اهل العراق عبيد لنا ولهم الفخر اذ اصبحوا عبيد للفرس! ، هكذا قال الجنرال رحيم صفوي المستشار العسكري للمرشد الإيراني علي خامنئي ، في موقف ليس بجديد ولا غريب على مسامعنا من جملة المواقف والتصريحات لقادة النظام الإيراني وأعمدته الرئيسية تجاه العراق والمنطقة العربية والإسلامية عامة خلال السنوات الماضية التي بسطت خلالها إيران نفوذها بالكامل على العراق وانطلقت منه نحو المنطقة العربية حتى وصل الحال ان يكون الارهابي قاسم سليماني القيادي في الحرس الثوري الارهابي هو الحاكم الفعلي لثلاث دول بالمنطقة ويحظى بنفوذ واسعا وكبير في دول آخرى .
تداولت حديثاً وسائل إعلامية وصحافية تصريحات للجنرال رحيم صفوي قال فيها : "ان العراق بلدا في خدمة طهران وهو أرض فارسية ، والآن يقاتل نيابة عن إيران ، وان هذ الامر حدث 3 مرات على مدى العصور الماضية حينما كان العراق تابع لنا ايام كسرى".
لنكون واقعيين ولا نذهب بعيدا وراء العواطف علينا ان نقف قليلا عند قول هذا الارهابي الذي لم يجد هو أو من سبقه من القادة الايرانيين الذين أطلقوا هكذا تصريحات من يتصدى لهم خاصة من رجال الدين والموالين لهم في العراق ، ما يؤكد حقاً قول الرجل في بعض مما جاء فيه . عراق اليوم ليس هو عراق الأمس حيث بات عراقا بنكهة فارسية إيرانية صرفه ، متشحا بالسواد مزدحما بالطقوس الظلامية وحكامه يدينون بولاء مطلق لطهران ،جندوا شبابنا للقتال من أجل أحلامها التوسعية بالمنطقة وزجوا بهم إلى المحرقة السورية دفاعا عن نظام الأسد كما اقحموهم بحرب في مدن عراقية ذات غالبية سُنية بذريعة محاربة تنظيم داعش الإرهابي ، لكن من يُقتل ويُستنزف بالمحصلة النهائية هم عراقيون سواء كانوا شيعة أو سُنة.
صحيح ان هناك عراقيين باتوا يُمجدون قاسم سليماني ويعتبرونه مناضلا شيعيا جاء منقذا للشيعة والدفاع عنهم وانهاء مظلوميتهم! ، كما ان ظاهرة جديدة انتشرت مؤخرا في الشارع العراقي أبطالها مطربين وشركات انتاجا فنيا ، حيث انتجوا عشرات الاغاني تمجيداً بقاسم سليماني وقتلة آخرين أمثال الارهابي أبو درع وأغاني تحث على القتل والفتنة وعسكرة المجتمع .
أما بخصوص ان العراق يقاتل نيابة عن إيران فهذا صحيح لأن الساحة العراقية تحولت منذ 2003 إلى يومنا هذا ساحة نشاط للحرس الثوري وفيلق القدس الإرهابيين ،وبعد الإنسحاب الأمريكي الغير مسؤول من العراق أصبحت البلاد بلدة أو محافظة تابعة لإيران .رسميا تم إحتلال العراق بقوات إيرانية عندما بدأ تنظيم داعش الارهابي عملياته العسكرية غرب البلاد التي أدت إلى انهيار قوات الجيش الحكومي فتدخلت إيران بشكل مباشر ومعلن في هذه الحرب لتوسع نشاطها وتواجدها في العراق.
الجنرال صفوي ليس طفلا او جاهلا او ورجل دين متحمس كي يتحدث بهذه اللغة وهذا المنطق دون علم ولا دراية ، فهو يعرف جيداً ما تحدث به وإلى من تحدث به، وسمعنا منهم هكذا كلام تجاه الخليج العربي الذي لا يعترفون كونه عربيا ، أما نحن العرب سلكنا دربا مختلفا جعلنا من الاقلام والإعلام والصحف والفضائيات منابر حرب وتسويقا لقوة العدو! ، لكننا لم نبادر الى صناعة الحرب دفاعا عن انفسنا وهذا العيب فينا .
التطرف الذي أنتجه لنا الحرس الثوري الارهابي هو نفسه الذي أنتجه لنا تنظيم داعش الارهابي ، كلاهما يمارسان نفس أساليب القتل والترويع ، كلاهما يسعيان إلى إقامة دول طائفية مذهبية متطرفة من خلال حروب مذهبية ضروس وعلى ركام دول عربية سيقال عنها أنها كانت هنا منذ زمان! ، كلاهما أرتكبا فضائع وجرائم ضد الانسانية .
هل هذا يعني ان الإرادة الإيرانية قد أنتصرت؟! ، الإجابة على هذا السؤال ، تتلخص فيما نحن قادرين على القيام به وقراءة الخارطة الاجتماعية السياسية للعراق وسكانه وقوى المجتمع الفاعلة المؤثرة وغير الفاعلة غير المؤثرة كذلك قراءة الظروف والمتغيرات العربية. هناك معادلة لا بد من الإشارة إليها ، أن العراقيين ليسوا جميعهم يتخذون من طهران قبلة لهم! ، هذا عكس ما تريد ان تصوره طهران وحلفاءها عن العراق .
لا ننسى ان المجتمع العربي الشيعي داخل العراق ينقسم بين مؤيد ورافض لإيران، هذا لا يعني ان قلة من الشيعة لا يريدون لبلادهم ان تكون حرة مستقلة ، كذلك لا يعني ان غالبيتهم يريدون لإيران ان تتحكم بهم كما هو الحال اليوم ، لكن الهيمنة التي تفرضها طهران على الساحة السياسية العراقية والدعم اللامحدود الذي قدمته للميليشيات ورجال دين موالين لها و سياسيين من كافة أطياف المجتمع اشترتهم بالمال أضعف إلى حد كبير جداً القوى الدينية والعشائرية والمجتمعية العربية الشيعية المناهضة لإيران . و حجم الكارثة الانسانية التي تعرض لها أتباع المرجع الديني العربي الشيعي الصرخي على أيدي الحرس الثوري الارهابي وميليشياتهم وأتباعهم من قتل وتنكيل وتمثيل بجثث الصرخيين وتفجير حسينية يصلون بها كان خير مثال ودليل على ان هناك شارعا شيعيا عربيا في العراق يرفض الاحتلال الايراني .
محمد الياسين
Moh.alyassin@yahoo.ca
0 comments:
إرسال تعليق