ومن جمهرة الشعر، يدعونا يسوع الأقدار الأديب والشاعر البحريني قاسم حداد، المقيم في ألمانيا، لنوقظ قدر العالم في جلسة حميمة مستقلة بأمواج تجربته، المعمدة من إبداع الشاعر الروماني "فرجيل" المتميز بالعذوبة والمرونة، والتدفق الصوري، واللغوي، المنسجمين مع معاني الحداد، الواضح الرؤى/ دافئ الكلم/ صادق المعنى/ المدرك لتركيباته الحسية / الوفيّ لأحزانه وأفراحه وما بينهما / لا يتهاون في ادخار زراعة أحلامه، وما خلف تصويره للأشياء/ كما في شراسة بحثه لحيثيات قضايا الإنسان وحالاته السيكولوجية/ مجتهداً في لغته الشعرية التي نطلب الوقوف عندها فيما بعد، لنجتهد البحث عن أصل بكارة لغته الشعرية التي ظهرت في جميع أعماله، لتناسب ترقية لغتنا الشرقية النهضوية مع الأدب المعاصر، الباحث عن الكمال الإنساني وحريته المكللة بالتقدم والاستقرار، كما في متطلبات شاعرنا العاطفية، المستنجدة بالحب الأزلي، "بما أن الحب هو سر الوجود، وقطرة الغيث الصادقة التي تنبت في قلوب الغرب والشرق "
يتجول الأديب والشاعر قاسم حداد، في مخيلة عقله وحضور روحه في الكلم، " أنه كالقصيدة اللحظية التي لم يتهيأ لضوئها المخبوء شاعر! " كقاسم حداد الكاشف عن أسرار الغموض وما وراء المعرفة في قاموس مخيلته، التي شهدت تحديد مستوياته الإبداعية الأساسية السيمولوجيا، المعولة على لغته الأدبية الشرقية المغربة، المكللة بأتيجة ملائكة الشعر الناضر في لمحاولته استحضار فردوس الزمن الملتحم بحاضر الشاعر، حيث يذهب إلى المتلقي ليقاسمه البحث عن صور صناديق تجربته، وأوتار منظوره الملموس، والمحسوس في سبر أغوار العواطف البشرية وانعكاساه الذي يجهش في صدره، وما عليه من مزيد في قيمته الإنسانية الممزوجة بأغراض تناقض المجتمع، وأقداره الهاربة من الظلمات، في بحثه عن مستقرات آمنه للإنسانية...، ولعلنا نصبو إلى فتح ما يبدو بعيدا وقريباً من الواقع حياة الأديب والشاعر قاسم حداد .
لربما كان هذا الحافز الأكبر الذي دفعنا البحث عن أفق تجربته التي تعد استكمالاً لخط شعراء عالم الغرب، مع احتفاظه بالموروثات الثقافية والحضارية العربية ... فالشاعر يدرك تماماً أن الشعر هو من أحد منابع التأمل في الذات الشاعرة التي تعيش داخل الحالات الإنسانية ومناخها الزمكاني، والطبيعي الممزوجين من سحر كلمه ولغته الأنيقة على مستوى ثقافة العالم، ليتوافق مع الفيلسوف الألماني "عمانوئيل كانط"، الذي صارع من اجل المبادئ الإنسانية ليحتمي برؤيته الفلسفية لعالم القيم .
كما يسعى الشاعر قاسم حداد، من خلال أعماله إلى إقامة السلام الدائم بين الشعوب عن طريق عدم اتخاذ الإنسان وسيلة أو غاية، في أعماله الإبداعية، وهو ما يعني احترام الكرامة الإنسانية، ولا شك أيضاً أن الشاعر يتقن الموهبة والقدرة على فك رموز معاني الكلم كما عرفناه من خلال مهارته العروضية التي ملكتها قريحته الإبداعية القادرة على توليد أشكال الرؤى الشعرية التي تهطل مع مواسم تنقله، ليروي عطش المتلقي من ثراء سرديات شاعريته، وصوره المأخوذة من الواقع الإنساني، وإرهاصات تفاعله مع الحياة الإنسانية في مسيرته التاريخية، وخصائصها، وجغرافيتها، وآثارها، والعالم وانتمائه، والوطن في أخيلته التي تمثل الجموع الواحد في فرادة نبؤئته، المسماة "بسيكولوجية الإبداع" كما في فكرة بوذا، عن الشعر المتمثل بالفهم السوي/ وإلا نتباه السوي/ والفكر السوي/ والقول السوي/ الفعل السوي/ والجهد السوي، والتركيز السوي، والتأمل في مفردات اللحظة، وما يلعب على تاريخ البشر في الأمكنة التي تحك جدران أقلامه وما يملك من أسئلة، وشكوى في وصفه المشجر من معراج قوله،وديباجيات أعماله ومرجعياته التي تعلو على الواقع الذي يمثل الخارج في جميع تجاربه وخبرات مواقفه، المتوغلة في الغيبيات وما وراء تشوهات الإنسان والطبيعة، وظروف المجتمع واضطراباته، ونمط إحساسه بالواقع وبالأشياء المعزوفة من أفكار المجتمعات في غرفه السرية .
نستخلص القول لمن لم يتطلع على موسوعة أعمال الأديب والشاعر قاسم حداد، العابث المتمرد الذي صنع نفسه المبدعة لتقاسمه دولة أحلامه وشخصياته التي تحيا بجوار العالم الواقعي، حيث يتحرك بمكارة أصابعه، لتستقر تجربته اللحظية في مؤسسة شاعريته ألمنهله مرايا أوراقه المختومة من حبر معجمه، ومهارة مخيلته اللزجة في تراكيب صوره، النابعة من لغة أنفاسه المستنشقة عبير روائع شعراء العالم، ولكي نسمع أجراس كلماتهم ومغزى مجمل إعمالهم وتأثيرهم على مخيلة قاسم حداد، المصنوعة من أوتار تفاعله الحسي، وهيمنة مشاركته الرؤيوية على رحلاته الحياتية المسيطرة على عباراته وأشرعة قصائده ومفهومه للثقافة الإبداعية التي تتطلب قدرة استنباطية للعلاقة الجوهرية المرتبطة بالحدس العلمي، لتصبح نظرياته قانونا بدرجة اليقين، لينتمي المجتمع بآليات تتناسب مع رغبة الذهاب إلى مستقبل ثقافة العالم، الذي يتمثل بموقف الشاعر الإيديولوجي، الممزوج بأوزان كلمه الموسيقي، المفتوح على جميع احتمالات الوعي لمجمل القضايا، حتى إذ طلبت أوردتنا الدفء، نقصد كينونة قصائد الشاعر قاسم حداد، ليطيب مجلسنا في مسكن حروفه، حيث الطاقة الشعرية السيسو ثقافية، في ذاتيته الإستراتيجية الآلهة المتأملة في العقبات والصعوبات التي يعيشها الإنسان المتواجد في تجربته ومعرفة مكوناته المشتركة مع الفرد، وانشغاله على ما يخص سماته، للتأكيد على أهمية منزلته في العالم الذي اكتسى من أعماله المطلة من علياء إبداعاته، وعيشه بين أدباء مبدعين أمثال: الشاعر الفرنسي ألفريد/ دوفيني/ بودلير /و شيلر / لوكريشيس، المجاورين لحركة إبداع العالم المبحر من المحيط إلى الخليج، كما قال في قصيدة " الأقداح المعبوبة حتى الثمالات"
يتبع
0 comments:
إرسال تعليق