هل تتحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية؟/ شاكر فريد حسن

على امتداد مسيرته الوطنية والنضالية التحررية كان شعبنا الفلسطيني يرفض ويلفظ الانقسامات والانشقاقات بين أي من فصائله المختلفة ، وظل شعاره دائماً الوحدة الوطنية ، لأنها صمام الأمان في مواجهة الصعاب والتحديات والمؤامرات التي تستهدف قضيته المقدسة ، وقد تجلت هذه الوحدة في أروع صورها وأشكالها إبان الانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال وممارساته القهرية التنكيلية . 
لكن للأسف أن هذه الوحدة باتت غائبة في الشارع الفلسطيني منذ أن وقع الانقسام بين أبناء الوطن والمصير والهدف الواحد ، بين حركتي "فتح" و"حماس" ، ونتيجة هذا الانقسام تولدت ونشأت ظواهر وسلوكيات بغيضة كنا نمقتها وندينها لأنها من ممارسات الاحتلال . فقد سالت ونزفت دماء كثيرة على أرض غزة ، وتعرضت حرية الرأي والتعبير للخنق والكبت ، ومنعت الصحف والمجلات من الوصول للقطاع ، وزج بالعشرات من المناضلين في السجون والمعتقلات الحمساوية والفتحاوية ، ومنعت النشاطات الاحتفالية بذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية وإحياء ذكرى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وغير ذلك الكثير . وهذا الانقسام الحق ضرراً كبيراً بشعبنا وقضيته العادلة ، وأضعف النضال الوطني الفلسطيني ، وتم استغلاله واستثماره من قبل أعداء شعبنا ، الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية ، في محاولات تكريس واقع الاحتلال ومنع إقامة الدولة المستقلة .
فكم مبادرة واجتماع عقد من اجل المصالحة واستعادة الوحدة بين الفصائل الفلسطينية ، وكم اتفاق ابرم من اجل إنهاء عار الانقسام  وطي صفحة الانشقاق وانجاز المصالحة بين "فتح" و"حماس" ..؟؟ . ولا ننسى مبادرة الحراك الشبابي الفلسطيني ودعوته إلى نبذ الشقاق والخلاف وضرورة تحقيق الوحدة الوطنية ، رافعاَ شعار "الشعب يريد إنهاء الانقسام" ، لكن هذا الحراك الشبابي الفلسطيني سرعان ما خبا بريقه .
ورغم كل المبادرات والمحاولات والاجتماعات واللقاءات والاتفاقات لم يترجم أي شيء على أرض الواقع وفي الحقيقة ، وبقيت كل الاتفاقات المبرمة والموقعة حبراً على ورق . واليوم نسمع عن زيارات لقطاع غزة وعن لقاءات وحوارات جدية بين قيادتي حركتي "فتح" و"حماس" بهدف الوفاق الوطني ورأب الصدع الداخلي وانجاز المصالحة التي طال انتظارها ، نأمل أن تحقق هدفها وغايتها . 
لقد آن الأوان كي تعود المياه إلى مجاريها ويتمتع شعبنا بوحدته الوطنية الغلابة التي طالما تغنى فيها وهتف لها ، والظروف الحالية بلا شك أصبحت مواتية لإنهاء الانقسام الفلسطيني المدمر، والتخلص من تبعاته وتداعياته ومخلفاته وانعكاساته على الشارع الفلسطيني وقضيته الوطنية وانجازاته السياسية .
خلاصة القول ، إن الوحدة الوطنية هي ضرورة موضوعية وحاجة ملحة في ظروف شعبنا المعقدة والصعبة ، وما تمر فيه الحركة الوطنية الفلسطينية ويتعرض له شعبنا من عمليات نهب واستيطان وممارسات قمعية ، ومن واجب القوى الوطنية والديمقراطية والفصائلية الفلسطينية التحلي بروح المسؤولية ، بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة ، والعمل بدأب وإخلاص من أجل تحقيق المصالحة واستعادة اللحمة الوطنية ، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني والنهوض بأوضاع شعبنا الداخلية والوطنية والعامة.

CONVERSATION

0 comments: