذه المعلومات الدامغة .
قبل ثلاثة أيام قامت قوات سوات التابعة للمالكي بإعدام مجنون في سليمان بيك على انه سعودي ليتم استلام ثمن قتله ٢٥ مليون دينار عراقي .
باقر الزبيدي ( صولاغ خسروي ) ، المسؤول العراقي الكبير و عضو المجلس الأعلى ، يقول " قلت لكم إن الحرب ستكون على أسوار بغداد والآن أقول لكم إنها ستكون في بغداد " . الحرس الثوري الإيراني يقاتل في الأنبار والسيد باقر الزبيدي يحذر من هزيمة في الأنبار تؤدي إلى دخول العرب الأنباريين عاصمتهم العربية بغداد .
إن حرب ميليشيات المالكي على الأنبار هي حرب المشاغبين ضد الأب . فالأنبار هي الحكومة ، و هي القوات المسلحة ، و مجالسها هي الشرعية و القانون . هزيمة نفسية كبيرة يعانيها حزب الدعوة . إنهم يقودون انقلابا فاشلا على الهوية ، والكبرياء العربي في العراق . حرب الإنحطاط على الأخلاق الحميدة والأصالة .
الشيخ علي الحاتم السلمان بصدقه و فطرته جعل الصحوات و داعش عاطلين بلا عمل ولا وجود . بدلا من تمزيق الأنبار العالية بين إرهاب و صحوات قام بجمع المقاتلين المباركين في جيش واحد هو القوات المسلحة للإقليم السني مع القضاء التام على كل عميل للصفويين أو مخرب إرهابي .
وربما يفكر الشيخ حاتم باحتواء البعثيين والإفادة من خبراتهم النبيلة كما احتوى الصفويون الشيوعيين ليخدموهم في إعلامهم و تزييف الحقائق .الشيوعيون الذين بشروا بمقولة ماركس " الدين أفيون الشعوب " كانوا هم أكبر أفيون إعلامي و ثقافي للشعب العراقي في محنته . قاموا بتخدير العقول والضمائر حتى انتهت فرق الموت من ذبح أهل السنة في العراق . علينا أن لا ننسى بأن مؤسسة المدى الشيوعية هي صاحبة امتياز طبع ولصق صور الخامنئي في العراق . كم كاتبا عربيا سنيا قدمت مؤسسة المدى منذ الإحتلال حتى الآن ؟ (ولا واحد ) . الكارثة شعبنا السني يقرأ لهم بلا وعي ولا فهم لما يجري . إنهم لا يؤهلون كوادر عربية سنية في تلك المؤسسات ، ولذر الرماد في العيون ينشرون لبعض المسنين والحزبيين السنة الفخريين .
في أي اتجاه نسير يا شيخ علي الحاتم ؟ . من المهم عودة الكفاءات البعثية لكن ينبغي الحذر من الخطاب القومي في العراق . الشيوعيون استطاعوا إقناع الأكراد بشوفينية السنة ، و دفعوهم للتحالف مع الصفويين ، على خلفية صراعهم مع الدولة العراقية القومية السابقة ، و حكايات حزينة دامية سابقة . الضروري اليوم ترسيخ العلاقة مع إخواننا الأكراد و استبعاد النفس القومي بنفس آخر مشترك بيننا وبينهم . هذا لن ينجح إلا بضرب الشيوعيين ، و تجاوز الخطاب القومي بخطاب إسلامي معتدل و مشترك . الصراع القادم لا يتحمل التضحية بالإخوة الأكراد ، و هم سيجدون أنفسهم معنا في الصراع ضد إيران إذا ضمنوا حقوقهم كاملة واطمأنوا لغياب الخطاب القومي المتطرف . السنة أرادوا كسب الشيعة بالقومية فخسروا الأكراد إخوانهم في العقيدة ، و لم يكسبوا الشيعة إطلاقا . بل تحالف الشيعة مع الأكراد ضدهم .من الممكن لتفاهم تركي خليجي أن يرعى تحالفا سنيا في العراق بين العرب والأكراد . هذا التحالف ممكن جغرافيا و عقائديا ، بينما التحالف الشيعي الكردي غير ممكن إلا بحصار السنة العرب لأنهم في المنتصف .
التحالف الكردي الشيعي مستحيل ، وماحصل مؤقت بظرفه وستضرب إيران إقليم كردستان حالما تتمكن . ولابد من أن يفهم الأخوة البعثيون بأن خطابهم غير واقعي في هذه المرحلة .
لا يمكننا حصار الأحزاب الدينية الشيعية بالقومية ما دامت إيران تدعمهم طائفيا . التاريخ يسجل لتحالف عربي تركي فارسي كردي قبل ظهور الصفوية وقد انهاه المغول . ثم قام الصفويون وبقي تحالف كردي تركي عربي في ظل الدولة الثمانية قضى عليه الإنگليز والآن ربما هناك فرصة لعودته . فتح الطريق إلى تركيا ، و إلى الخليج ، و الأردن ، و سوريا يجعل من حصار السنة أمرا مستحيلا . يجب تأمين الغذاء والسلاح والإعلام تحت كل الظروف .
هل ترى الشيعي مترددا في طرح خطابه الطائفي الدموي ؟ . هل ترونهم مترددين في تنصيب السيستاني الإيراني والخامنئي الفارسي قادة عليهم و عليكم في العراق ؟ . أنت تريد صداقة مع إيران ولكن إيران تريد احتلال بلادك فماذا نفعل بصداقتك ؟ . أنت تريد فكرا ليبراليا ولكن هناك زيارات مليونية تسحق على رأسك شهريا فماذا تفعل ؟ . أتمنى على الشيخ علي الحاتم أن يتذكر كيف أن النائبة حنان الفتلاوي كانت تصرخ بجنون أمام الأمريكان باللغة الإنگليزية : " لماذا حارب صدام حسين إيران ؟ " . ولماذا تحاربون الأنبار و تقصفونها ؟ . لقد حاربنا إيران على حدودها الدولية لكي لا تحاربنا على حدود حلب ، و الأنبار ، والموصل ، و حمص ، و درعا ، و يبرود ، و ديالى ، و بغداد .
احتلال الألمان لفرنسا في الحرب العالمية الثانية كان مقدمة لاحتلال برلين ، كذلك هدم المالكي للفلوجة هو مقدمة لهدم السلطة السياسية لمراجع النجف . أهل الأنبار لن يطردوا ذلك الشعور بالغضب . القصف على بيوتهم والمعارك في مدنهم فما هو النصر الذي يستحق الإحتفال ؟ .
أنا هنا أدافع عن شعبي الذي يقاتل نيابة عن جميع العرب والسنة في هذا الفك المكسور من الإمبراطورية القديمة . نحن اليوم بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من الدعم و التعاطف ضد الإجتثاث الفارسي الشوفيني لنا من أرضنا .
حين يكون الواقع مخيفا ، والمستقبل مرعبا على الكتاب الربيعيين ترك المنابر للكتاب السوداويين . الكلام يجب أن يغدو بقوة الواقع و قسوته ليكون مسموعا . غدا تشرق الشمس ، و تطيب الجراح لنعود حينها إلى كهوفنا ونترك لكم الغناء و تمجيد الحياة كما تشتهون .
سوف يزدهر العراق اقتصاديا و عمرانيا بالكرامة والعز ، ينتهي الوجع ويبدأ البناء . النظام السابق أصلح الكهرباء و الجسور و ناطحات السحاب تحت حصار خانق ، بينما هذه الحكومة نهبت مئات المليارات و خربت البلاد لماذا ؟ . لأنه لا توجد قيم ولا كرامة لهذا لا يمكن بناء شيء . البناء يأتي مع كل قاذفة تنطلق من كتف محارب عربي أنباري شجاع ، بين خطواتهم يخرج الشعر والعمران والتنمية والموسيقى . لكي يخرج الكتاب والشعراء السنة من تحت الأرض في العراق نحتاج إلى هدم السدود الطائفية ، ولا يمكن هدمها بدون قاذفات الأنبار و سواعدها .
الآن نكتب برحابة هذا الصوت للأنبار صاحبة الرسالة العظيمة ، رسالة أبي بكر الصديق
" مَن كان يعبد محمداً ، فإن محمداً قد مات . ومَن كان يعبد الله ، فإن الله حيٌّ يموت "
0 comments:
إرسال تعليق