مناقشة "كتاب الفكر والاسلوب في مسألة العروبة" لصبحي غندور في دار الندوة - بيروت



بدعوة من "المنتدى القومي العربي" و"المركز الوطني للدراسات"

مرهج وطرابلسي وناصر الدين يؤكدون على أن العروبة الحضارية هي الهوية الموحدة للأمة والحاضنة لكل أشكال التعدد الديني والعرقي والقبلي فيها

بدعوة من "المنتدى القومي العربي" و"المركز الوطني للدراسات" في لبنان، وبحضور كتّاب ومفكرين وممثلي هيئات دبلوماسية وسياسية واجتماعية، استضافت دار الندوة في بيروت ندوة نقاشية لكتاب "الفكر والاسلوب في مسألة العروبة" لكاتبه مدير مركز الحوار العربي في واشنطن الاستاذ صبحي غندور.

قدّم للندوة وادارها امين سر المنتدى القومي العربي، مدير المركز الوطني للدراسات، الأستاذ عدنان برجي قائلا: ان ترابطا مميزا يقوم بين الفكر والاسلوب، وليس ادل على ذلك من ان افكارا نيرّة تذهب هباء منثورا مالم يتوفر الاسلوب الناجع لتنفيذها، كما ان افضل الاساليب لاتستطيع تغطية فكرة خاطئة او مغلوطة.

الوزير السابق بشارة مرهج قال في مداخلته: الكتاب الذي توسل العلم والتحليل للبرهان على الطريق الخاص للعروبة الحضارية اكد في متنه ونبضه ان لا مجال بعد اليوم للتساهل مع أولئك الذين يدّعون الايمان بالعروبة ويمارسون على شعوبهم سياسات القهر والقمع والالحاق. فالعروبة الصحيحة، بنظر الكاتب كما بنظرنا، هي العروبة الديمقراطية الجامعة التي تتجسد فيها قيمنا الانسانية الخالدة وتشرق فيها تقاليدنا الاجتماعية السامية، حيث للحرية المكانة الاولى وحيث لحقوق الانسان مهابة، وحيث الشرف والنخوة والشجاعة هي المرجعيات التي تتربى عليها الفتية وتتغنى بها المجالس ويموت في سبيلها الكبار. الم يؤثر السموأل الوفاء الملتهب بالموت على العيش المتشح بالذل، ألم يصدق المتنبي شعره حين كرّ على خيالة السوء مشرعا سيفه وهو واثق من مصرعه. ألم تشهد الارض العربية اجمل الكلام وأقدس الكلام حين نطق الرسوم العربي الكريم - صلوات الله عليه – بآيات خالدة تؤسس لمكارم الاخلاق وسمو العلاقات بين البشر؟

وتابع: اللقاء بين العروبة والاسلام نعمة ما بعدها نعمة وان غفل الغافلون او شذ المتعصبون. أولم يقل كتاب الله انا انزلناه عليك قرآنا عربيا، اولم يقول الرسول الكريم: "اذا ذل العرب ذل الاسلام". فأي عز يفرطون به؟ وهل يفرط بالعز الا جاهل او كاره.

واضاف: يتبنى الكاتب موقفاً طرحه دعاة القومية العربية الواثقون من فكرهم المعتزون بتراثهم عندما اكدوا على خصوصية العلاقة بين العروبة والاسلام، "وهي خصوصية خاصة بالعرب لا تشترك معهم فيها اية قومية اخرى في العالم الاسلامي. فالعربية هي لغة القرآن، والثقافة العربية هي التي انتشرت من خلالها الدعوة الاسلامية في العالم . فحينما يتم فصل لغة القرآن الكريم عن القرآن الكريم نفسه فكأنه فصل للارض العربية، التي عليها الحَرَمان الشريفان والمقدسات الاسلامية، عن الدين الاسلامي. هذه الخصوصية في العلاقة تجعل من اضعاف العروبة اضعافاً للاسلام والعكس صحيح".

واشار الى ان: في هذا المجال وضع الكتاب الامور في نصابها معتبراً ان المسلم الحقيقي هو الواعي لدور العروبة وعلاقتها العضوية بالاسلام، والعروبي الحقيقي هو الواعي لدور الاسلام في اعلاء شأن الثقافة العربية واعطائها أبعادا كونية هي مسؤولية بحد ذاتها.

