ـ أنت محظوظة! قالت المرأة للأخرى الجالسة أمامها عند الملابس في الحمام...كانت منشغلة بتنشيف ابنها الصغير...
ـ ولماذا أنا محظوظة؟...
ـ قالوا أنك تزوجت بعد قصة حب!...
ـ ليس حبا! اعجاب تحول إلى حب! كنت أدرس عنده، أعجبته أخلاقي...
ـ أيضا الجمال! جمالك، ما شاء الله!
ـ شكرا، قالوا له...أني.. لقيطة.. وأن أبي يعيش في مدينة بعيدة! و أن أمي سيرتها سيئة!لكنه تمسك بي وقال بأن أخلاقي هي ما يهمه! ولقد درسني ثلاث سنوات ،واكتشف في أشياء، لا توجد في الفتيات اللواتي يقولون عنهن فاضلات...وبنات الأصل!... وقال لهم أيضا لا يوجد انسان في الدنيا اختار والديه! وخطبني، ووافقت أمي...وقد فرحت كثيرا لأنها كانت كثيرة التفكير في...البنت ليست كالولد الذي يستطيع تدبير أمر نفسه !وأنا الآن أعيش معه سعيدة، يمكن أن أقول سعادة تتمناها أي فتاة!
تنهدت الأخرى:ـ أما أنا ، فتزوجني زواجا تقليديا! ...كما يقولون!...أمه خالتي.. كانوا من قبل قد خطبوا له فتاة ودفع المهر واشترى الملابس..ويوم العقود والخاتم أتوا له بفتاة أخرى، أختها الكبرى! خدعوه! غضب ورفض ثم فسخ الخطبة متنازلا عن كل ما دفعه من مال..... ولما أخبرتني أمي أشفقت عليه من الخدعة المبيتة! لكني ما دار في خلدي أبدا أن أكون زوجته... خطبتني خالتي وماكنت لأرفض حتى لا يشك والدي في سيرتي....وافقت رغم أني لا أحبه ،ولا يعجبني لا شكله ولا طريقة كلامه...كنت الأجمل في حينا كما يقول جيراني!....
اقتربت منهما عجوز، ثم قالت:ـ اعذراني، إن كنت تطفلت عليكما!... أعجبني حديثكما لكن ....أنت التي خطبوك بعد قصة حب، أريد أن أسألك ما ذا تفعلين في البيت؟
ـ أمارس الحب، أغسل الأواني ،أطهو الطعام، أخبز أرغفة الخبز وأفتل الكسكسي...وأعتني بالأولاد؛ لي ثلاث بنات وولد لا يزال رضيعا.. ولما يكون لي وقت فراغأشاهد التلفزيون!أو أزور والدتي....
ـ وأنت التي زوجوك تقليديا؟
ـ أمارس الحب، أغسل الأواني، أطهو الطعام، أخبز الخبز وأفتل الكسكسي.. وأعتني بأولاديالثلاث ،وفي وقت الفراغ أشاهد التلفزيون أو أنشغل بخياطة ملابس حريرية...
ـ ومن منكما غير راضية؟!
صمتتا ولم تجيبا....
ـ حياة النساء كلهن سواء، الحب، المنزل والأولاد ! وكذلك هي حياة الرجال،الحب، تدبير لقمة العيش والأولاد! وأيضا الأولاد ، الدراسة، اللعب والتفكير في المستقبل!
ـ عندك الحق يا خالة!
ـ الحب هو أساس الزواج! لكن هذا الحب قد يأتي قبل الزواج أو بعده! وقد يقتل الزواج الحب أو يحييه....كثير هم المحبون الذين انفصلوا بعد الزفاف أقل من الشهر! لأن الحقيقة المرة تختلف عن الكلام المعسول! وأنت فإن لك ثلاث أولاد، أليس هذا دليل على حب زوجك لك؟ وهذا الذي لا تعجبك سحنته أو طريقة كلامه، أفضل بكثير من ذاك الجميل والأنيق لكنه غير متفهم أو عصبي أو شكاك! فيحول حياتك إلى جحيم! يا ابنتي لو قمت الآن وسألتي كل النسوة في الحمام ، بل في المدينة كلها، لقالت لك كل واحدة أنها تمنت شيئا وأعطاها الله شيئا أخر! والسعيدة هي التي ترضى بما أعطاها الله !
وبعد أن انصرفت العجوز ، سألت الأخرى:ـ من تكون تلك العجوز؟
ـ كثير هي المرات التي سمعت النسوة يتحدثن عنها مشفقات! كانت أجمل الجميلات في مدينتنا لكنها شقيت بجمالها الصارخ أشد الشقاء بسبب زوجها الشكاك!... ولم ترتح منه ومن معاملته القاسية الا بعد أن توفاه الله!......
/الجزائر
0 comments:
إرسال تعليق