أبا العلاء قريع عفواً اوسلو مات وشبع موتاً/ راسم عبيدات

في مقابلة للأخ ابا العلاء قريع واحد من مهندسي اتفاق اوسلو المشؤوم،مع القناة العاشرة العبرية،قال بأن اوسلو لم يكن خطئأ،وانه لم يمت....وانا أستغرب بانه رغم كل تجليات اوسلو السلبية والسيئة وما جلبه من مصائب وكوارث لنا كشعب فلسطيني وثورة وقضية،هناك من يدافع عنه،بل ربما يعتبره البعض نصراً مبيناً،وكأن أبا العلاء قريع يريد ان يقنعنا بانها حسب المأثور الشعبي"عنزة ولو طارت" او أنه بالإمكان "حلب الثور" و"إستخراج دبس من قفا النمس"،فأسلو هو من قسم الأرض والشعب،فبفضل "نعم" اوسلو أصبحنا نعيش في معازل و"جيتوهات" مغلقة،لكل قرية ومدينة بوابتها الخاصة يفتحها الإحتلال متى شاء ويغلقها متى شاء،وهو كذلك شطب الوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة،فالممر الان بين الضفة والقطاع بقي حبراً على ورق،واوسلو ألحق ضرراً فادحاً في النسيج المجتمعي الفلسطيني،وأصبحنا امام حالة من الإنهيار القيمي والأخلاقي غير المسبوقة،وايضاً بفضل "نعم" أوسلو  تعززت ثقافة البلطجة والزعرنة والفهلوة والجهوية والعشائرية والقبلية في المجتمع،وقدمت الولاءات العشائرية والقبلية والجهوية على الإنتماءات الوطنية،وأصبحت المليشيات بمختلف تسمياتها تتصدر وتتسيد المشهد الفلسطيني،وانت يا اخ أبا العلاء كواحد من مهندسي الاتفاق المشؤوم،وتشغل اليوم مسؤول دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير،اظن انك تدرك جيداً،بأن موافقتك انت وفريق اوسلو على تأجيل  قضية القدس الى المرحلة النهائية التي لم تأتي، إلى أين أوصلت وضع المدينة؟؟،فالمدينة بفضل هذا الإتفاق ،تغيرت كل ملامحها ووقائعها،وهي تهود وتأسرل،فوتائر الإستيطان فيها وحجمه تصاعدت بشكل جنوني،ووصلت حد ال"تسونامي"،حتى ان الوضع بات ينذر،بأن يكون اهلها وسكانها العرب جزراً متناثرة في محيط اسرائيلي،وأقصاها جرى تقسيمه زمانياً ومكانياً،رغم أننا سمعنا عن إتفاق وصف بالتاريخي،وقع بين الملك عبدالله الثاني والرئيس أبو مازن،يخول العائلة الهاشمية ويفوضها بالمسؤولية الدينية عن المقدسات الإسلامية في القدس وبالتحديد المسجد الأقصى،ولنرى ان هذا الإتفاق ليس بالتاريخي ولا بالمصيري،بل جف حبره بمجرد التوقيع عليه،فلم نسمع عن أي تحرك لحماية الأقصى،يشعرنا بقيمة واهمية هذا الإتفاق،لا طرد سفير اسرائيلي،ولا دعوة لإنعقاد مجلس الأمن الدولي،ولا طلب عاجل لليونسكو،من اجل إتخاذ قرارات بحق اسرائيل،لخرقها وخروجها على القوانين والإتفاقيات الدولية،لجهة مواصلتها الحفريات أسفل وحول المسجد الأقصى،وسرقة وتزوير الآثار العربية والإسلامية،ولا تهديد بإلغاء اتفاقية وادي عربة،او التراجع عن إتفاق اوسلو الذي تقول انت انه لم يكن خطئا ولم يمت.

والتعليم يا أبا العلاء في القدس اكثر من 80 % منه تحت سيطرة وزارة المعارف الإسرائيلية،والان تجري عملية أسرلة كاملة له،فالطلبة الفلسطينيون في مدارسنا الفلسطينية في القدس،عليهم ان يتعلموا عن القدس عاصمة دولة"اسرائيل" وجبل الهيكل بدل الأقصى والإستقلال بدل النكبة ويهودا والسامرة بدل الضفة الغربية،وعن صانعي المجد والوجود والحضارة والتطور للدولة من امثال بن غوريون وبيغن وشامير،الذين لهم الباع الطويل في طرد وتشريد شعبنا وتهجيره،وإرتكاب الجرائم والمجازر بحقه.

واوسلو يا أبا العلاء شطب الميثاق الوطني الفلسطيني،مقابل إعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية،التي كان مطلوب توقيعها من اجل التنازل والتخلي عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

اوسلو يا أبا العلاء لم يفعل فعله فقط على الأرض والشعب هنا وفي الخارج،بل أصاب من الحركة الأسيرة الفلسطينية مقتلاً،حيث لم تصل اوضاعها إلى درجة من التفكك،مثلما جرى بفعل اوسلو،حيث قبلت سلطة اوسلو بتقسيمات الإحتلال واجهزة مخابراته للحركة الأسيرة على أساس الإنتماء السياسي والمنطقة الجغرافية وخطورة التهمة،حتى ان المفاوض الفلسطيني،تخلي عن تمثيل أسرى الداخل- 48 – والقدس،بإعتبارهما من حملة الجنسية الإسرائيلية قسراً لأسرى الداخل،وحملة بطاقة الهوية الزرقاء لأسرى القدس،ومع اوسلو فقدت الحركة الأسيرة لأول مرة وحدة اداتها التنظيمية الموحدة،ولم تنتصر في معاركها الإعتقالية،معارك الأمعاء الخاوية،الإضرابات المفتوحة عن الطعام،سلاحها الإستراتيجي الذي تستخدمه ضد إدارات مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها،للدفاع عن حقوقها ومنجزاتها ومكتسباتها،وضد محاولات كسر إرادتها وتحطيم معنوياتها وتطويعها وإذلالها.

و"نعم" اوسلو التي جلبها لشعبنا الفلسطيني يا أبا العلاء تحتاج إلى مجلدات، ولا تعالج في عجالة بمقالة كهذه،واوسلو حقيقة لم يمت لجهة إستمرار التنسيق الأمني الذي تحرص امريكا واسرائيل على بقاءه وإستمراره،لكون ذلك يخدم مصالحها الأمنية،وكذلك هو لم يمت لجهة اتفاقية باريس الإقتصادية،والتي تجعل من الإقتصاد الفلسطيني ملحقاً وتابعاً للإقصاد الإسرائيلي،وبما يلغي أي استقلالية له.

انا كنت اتوقع منك يا أبا العلاء،وانا اتابع تصريحاتك ولقاءاتك الصحفية والإعلامية وكتاباتك عن القدس،والتي تحذر فيها من المخاطر الجدية المحدقة بالمدينة لجهة اسرلتها وتهويدها وممارسة التطهير العرقي بحق سكانها،ان تقول  في الذكرى العشرين لأتفاق اوسلو المشؤوم،نعتذر منك شعبنا الفلسطيني،فنحن اخطأنا وتسرعنا،ونحن من يتحمل وزر هذا الإتفاق المشؤوم،نحن كنا نعتقد باننا سنجلب لكم دولة واستقلالاً،ولكن لم ننجح في ذلك،واصلوا نضالاكم وكفاحكم،وتخلصوا من قيود اوسلو،فأوسلو لم ولن يجلب لكم سوى المزيد من الضعف والإنهيار والتراجع،اوسلو هو الإنتصار الثاني لدولة اسرائيل بعد النكبة،بلغة ثعلب السياسة الإسرائيلية "شمعون بيرس".

CONVERSATION

0 comments: