الراقصون على الدماء/ محمد فاروق الإمام

إنه الزمن الرديء.. إنه زمن اللامعقول الذي بتنا نعيشه ونحياه بكل مفردات حياتنا اليومية، فمن كان منا يظن ولو للحظة واحدة أن تشارك بلاد العرب أوطاني من الشام إلى يمن إلى بغداد فتطوان أعداء الأمة الرقص على دماء وأشلاء الأمة وهي تنزف شلالات من جنباتها وأعماق أعماقها، وتهز الخصر والأرداف على الواحدة والنصف، وكؤوس الخمرة يرتشفها دعاة المقاومة والصمود وإلى جانبهم دول الاعتدال والسلام الاستراتيجي.. يرتشفون الخمر حتى الثمالة وكل يغني على ليلاه: اليوم خمر وغداً خمر فلا أمر يعقد ولا رأي يصوّب!!!
تودعي من الدنيا يا أمة العرب فلا مكة ولا القدس تجمعنا ولا النيل أو بردى يروينا ولا حضارة بابل ولا بعلبك ولا تدمر ولا الأهرامات تشدنا فتلك أساطير توارثناها عن جهل الجدات وهن يروينها.
آه يا أمة الضاد ما عدت لغتنا وقد بات الحديث بشالوم وهلو وبنجور كل ما نسمعه فقادة الأمة لغير الضاد قد احتكموا، فمن واشنطن وموسكو ولندن وباريس وتل أبيب تصدر لهم الأوامر!!
آه يا أمة العرب كم من الغيوم قد تلبدت في سماء أوطانك فلا قوس قزح نراه تنشق عنه السحب ولا خيوط شمس تبدد بقايا المزن!!
آه يا أمة العرب إلى متى سيطول ليلك وقد صحا الناس في الكونغو والفلبين وتايلند وتوغو وبنما والهندوراس والإكوادور وسيرلنكا، وإلى متى سيطول صمتك وقد علت الأصوات هنا وهناك إلاك!!
آه على دماء الأهل في غزة والشام فقد جفت ولم يرتوي ظمأ العطاشى من عرب ومن صهيون ومن عجم!!
**
من يوقف هاتين الدولتين المارقتين عند حدهما

أحار بالكيفية التي أنعت فيها "كيري" وزير خارجية أمريكا وهو يعلن في واشنطن عقب زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط بكل صفاقة وبلا حياء، بعيداً عن القيم والأخلاق الإنسانية أو ارتباطه بمفرداتها، ودون حس بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتق واشنطن بصفتها القوة الأكبر في العالم، وامتلاكها لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن: أن " أي عملية لحل الأزمة في غزة بطريقة دائمة ومهمة، ينبغي أن تؤدي الى نزع سلاح حماس وكل المجموعات الارهابية"، متبنياً مطالب الدولة العبرية وشروطها لوقف اعتداءاتها على غزة وتنكيلها بالشعب الفلسطيني عبر السلاح الأمريكي الذي تقدمه واشنطن لهذا الكيان المغتصب منذ أكثر من خمس وستين سنة هدية بالمجان، خمس وستون عاماً من الاغتصاب والاحتلال والحصار والتضييق وكتم الأنفاس، ومنع الدواء والماء والغذاء والحليب عن الأطفال والعجزة والمرضى والجرحى ومواراة الشهداء التراب، دون أن يرف لها جبن أو يرتعش لها جنان، وأمريكا بموقفها هذا تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك أنها دولة ترعى الإرهاب والاحتلال بامتياز، وحالها كحال صنوها ومناكفتها روسيا التي لا تقل عنها تجيراً واستكباراً، وهي الدولة الثانية الأعظم في العالم، وصاحبة حق النقض الفيتو في مجلس الأمن، التي تحمي النظام الإرهابي القاتل في دمشق وتذود عنه وتنافح من أجل بقائه، وتقدم له أعتى ما وصلت إليه ترسانة أسلحتها الفتاكة القاتلة والمدمرة من أسلحة وذخائر، والتي أتت حتى اليوم وبعد ثلاث سنوات من عمر الثورة السورية، على قتل ما يزيد على 300 ألف سوري، وتغييب ضعفهم في السجون والمعتقلات والاختفاء، وتهجير أكثر من ستة ملايين خارج سورية في الدول المجاورة والعالم، وفرض النزوح على أكثر من 12 مليون سوري هائمين على وجوههم داخل الأراضي السورية بحثاً عن الأمن والأمان المفقودين منذ وطئت قدما آل الأسد سدة الحكم في دمشق عام 1970.
هاتان الدولتان المارقتان المتحكمتان في العالم وفي مصائر الشعوب وهي تتقاطع مصالحهما في قهر الناس وظلم العباد، لابد من وقفة شجاعة لدول العالم قاطبة تجاه ما يفعلانه بشعوب الأرض المستضعفة، وأن على دول العالم أن تتوحد إرادتها في مواجهة هاتين الدولتين المارقتين ووقفهما عند حدهما، وإيجاد صيغة جديدة بديلة عن مجلس الأمن الحالي الذي تعبث به هاتين الدولتين المارقتين، صيغة جديدة عادلة تنصف الأمم والشعوب المستضعفة وإقامة ميزان الحق والعدل في الأرض، فقد بلغ السيل الزبى وآن على العالم أن يتحرك سريعاً لوقف شلالات الدماء المهراقة  في كل أصقاع الدنيا وضحيتها الدول الضعيفة والشعوب المقهورة.
أخيراً أتساءل بحرقة وألم: هل سيتحرك العالم حقيقة لوقف هاتين الدولتين المارقتين أمريكا وروسيا عند حدهما، وهل سينصف النظام العالمي الجديد الذي ننشد الدول الضعيفة وينصف الشعوب المستضعفة من محتليها وحكامها وجلاديها ومصاصي دماء أهلها وناسها؟!
**

CONVERSATION

0 comments: