ثمن الضحك/ عبدالقادر رالة

  نظر الى زميلي رحماني ،فانفجر ضاحكا ،لم يستطع أن يكتم ضحكه.....أنا استطعت أن أتحكم في نفسي...
  كان السيد عجال مدير الثانوية يزورنا مساءا في أوقات فراغه أثناء ساعات الدوام الداخلية... وهو يكره جميع تلاميذ مدينة النسور ، لا لشيء سوى أنه  مولع بكرة القدم ومن أشد المناصرين  المتعصبين  لفريق مدينته  مدينة الرياح! وكان فريق مدينتنا يلعب مع فريق مدينته في قسم واحد...نفوز عليهم ويفوزنا علينا...وعجال قبل أن يترقى مديرا عمل أستاذ اللغة الفرنسية في المتوسطة بمدينتنا ! وكان في شهر رمضان  يفطر كل ليلة عند أحد الجيران أوعند  أحد زملاءه الاساتذة...وكثير هي المرات التي كان أولياء التلاميذ يهمون  بأن يضربوه فينقذه المعلمون أو الجيران....  لكن ذاك التعصب الكروي صار كراهية لكل تلاميذ مدينة النسور! أي تلميذ يتأخر يطرده ولا يلتحق بالدراسة حتى يحضر والده...المسافة عشرون كيلو مترا...أما أبناء المدن الأخرى المجاورة فغير مضطرين لإحضار أوليائهم اذ لم يكن الغياب يوما كاملا...
 بل إنه كان ينغص علينا حصص الدوام المسائية...
ـ أنتم أغبياء! وأباءكم رجال كبار ويتهجمون علينا في الملعب ويرموننا بالحجارة والقار ورات البلاستيكية! لكن أنا أعذركم قرويون! لا تصلحون الا لرعي الغنم، لا ..لا..رعي الغنم عمل شريف قام به سيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام...لا تصلحون الا لرعي الكلاب الضالة المتكاثرة في مدينتكم....
 همست في أذن زميلي رحماني الجالس بجانبي:ـ اسمع ..نحن ندرس ونجتهد لكي نذهب الى الجامعة ثم نتخرج  لنقول مثل هذا الكلام ...لا أقول التافه...التفاهة أفضل منه....!
 انتبه المدير ...
ـ أنا أتحدث .. وأنت تضحك...أنت غير مؤدب ..الأكيد أنك من مدينة النسور!
ـ نعم يا سيدي....أجاب المسؤول عن الدوام والمرقد.
 تقدم نحو رحماني....
ـ انهض!...ثم صفعه بقوة...
ـ الغير مؤدبون من يفعلون ذلك....ثم صفعه على خده الأخر....
ـ لماذا تضحك؟
التفت نحوي رحماني ...لقد ورطني...
ـ انهض أنت أيضا! ما اسمك؟
ـ رشيد ....قال المسؤول عن الدوام...
توجه نحوي بسرعة ثم باغتني بصفعة قوية....
ـ لماذا تضحك؟
استجمعت شجاعتي  ثم قلت:ـ ألا تمل يا سيدي من شتمنا كل مساء؟ ربما تتصور أننا بهائم! إن لنا عقولا و أفئدة....
ووجه لي صفعة أخرى أشد....
ـ أتريد أن تعلمني يا ابن الـ.......................
نهض التلاميذ أبناء مدينتي... ثم وقف أبناء المدن الأخرى أيضا...تراجع مذعورا...
ـ اتبعني الى الادارة! ترددت...فقال التلاميذ:
ـ لا تذهب!  وإن ضربكما مرة أخرى ، فإننا كلنا شهود...  ما يفعله كل مساء غير صائب ... تعصب تافه لكرة القدم.. مناصرو الشوارع الأميون لا يفعلون هذا!. لا تذهب! إنا نعرفكما نجيبين! وكل الاساتذة يعرفون ذلك! ....
 نظر اليهم ذاهلا ثم أمرنا بالجلوس....
ـ المرة القادمة لما أكون أتحدث عليكم فقط بالانصات...أنا المدير وأنتم تلاميذ....
 ولم تكن هناك مرة قادمة، لأنه  منذ ذاك المساء لم يزرنا حتى ودعنا الدوام الداخلي...الى الجامعة....

CONVERSATION

1 comments:

محمود الاردن يقول...

قصة ممتعة والحق ما حوته القصة أن اكثر كوارثنا الاخلاقية واللانسانية وضد الانتماء القومي كانت بسبب كرة القدم وربما ما هو في القصة مجرد خيال ادبي يحدث كثيرا في الواقع والانسان البسيط هو الضحية سواء في وطنه أو مع ابناء امته الاخرين...