زهـــــرة/ نورا السيد عبد الفتاح

شعرت بسعاده غريبة تغمر كيانها ورعشه لذيذه تسري في أوصالها وتبعث الدفئ في أطرافها البارده وهي واقفه تتأمل صورة الطفله المعلقه علي الحائط والتي ما ان غمرت أشعه الشمس الحجرة حتي لمعت عيني الطفله صاحبه الصورة لتضفي علي وجهها سحرا أختلط ببراءة عمرها فزادتها روعه مما جعل الشابه الواقفه أمام الصورة تبتسم ابتسامه جذابة وتغمض عينيها لتذهب في رحله إلي ماض بعيد ... تسمع فيه صوت طفله يأتي من بعيد وهي تضحك وتصفق بيديها في جذل طفولي مشيرة إلي جهاز التلفزيون وموجه حديثها إلي والدتها :

"ماماانا عايزة ابقي زي الست دي" نظرت إليها الأم بحنان واحتضنتها قائله:
"عايزة تبقي صحفيه يا زهرة" صمتت الطفله قليلا ثم قالت:
" عايزة ابقي زيها وخلاص" ضحكت الام واكملت حديثها مع الطفله :
"وعايزة تبقي زيها ليه بقه يا زهرة؟؟ " اجابتهاالطفله بفرحه:
"مستر عبدالله ومس إيمان بيقولوا اني بكتب موضوع تعبير حلو وبتكلم واحكي كمان حلو وشاطرة أوي في الاذاعه بتاعة المدرسة.... ميس إيمان قالتلي إني لمااكبر هشتغل في التلفزيون واكتب في الجرنان اللي بابا بيجيبه "
نظرت الام بفخر لإبنتها وقالت : "خلاص يبقي هتبقي صحفيه كبيــرة ومشهورة ادام انت شطورة كده "
"بس انت مش كنت بتقولي عايزة تبقي سباحه وتروحي المسابقه؟؟"
"اه صحيح .. طب وبعدين ؟؟ خلاص هشتغل الاتنين مع بعض "
ضحكت الأم ضحكة عاليه وقالت: " مش هينفع يا زهرة تشتغلي حاجتين في وقت واحد !! حاجه واحده بس يا حبيبتي "
"خلاص هشتغل صحفيه بس علي شرط !! افضل برضوا اتعلم سباحه "
اجابتها الام " وانا موافقه .. انهارده سباحه .. وبكره صحفيه كبيره قد الدنيا " صفقت الطفله بفرحه عارمة ومدت يديها الصغيرتين إلي أمها وهي تقول "اتفقنا!!"


نسمة هادئة تمر علي الشابه التي مازالت واقفه أمام صورة الطفله الصغيرة وهي تبتسم فتلامس وجهها وتداعب خصلات شعرها المنسدله بنعومه علي جبهتها لتحملها معها إلي ذكريات اكثر قربا وماض ليس ببعيد لتجد نفسها في تلك الحجرة الانيقة داخل المبني الضخم والذي يحمل لافته عليها اسم جريدة من اكبر الجرائد الموجوده في هذة الدولة ... لتستغرق اكثر في الذكري

فتسمع صوت الهاتف الذي لا ينقطع رنينه نهائيا داخل هذة الحجرة حتي تدخل شابه في الثلاثين من عمرها فتلتقط السماعه وتتحدث قليلا ثم تنهي المكالمه ... وتسترخي علي مقعدها الوثير وهي تنظر كعادتها لضوء الشمس الساطع والذي طالما احبته واستمتعت بسقوطه علي وجهها برغم عدم قدرتها علي تحمله ... لتسرح بخيالها معه فتمر حياتها أمامها كشريط سينمائي ...