عضو قيادة المؤتمر الشعبي اللبناني الاستاذ سمير طرابلسي قال: أن العروبة الحضارية هي الهوية الموحدة للأمة الحاضنة لكل أشكال التنوع أو التعدد الديني والعرقي والقبلي فيها. وإذ تُستهدف هذه الهوية الموحدة بهجمة صهيونية إستعمارية ترمي إلى إضعافها لحساب مشاريع التفتيت العرقي والطائفي والمذهبي، فإن الكاتب يركّز على ضرورة إطلاق حرية الانسان العربي في أجواء ديمقراطية لمواجهة هذه الهجمة متمسكاً بالثوابت الناصرية، وهي إرتباط حرية الوطن بحرية المواطن والحرية السياسية بالحرية الاجتماعية.

واضاف: قد يبدو لبعضهم أن تركيز الكاتب على مسألة إطلاق حرية الانسان العربي في صياغة حاضره وصناعة مستقبله، قضية تفرضها ضرورات مرحلية وإعتبارات سياسية آنية، وهذا في تقديري خطأ جسيم، فالهوية الموحدة للأمة لم تتشكل بعد الفتح العربي الاسلامي بقرار سلطوي، وإنما إستند التوحد القومي الذي تجسد في إنتشار التعريب اللغوي الثقافي إلى إندماج طوعي قاعدته الإقتناع الحر للكتل الشعبية التي عاشت بين المحيط والخليج وتخلت بموجبه هذه المجموعات عن كثير من سماتها الذاتية لحساب السمات العامة التي ميزت الامة وبخاصة على صعيد اللغة والثقافة والقيم، وإحتفظت في آن بسمات خاصة لا تتناقض مع السمات العامة للامة، فنمت الشخصية القومية العربية على قاعة التنوع في اطار الوحدة المجتمعية.

وشدد المهندس طرابلسي على أن هذا التوحد الحر ما كان له أن يتم لولا عاملين أولهما تحرير الأرض العربية عبر الفتوحات الإسلامية من كل نفوذ أجنبي، وثانيهما سماحة الاسلام وليس تسامح المسلمين التي اطلقت حرية الانسان في الاختيارمشيرا الى انه اذا كان المبدأ الاسلامي أن لا إكراه في الدين، فإن الإكراه في ما هو أقل قداسة من الدين تكون حرمته بالضرورة اكبر.

وخلص إلى أمرين، الأول أن حرية الوطن والمواطن هما أساس كل مشروع توحيدي ونهضوي.. وثانيهما، أن أي توجه توحيدي نهضوي لا يراعى خاصية الامة التي صنعت وحدتها عبر احتضان التنوع، فإنه يتصادم مع هوية الامة ذاتها ومع سماتها وخصائصها، ولعل هذا ما دفع الكاتب في صفحة 74 من كتابه حينما عرض العناصر الكفيلة بإنجاح أي دعوة سياسية، أن يجعل من وضوح الفكرة وسلامتها وإتساقها مع الواقع وإنطلاقها من الاصول المبدئية للهوية الثقافية العربية ولمضمونها الحضاري أولى هذه العناصر.

وتحدث الشاعر طارق ناصر الدين عن رحلة الكاتب النضالية المستمرة من بيروت الى واشنطن دفاعا عن حرية الامة ووحدتها وحريتها.

من جهته اشار الكاتب، مدير مركز الحوار العربي في واشنطن الاستاذ صبحي غندور الى ان الكتاب ليس موسوعة مرجعية لكنه ثمرة تفاعل امتد على مدار اثنين وعشرين عاما، هي عمر تجربة مركز الحوار في واشنطن الذي استضاف اكثر من ثمانماية نشاط ثقافي وفكري واجتماعي.

واضاف الكاتب: علمتني التجربة في الولايات المتحدة الاميركية ان الاميركيين جمعتهم هوية مركبة، مصطنعة وبات كل اميركي يفخر بانتمائه، فيما نحن العرب، اصحاب الهوية العربية الواحدة نتجزأ ونبني الاسوار فيما بيننا، وتعجبت كيف لا نستفيد من ان ولايات اميركية جمعها دستور بهدف التكامل دون اكراه، فيما نحن كعرب نعجز عن التكامل فيما بيننا رغم انه مصلحة حقيقية لجميع العرب. ثم تحدث عن مضمون الكتاب آملا ان يجد القارئ فيه بعض الاجوبة على اسئلته.
(مصدر الخبر: مجلة "الموقف" – بيروت)

CONVERSATION

0 comments: