بيوت ٌ في زقاقٍ بعيدٍ/ كريم عبدالله

( قصيدة بوليفونية متعددة الأصوات )
البيوت في المدينةِ البعيدةِ تغفو دائماً أشجارها متجاورة الأغصان توحي بعضها لبعضٍ أنَّ أساريرَ الصباحِ تمضي بالتواريخِ صامتةً كالقراطيسِ القديمةِ وهي تشكو مِنْ الشيخوخةِ , صوتُ العصافير تحملهُ النسمات كلَّ صباحٍ تتركُ صغارها تتنزّهُ على الشناشيلِ وظلّها يحكي للوسائدِ أنَّ الشمسَ لا تغيب , ماذا بوسعهِ النهر أنْ يفعلَ إذا دغدغَ الغبشُ أزهاره وهي تستفيقُ على نقيق الضفادع ! البيوتُ المتجاورةِ كانتْ تومىءُ للشمسِ أنْ بساتينَ الأزهارِ  تناغي أقدامَ الفتيات فيشعرنَ بالأمان  , مذ كانَتْ حلوى  ( حنا ) تفضحُ رغباتهم الطفوليّةِ بما تحملُ مِنْ صلواتٍ تمجّدُ الربَّ  كانَ عنبُ ( عليّ ) مختوماً باسرارِ العرائشِ مستريحةً على الأسيجةِ تقبّلُ ضجيج النحلِ وكانَ ( عثمان ) يسمعُ أصواتَ التلاميذَ ينشدونَ في ساحةِ المدرسةِ ( وطنٌ واحدٌ ) كانتْ الأحلام واحدة في النفوس . لكنّني فجأةً و حينَ أُرهفُ السمعَ تحملُ ليَ الريحَ أصواتاً قادمةً تجلجلُ منْ وراء الحدود :-  ( لا بدَّ مِنْ حكمٍ جديدٍ ) , وحدهُ السيف سينطقُ  بالحقِ عالياً . ضجيجُ المارّةِ في الشوارع لماذا بدأ يخفتُ بالتدريج ويتلاشى خلفَ الأبواب الخشبيّةِ وأنا  أسمعها كيفَ تنشجُ الحزنَ , الأغصانُ تندعكُ ببعضها تأكلها نار تلتمعُ عليها السيوف حولَ الحاكمِ بأمرِ الله .

بغداد
العراق


CONVERSATION

0 comments: