الساحة الفلسطينية منذ بداية الثورة والفلسطينية وحتى اللحظة الراهنة،وفي أشد المنعطفات واخطر المحطات والمراحل التي مرت بها،لم تعرف أسوء من هذه المرحلة،مرحلة تغيب فيها القيادة...على كل الصعد والمستويات منظمة وسلطة وفصائل....فمخيم اليرموك وما يتعرض له من مأساة انسانية وسياسية ذات أبعاد إستراتيجية...وما يجري في داخله ويرتكب من جرائم وحشية على يد عصابات "داعش" ومتفرعاتها ...والتفاهمات التي جرت ما بين رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله ونائبه زياد أبو عمرو أثناء زيارتهم الأخيرة لقطاع غزة وإجتماعهم مع قيادة حركة حماس حول القضايا المعيقة للمصالحة وإستعادة الوحدة الوطنية ورفع الحصار وإعادة الإعمار،وفي المقدمة منها قضيتا إدارة المعابر ورواتب موظفي حكومة حماس،جرى التنكر لها والإنقلاب عليها،كما تقول حركة حماس،وحماس شنت حملة شعواء على حكومة التوافق وعلى رئيس السلطة الفلسطينية،محملتهم تبعيات ما ينجم عن مثل هذه التصرفات والتنكر لهذه التفاهمات،وفي المقابل ردت حكومة التوافق،بأنه لا خلافات جوهرية مع حماس حول ما جرى التفاهم عليه،ولكن هناك عراقيل ومعيقات ومن يضع العصي في الدواليب،ولكن قيادي فتحاوي ذهب الى أبعد من ذلك كثيراً ،قال:- بانه لا وجود لمثل هذه التفاهمات إلا في ذهن قيادة حماس،والتفاهمات تكون مكتوبة وليست شفوية،والزهار القيادي في حماس،رد على تصرفات الرئيس وحكومة الوفاق بالقول،بأنه يجري الحديث عن تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة،وأكثر من قيادي حمساوي اكد على ما قاله الزهار،وبالمقابل هناك في حماس من نفى وجود مثل هكذا توجه او قرار،لتشكيل لجنة حمساوية او بمشاركة فصائلية لإدارة القطاع.
مأساة مخيم اليرموك كشفت عورات الجميع، من المنظمة للسلطة للفصائل والأحزاب من اكبر فصيل حتى أصغر فصيل منشق على ذاته،لكوننا شعب نهوى ونموت في الإنشقاقات،ونبدع في سوق الحجج والذرائع والأسباب لها،لكي نكتشف انها ليست أكثر من مزاحمة على القيادة والمناصب،او خدمة لهذا الطرف أو ذاك.
المواقف الفلسطينية القاصرة والهزيلة والمتلعثمة والمرتبكة والمتناقضة،فيما يتعرض له مخيم اليرموك من جرائم وحشية وحصار وتجويع وقتل واغتصاب على يد عصابات "داعش"،وهذا ما اكد عليه موفد السلطة والمنظمة والرئيس الى دمشق الدكتور احمد المجدلاني،بأن "داعش" وتمددها وجرائمها بحق من تبقى من سكان المخيم،جعلت الباب موصداً أمام أي خيار للبحث عن حل سياسي لأزمة المخيم،وقال بأنه لم يبق خيار سوى خيار الحل العسكري الذي توافقت عليه كل ألوان الطيف الفلسطيني (14) فصيلاً،"اللهم زد وبارك"؟؟ بإستثناء حركة "أكناف بيت المقدس" المحسوبة على حماس التي في الإعلام تتنكر لها وتتبرأ من أبوتها ومن جرائمها،وبالمقابل تبعث رسائل كما ذكر أمين عام الجبهة الشعبية القيادة العامة الرفيق احمد جبريل في مقابلة له على فضائية الميادين،بأنها طلبت من القيادة العامة،أن تساعد "أكناف بيت المقدس" في قتال ومحاربة "داعش"،وهذا الموقف الحمساوي النفعي والمصلحي،ليس بالغريب فقد تم تجريبه سابقاً مع النظام السوري،وحماس لم تلجاً لهذه الموقف،إلا بعد قيام تلك العصابة المجرمة بقتل واغتيال العديد من عناصرها،وتسليمها المخيم لعصابات النصرة،وخصوصاً ان المعلومات الأكيدة تقول بأن معظم أعضاء جماعة "أكناف بيت المقدس" أعضاء سابقين في حركة حماس ومن طاقم حراسة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.
القيادة الفلسطينية الغائبة عن مأساة اليرموك،هي من تتحمل المسؤولية عن كل ما يتعرض له شعبنا واهلنا هناك،فإجترار الكلام عن ان ما يجري مؤامرة على حق العودة للاجئين الفلسطينيين كلام إنشاء،ورغبة في الهروب الى الأمام وعدم تحمل المسؤولية،قيادة تريد من شعبنا الفلسطيني التضحوي والمعطاء،ان يعمل في التنجيم،لكي يتعرف الى حقيقة مواقفها المتناقضة والخجولة بحق جريمة إبادة وتطهير ترتكب بحق عاصمة الشتات الفلسطيني وبؤرة نضاله وكفاحه وعمله المسلح،مخيم اليرموك،أي قيادة هذه التي تستخف بعقول أبناء شعبها وتقدم على مثل هذه "الحماقات" والتصرفات التي لا يمكن قبولها او تبريرها؟؟؟،عضو لجنة تنفيذيه وامين عام فصيل ووزير سلطة وموفد الرئيس،يقول بأن "داعش" أغلقت وقطعت الطريق أمام أي حل سلمي للأزمة،ولم يبقى سوى خيار الحل العسكري،والذي يجري التنسيق مع النظام السوري بشأنه لتحرير المخيم من تلك العصابات،ويتم الحديث عن تنسيق مع لبنان من أجل إستقدام وحدات من مقاتلي المنظمة في لبنان للمشاركة في تحرير المخيم،ومن ثم يجري التنكر لهذا الموقف،والقول بان المجدلاني إجتهد،فالمصيبة اذا كان المجدلاني قد تحدث باسمه واسم فصيلة،والمصيبة الأعظم،ان يكون متحدثاً باسم المنظمة والسلطة والرئاسة،وبالموقف الذي حملته اياه او وافق عليه،الموقف الذي يجب ان يكون،ولكن لم تمض ساعات حتى تبرأت المنظمة على لسان أمين سرها ياسر عبد ربه من الموقف والقرار،قائلة بأنها تريد أن تنأى بنفسها عن التدخل في الشأن السوري،ولا تريد تحويل المخيم الى ساحة صراع بين النظام والمعارضة...سياسة النأي بالنفس هذه ،هل ستقود الى تحرير المخيم من عصابات "داعش" و"النصرة"..وهل الرهان على المؤسسات الدولية التي جربت سابقاً سيقود الى تحرير المخيم..؟؟ المنظمة لا تريد التدخل العسكري والفعل الميداني من أجل تحرير المخيم..؟؟ هل هي مالكة لأدوات الحل السياسي؟؟؟ ومع من ستتفاوض سياسياً من اجل تحرير المخيم....؟؟،مع "داعش" و"النصرة" ام مع مشغليهم الذين ضغطوا عليها،قائلين بالحرف الواحد التدخل العسكري لتحرير المخيم،يعني اغلاق صنابير المال وعدم إقامة موائد الرحمن.
"داعش" و"النصرة" لا يعترفون لا بفلسطين ولا بسوريا ولا لبنان،ولا مصر،همهم الخلافة والدولة الإسلامية،ولا يؤمنون بالجهاد في فلسطين،فلربما "حسب الآية الكريمة "رجس من عمل الشيطان"،فجهادهم موجه للأقربين، فهم الذين يستحقون القتل والذبح.
هذا هو المشهد الفلسطيني على درجة كبيرة من العجز والإرباك والتعلثم والتناقض،وهذه القيادة الفلسطينية تدخلنا وتغرقنا في متاهات وخلافات،تظهر هذه القيادة على أنها دون مستوى التحديات،فقضية بحجم قضية مأساة مخيم اليرموك لا تحتمل الخلافات والمناكفات،وكذلك هي قضية قطاع غزة من رفع للحصار والإعمار وفتح المعابر...مواقف لا تليق بنا كشعب وقضية وثورة وحركة تحرر وطني،كنا قدوة ومثلاً ونموذجاً تحتذي به كل حركات التحرر الوطني على مستوى العالم،والآن أصبحنا مثالاً للتندر والبكاء على الماضي المجيد...قضيتا اليرموك والقطاع الوقت فيهما من دم وأشلاء وأنقاض وركام وتهجير وتوطين والغاء وإنفصال يا قادتنا...
0 comments:
إرسال تعليق