في زحمة الاحداث المتلاحقة التي تجري في الوطن العربي، فان الموضوع الفلسطيني لم يعد يأخذ حيزا كبيرا كما في الماضي على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون ومواقع الانترنت، ولم تعد القضية الفلسطينية هي المهمة للعرب فلكل دولة وكل شعب وكل طائفة اصبح لديهم ما يكفيهم من مشكلات ليهتم بها.
ان الجديد في القضية الفلسطينية هو اقتراحات كيري الذي يعمل جاهدا على حل هذه القضية التي استعصت على الذين سبقوه من وزراء الخارجية الامريكية وزياراتهم المكوكية، والادارات الامريكية المتعاقبة التي تعمل جاهدة على ضمان أمن اسرائيل، من غير شك ان خطة كيري وضعت من اجل مصلحة اسرائيل وامنها، وليس إرضاءً لمطالب الفلسطينيين كحل مشكلة اللاجئين وعودتهم الى بيوتهم التي هُجروا منها، وضمان الامن لهم في حدود أمنة وجعل القدس عاصمة لدولتهم.
رغم تحذير المراقبين والمحللين السياسيين وبعض القيادات الفلسطينية المعارضة لنهج المفاوضات من خطورة الاقتراحات الامريكية التي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية في غمرة ما يجري في الوطن العربي من اقتتال داخلي وفوضى في الدول العربية الاخص ، إلا ان السلطة الفلسطينية مصممة على المضي بهذه المفاوضات الى النهاية بالرغم من التعنت الاسرائيلي والاستمرار في بناء المستوطنات على الارض الفلسطينية.
وتأمل السلطة الفلسطينية في تغييير الموقف الاسرائيلي الذي لم يتغير منذ بدء المفاوضات منذ عشرين عاما والذي يصر على الانتقاص من الحقوق الفلسطينية، ومن الملاحظ انه كلما طال أمد عدم حل هذه القضية يخسر الفلسطينيون المزيد من الأرض، ويفقدون الدعم العربي الذي اصبح بدون تأثير على الكيان الصهيوني، وان الوضع العربي يزداد ضعفا وتشرذما.
في ظل هذه الاوضاع يحاول محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية التأثير على الشعب الاسرائيلي من خلال تنظيمه مؤخراً لقاء مع الشباب الاسرائيلي الذين يمثلون مختلف التيارات السياسية في إسرائيل، ان هذه الخطوة تعتبر جيدة في ظاهرها، ولكنها على اغلب الظن لن تأتي بأي فائدة لان الشعب الاسرائيلي يتجه نحو التطرف وعدم الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وليس المطلوب من الفلسطينيين تقديم التطمينات الى الشعب الاسرائيلي، لأن الشعب الفلسطيني هو الذي تُحتل ارضه وهو الذي يعاني من اهوال الاحتلال وهو الذي يتطلع الى ضمانات تقيه من ارهاب هذا الاحتلال.
إن الرئيس عباس يخطئ عندما يطمئن الاسرائيليين انه في حال فشل المفاوضات لن يكون هناك عودة الى العنف، فيجب القول ان الشعب الفلسطيني لا يمارس العنف انما يمارس حقه الطبيعي في مقاومة المحتل التي استكثرتها عليه القيادة الفلسطينية التي تراهن على المفاوضات طريقا وحيداً دون ترك أي خيارات ضاغطة على هذا الاحتلال الذي لا يفهم سوى لغة القوة.
ان هذه اللغة الدبلوماسية التي يستعملها عباس مع الاسرائيليين تشكل وعود لهم بعدم عودة العنف وهذا تطمين غير مباشر للمحتل للاستمرار بسياسته الاستيطانية وعدم الخوف من أي انتفاضة أو مقاومة، ناهيك عن الامتناع من التوجه الى المنظمات الدولية لمحاسبة هذا المحتل الذي لم يبق للفلسطينيين في المستقبل ما يتفاوضون عليه.
أما بالنسبة لقضية اللاجئين التي يحاول عباس تطمين الاسرائيليين على عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اراضيهم التي هجروا منها قسراً، ما هي الا وعد أخر بأن هؤلاء اللاجئين لن يعودو الى اراضيهم، فقبل طمأنة الاسرائيليين كان يجب اخذ رأي هؤلاء اللاجئين الذي ينتظرون وعداً من القيادة الفلسطينية بأن المفاوضات ستُرجِع لهم حقوقهم، ويبدو ان طمأنة المجتمع الاسرائيلي اصبحت أهم من طمأنة هؤلاء اللاجئين على مصيرهم ومستقبلهم.
بالرغم من كل التنازلات التي أقدم عليها الفلسطينيين وسيًقدِمون عليها فإن اسرائيل لن تغير مواقفها المتعنتة والتي تريد الارض والسيطرة على شعبها، ومهما فعل السيد عباس وقدم التنازلات وحسن النية تجاه الشعب الاسرائيلي، فان دولة الاحتلال سوف تريد المزيد والمزيد من التنازلات لأنها تشعر بأنها في موقع القوة، بينما يزداد الموقف الفلسطيني ضعفا.
0 comments:
إرسال تعليق