بطاقة شكر للمصوِّر البديع الفنّان شكري لازار/ صبري يوسف

المصوّر الفنّان شكري لازار يسجِّل حوارات نادرة مع الأب د. يوسف سعيد
من خلال الخبرة الطويلة تشكّل لدى المصوِّر البارع الفنّان شكري لازار أبو لازار، مهنيّة وحرفيّة عالية في التقاط لحظات هامّة وخاطفة من عمر الزَّمن، حيث صوَّر خلال مسيرته الفنّية العديد من الاحتفالات والمهرجانات واللقاءات الفنّية مع الكثير من الفنَّانين والممثلين والمخرجين داخل وخارج السويد، وقد صوّر في ستوكهولم منذ سنوات حفل تكريم الفنان محمود عبدالعزيز، وحفل تكريم الفنان دريد لحّام، والفنان رفيق سبيعي، والفنان كارم محمود، والفنان ربيع الخولي، والفنّانة صباح، والفنانة سميرة توفيق، والفنان طوني حنّا، والفنان عصام رجّي والمخرج خلدون المالح في حفل خاص حول برنامج "على عيني"، والفنان ايهاب توفيق، وصوّر حفل فني مع الأستاذ خالد جمالو حول برنامج "خبرني يا طير"، كما أنه كان مدير تصوير فيلم قصير بعنوان مارتن، وصوَّر الكثير الكثير من مناسبات الأفراح داخل وخارج السويد، وصوَّر في السنوات الأخيرة حوارات نادرة مع الشاعر المبدع الأب د. يوسف سعيد بإشراف وإدارة الأديب السوري صبري يوسف، ستبقى هذه الحوارات خالدة وساطعة على جدارِ الزَّمن، لأهميّة ما قاله الرَّاحل المبدع، كما صوّر حفل تأبين أدبي كبير للأب د. يوسف سعيد في ستوكهولم، شارك فيه الكثير من الكتاب والشعراء والنقاد والفنانين من داخل وخارج السويد، باشراف وإدارة الشاعر صبري يوسف، وقد قام المصوّر شكري لازار بإخراج وقائع حفل التأبين بشكل رائع، ووضع مقدِّمة وخاتمة تناسب هذه القامة الأدبية الخلاقة!
ولا يسعني هنا، إلا أن أقدِّمَ بإسمي وبإسم أهل الفقيد الرَّاحل خالص الشكر والإمتنان للفنّان المخرج شكري لازار على مواقفه الرائعة في تصوير وإخراج هذين اللقاءَين الهامّين مع الأب المبدع د. يوسف سعيد، حيث تمّ تسجيل الحوارات في منزل الأب الراحل منذ سنوات، وتناولتُ خلال الحوار محاور التجربة الأدبية للأب الرَّاحل وتوقّفت مليّاً عند وجهات نظره حول الشعر والأدب والفن والإبداع بشكل عام، وقد تدفّقَ الأب يوسف سعيد بشكل مبهر خلال الحوارات التي أجريتها معه، وكنا بصدد إجراء تسجيل حوار تجريبي معه في اللقاء الأول ولكن هذا الحوار التجريبي جاء بديعاً وعميقاً، علماً أنني لم أعد الأسئلة ولم أحضِّر نهائياً للمحاور التي حاورته بها، ولكني كنتُ قد أجريتُ معه ثلاث حوارات تلفزيونية عندما كنت أقدِّم برنامجي "بطاقات ثقافية" في الفضائية السريانية صورويو تيفي، ثم أجريت معه ندوة حوارية مشتركة مع الفنَّان والشَّاعر كابي سارة حول الشعر والفن التشكيلي وعلاقة كل منهما بالآخر، لأن الأب يوسف سعيد شاعر وفنان، وكذلك كابي سارة فنان وشاعر، وأحببتُ أن يشترك الفنان التشكيلي والشاعر كابي سارة مع الأب والفنّان يوسف سعيد في هذه الندوة لأهمية فكرة الندوة من جهة ولتقاطع اهتمامات كليهما في مجالَي الشعر والفن التشكيلي من جهة ثانية ولرغبتي العميقة أن أسجل لحظات مهمة لكليهما معاً على الشاشة الفضّية الصغيرة، حيث تربطني بهما صداقة عميقة أشبه ما تكون قصيدة متدفقة مثل مياه دجلة في بدايات نيسان، وأحببت أن أترجم هذه الندوة الحوارية على أرض الواقع، لأنني كنتُ في المراحل الأخيرة لتوديع فضائيّة صورويو تيفي، لأن إدارة الفضائية اعتذرت عن منحي مهمّة التفرُّغ للعمل، لهذا أحببتُ أن تكون آخر برامجي مع أحبّ الأصدقاء إلى قلبي ضمن ندوة حوارية تخص عوالمي أيضاً لأنني أنا الآخر شاعر وفنان تشكيلي، فجاء الحوار ودِّياً ومثمراً، كما انني كنتُ قد سجّلت قراءات شعرية كحلقة رابعة للأب يوسف سعيد، قدَّم خلالها قصيدة الطفولة ذات الإيقاع الملحمي الكثيف والجامح، والتي تمَّ نشرها اليوم كاملة في جريدة الزّمان اللندنية بإخراج رائع للغاية وأخذت صفحة كاملة من الصحيفة، وأودُّ في هذا