ها هي حققت الحلم واصبحت صحفيه ناجحه وكاتبة متالقه بعدما كانت طفله تتحدث جيدا وتكتب مواضيع التعبير الجميله وتقدم الإذاعه المدرسية ببراعه ...
وتذكرت ما عانته حتي تصل إلي ما وصلت إليه ...فعادت إليها ذكريات

المرحله الإعداديه يوم طلب منها كتابة كلمه لتلقي في حفل نهاية العام في المدرسة وبعد انتهائها منها فوجئت بمن يسطو علي مجهودها وينسبه إلي نفسه وينحيها جانبا..
ويوم ان كانت في المرحله الثانوية وتكلمت عن التسيب والفوضي التي تعم المدرسة وارجعتها إلي الفوضي والفساد الذي يملئ البلد وقبل رأيها بالاستهزاء والتجريح وهددت بالفصل النهائي من المدرسة بعد ان صدر قرار برفدها ثلاثه ايام للتأديب ..

ويوم ان تم منعها من تحضير وإلقاء الإذاعه المدرسية والتي كانت تحمل بصمتها المميزة خوفا من ان تلتفت الانظار إليها اكثر فتلغي بذلك دور مدرس اللغه العربية الذي استمر يعمل علي الإذاعه المدرسية كثيرا ولم يطورها ...

وعندما وصلت للمرحله الجامعيه كانت الفرصه لصقل الموهبه بالتدريب فكانت مجله الجامعه هي بيتها وملاذها , فظلت تكتب فيها لم تتوقف يوما عن الكتابه عن الحلم عن التعبير حتي جائت فرصتها الحقيقة لتتالق حقا...

وهنا اخدت تتعلم وتتدرب وتعمل وتحلم وترتقي سريعا إلي أن وصلت الي ما وصلت اليه بفضل ما تملكه من موهبه وعشق وإيمان.

وبرغم مرور الزمن لم تفقد روح الطالبه الجامعيه التي كانت تعترض دون تجريح وتنتقد دون تعسف وتصف الحب والحلم والانتماء بكل براءة وعفوية وبساطه وتنشر العدل والحق وتشجع علي الابداع والتفكير الخلاق ...

انها تكتب الي الان بموهبه متفرده واحساس راق.. تكتب وتستغرق وهي تشعر انها مع الكتابه تملك الدنيا ...

فهي منذ صغرها تعشق كل الوان التعبير عن الذات وعن الحب وعن المشاعر بإختلافها .. عشقت الكلمات والرقص والرياضه كانت دائمة الحركة وهي تتحدث فتشير وتضحك وتعبر بأيديها وملامحها ... عشقت كل هذه الالوان واختارت ان تحترف الكتابه لتحلق معها بعيدا ... وها هي الكتابه تعطيها بلا حدود
تعطيها السعاده التي طالما حلمت بها وتعطيها المال والنفوذ تعطيها كثيرا كما اخدت منها كثيرا.

والان هي اصبحت كما تريد اصبحت الكاتبه والصحفيه اللامعه التي تحظي بإحترام وتقدير الجميع ...

وهنا خطر لها خاطر جعلها تبتسم ابتسامه واسعه انها لا تزال تمارس السباحه كما اتفقت مع والدتها قديما... إنه روتينها اليومي الذي لم تمله علي مدار عشرون عاما ولم تحاول حتي ان تكسره ذات يوم او تغيره حتي بعد زواجها ..
هذا الروتين الذي يعتمد علي ان تكتب نهارا وتسبح ليلا وان فرت يوما من السباحه لجأت الي الرقص فتظل ترقص وترقص وترقص..

تكتب من اجل ان تملك الدنيا وتسبح وترقص لتحلق بعيدا في الخيال هذه هي مصادر طاقتها ومعني حياتها هذة هي اسباب سعادتها التي لم تستطع التخلي عنها حتي بعد ان ازدحم يومها ....

وهنا تنهدت بأرتياح وابتسمت أبتسامه جذابه توافقت مع ابتسامه الشابه الواقفه امام صورة الطفله وهي تشعر بيد زوجها تلتف حول خصرها ليحتضنها من خلفها ويهمس في أذنيها بحب مازلت تحملين نفس البراءة والسحر الي الان حبيبتي ولكن الن تسبحي اليوم؟؟!!

CONVERSATION

2 comments:

غير معرف يقول...

حالة جميلة وقصة رائعة
شكرا لشحن بطاريات الطاقة الايجابية
تحياتى

حبيبة شهريار يقول...

اشكر لك تعليقك جدا .. واهتمامك...متمنية تواجدك الدائم