السياق أن أقدِّمَ خالص شكري وإمتناني لإدارة الصحيفة وإلى المشرف على الصفحة الثقافية الأستاذ كرم نعمة الذي أولى اهتماماً كبيراً منذ أن تلقّى منّي خبر وفاة الأب يوسف سعيد مروراً بأخبار تشييع الأب الراحل إلى مثواه الأخير بجنازة مهيبة، والتأكيد على إقامة حفل تأبين أدبي له في العراق، وتغطية حفل التأبين الأدبي الذي أقمناه في ستوكهولم، حتى غاية آخر نص نشره اليوم بعنوان الطفولة، وهذا النصّ من أبْدَع ما كتبه الأب الرَّاحل يوسف سعيد، والمنشور في ديوانه: "السفر داخل المنافي البعيدة"!
وإنّي في هذه المناسبة أودُّ التوقّف مليّاً عند الجهد الكبير الذي بذله المصوِّر الفنّان والمخرج شكري لازار، هذا الجندي المجهول، الذي سجَّل كما أسلفتُ آنفاً، لقاءَين تاريخيَّين مع الأب يوسف سعيد في منزل الأب الراحل، وقد حاورتُه عبر اللقاءَين وهو في كامل قيافته وتدفقاته، وأشعر الآن بنوع من الراحة لأنني قمت بستجيل هذين الحوارَين، بعد أن تيقَّن تماماً المصوِّر من تأكيداتي بأن عملنا سيكون له أهمية كبيرة في مستقبل الأيام لأني لم أرَ أيّة مؤسسة من مؤسساتنا ولا أية مؤسسة شرقية أو غربية قامت بتسجيل حوار شامل وعميق حول تجربة الأب يوسف سعيد بحيث يكون بمثابة مرجع وآرشيف نعود إليه ويعكس تجربة المبدع الرَّاحل بشكل شامل، مع انني كنتُ قد أجريت معه عدّة حوارات عبر فضائية صورويو تيفي كما أشرت سابقاً، ولكني كنت أشعر في قرارة نفسي أنها حوارات غير مكتملة وغير شاملة ولم تكن ترضيني بما يمكن أن يتدفَّق به الأب يوسف سعيد ولهذا كنت أريد أن أحقِّق حوارات مطوَّلة معه بكلّ حريتي وحريته، بدون التقيُّد بأية مؤسَّسة من مؤسّساتنا التي لم تروِ غليلي بالطريقة التي أريدها، وأحببتُ أن تكون المؤسَّسة التي تتضامن معي هذه المرّة مؤسَّسة خاصة وفردية بحيث تستجيب لكل تطلعاتي وحرّيتي بدون أن تقيُّدني بالزّمن أو بأيِّ شرط من الشُّروط، لأنني كنتُ أودُّ أن يكون اللقاء مفتوحاً ومتدفِّقاً كما تتدفَّق قصائد الأب يوسف سعيد، وكما يتدفُّق هو أثناء دردشاتي معه أو دردشاته معي عبر الهاتف أو عبر اللقاءات والزيارات المتبادلة، فوقع اختياري الأنسب على مؤسَّسة وشركة أورنينا الخاصة بالفنان شكري لازار الذي تبنَّى برحابة صدر هذا الهدف الجليل! وهكذا قرَّرنا أنا والفنان شكري لازار التوجّه إلى سودرتالية حيث كان الأب يوسف سعيد في انتظار عدسته وتساؤلاتي المتناثرة عليه مثل حبَّات المطر في نهارٍ ربيعي منعش الروح، ومحرِّض على التحليق في محراب الشعر والفن والحياة!
جهّزنا ديكور للقاء، وأعدَدْتُ ترتيبات الحوار، ثم بدأنا نسجّل الحوار التجريبي، ولكن بعد أن انتهينا من تسجيله، شاهدنا جزءاً من الحوار، فقال الأب يوسف سعيد : الحوار رائع لأنه جاء عفوياً ولا داعي لحذف أية جملة منه، ثم قررنا جميعاً الاحتفاظ به كنسخة أصلية وكجزء من محاور الحوار، واستغرق 40 دقيقة، ثم سجلنا في لقاء آخر قرابة ساعتين، دار الحوار حول تجربة الأب يوسف سعيد العميقة في الأدب والفن والإبداع.
كم كنتُ سأشعر بالحزن والأسى الآن لو لم نُجْرِ هذين الحوارين، وكم يغمرني الفرح الآن لأننا سجَّلنا الحوارَين، إضافة إلى حفل التأبين الأدبي الكبير، ولا أعلم كيف سأكافئ المصوِّر والمخرج شكري لازار، مدير شركة أورنينا على التقاط عدسته هذه اللحظات النادرة، والتي ستبقى خالدة في آرشيف الشَّاعر المبدع الأب د. يوسف سعيد وفي آرشيف الفنان شكري لازار وفي آرشيفي الشخصي أيضاً، الآن، أشعر أكثر من أيِّ وقتٍ مضى بأهمية تسجيل وتصوير لحظات من عمر الإنسان، لأن الشَّاعر يرحلُ ويتركُ خلفه القصيدة ترفرفُ عالياً فوقَ وجنةِ الحياة، فيأتي المصوّر (شكري لازار) ليلتقطها بمهارةٍ عالية ويقدّمها لنا على إيقاع حنين الروُّح إلى مروجِ الإبداع!

كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم

CONVERSATION

0 comments: