إصدار الأعمال الشِّعرية 1 للشَّاعر والفنَّان التَّشكيلي كابي سارة

صبري يوسف ـ ستوكهولم                                                                         صدر للشاعر والفنَّان التَّشكيلي كابي سارة "الأعمال الشِّعرية 1" في ستوكهولم عن طريق "دار نشر الفابيت ماكسيما"، تتضمَّن ثلاثة دواوين شعريّة، حملت العناوين التَّالية:                               
1 ـ غجريّة ومطرٌ ناعم                                                                
2 ـ أصدقاء وذكريات وشوارع                                                        
3 ـ من وحي الحصار                                                                 
قدّم الأب يوسف سعيد "الأعمال الشِّعرية 1"، حيث كتب الأب يوسف سعيد آخر مقدّمة لكتاب شعري قبل رحيله في السَّابع من شباط (فبراير) 2012 الماضي، تناول في مقدِّمته الجَّانب الفنِّي والأدبي في شخصيّة الفنَّان والشَّاعر كابي سارة، والأب الرَّاحل معروف بأسلوبه الرَّاقي في تقديم الدَّواوين الشِّعريّة، حيث كلّ ما كتبه من مقدّمات لدواوين شعريّة أو أي كتاب أدبي، هو بمثابة نصّ شعري، أدبي، أقتطف مدخل هذا التَّقديم:             
                    
گابي سارة .. أخاديد مِن روحه فوق أرض الظمأ                                   
الأب الشَّاعر يوسف سعيد
گابي سارة                                                                                          
تأخذ طريقك في لفحة فرح السعادة إلى الأشجار من غابات محتبكة الجذور، والأغصان، وحاملاً ضحكتها إلى أفانين في ثغر الصَّباح الوليد. حيث القدر عبارة عن وليمة لغدٍ مُجنـّح. بريش ملوّن من جراء قطرات رعشة الرُّوح. ذات الألوان القزحيّة ..                                               
گابي سارة، فنَّان تشكيلي يحمل عذوبة مستقطرة من رحيق شروخات بهجة أخاديد الأرض. راحلاً في ذهولية عذبة نحو دساكر الرُّوح، حاملاً لوحة من قطرات خلاصات دموعه الَّتي تتآوى كالعصافير، تحت أغصانها ترويها أنفاس المزارع في حقول أورشليم. ضائعاً بهجة أقواسه من رحيق زهور الزَّنابق، وورود الحبق، ومزارع الدُّفلى، صانعاً بهجة أقداسه من ورد الجُّوري المتفصِّد بهجة
من أغصان شهقة آزخيّات ...، ومن تيّارات أشواق روحه الطَّيبة.                          
وحدها أنامله الرَّقيقة تحمل أشياء من قطرات رحيق روحه، هائماً في تجلِّياته، أشبه بأسراب طيور الهداهد في طيرانها. كمظلّة سماويّة فاتحة ثغر الفجر الوليد. ناطقاً من نهلة سماوية تفتح بأصابعها، وأنامل روحها ثغر الفجر المُتسكع على روابي روح العذارى الهائمات فوق رياض بساتين مُعبّأة بعصافير الدَّراغل الرَّمادية الصَّدر. عليها رموز لخطوط بلقاء. يشهقُ في ليلة گابية، يفهرِس فقرات في امتداد جملة واحدة. تأخذه سكرة الرُّوح إلى شاعريّة مقتطعة من جنان أمِّهِ الَّتي كانت أكثر عطاء في حبِّها لأختها البتول. ترسمُ في مراسمك زهرة تفاحة على خدِّ لوحتك الرَّمزية والمُشكّلة بعيون ونظرات تطلُّ من بؤبؤ الكتابة الَّتي تخطِّط لها من فراديس روحك.                          
ألست أنت المتفائل بنعاس العناقيد، ناظراً، رامقاً، عوسجة تطوي ظلّها وتتسكَّع تحت خيمة القمر.
ويختتم الأب يوسف سعيد مقدِّمته بالوقوف عند ريشة الفنّان الشَّاعر كابي سارة قائلاً:
حتماً ستكون الرِّيشة بين أصابع كابي سارة كانعطافات لمجاري سيولة ماء يتدفّق من قلب الصّلاة، سائلاً في سواقي قلب متحرِّر من منفاه. في لوحاتك شيء هام من شبقيات شهوة روح العذارى.     
لكن دعني أسألك، هل ستعود مع مواكب شهر نيسان حاملاً بين أوراقك أحاسيسك النَّابضة بانحناءات السُّطور على لوحة من لوحات خيالك المجنَّح، أبداً تبقى جفونك حبلى بدموع مستقطرات دموع حسّك الكبير. الَّذي يعلو رواق الذَّاكرة الخصبة. أليست اللَّوحة الَّتي ترسمها تحت شجرة التُّوت في قيلولة صمت الأغصان والأوراق وخرير الجَّداول والأنهار عبارة عن سيمفونيات لخطوط تنمُّ عن بهجة جداول القلب. ...".                                                                            
ومن أجواء الدِّيوان نقتطف هذه القصائد:
طقوس أول العشق
 (1)
الغجريةُ تحبُّ الرِّجالَ ، والأدب
وتحبُّني أيضاً
ترسمُ في النَّهارِ وجوهَ الرِّجال
وتكتبُ في المساءِ إحتراقاتــَها
حزنها قال لي :
زحفَ الرِّجالُ إليها
وحين أحسّوها دافئة كمدفأة
قبّلوها كلسعاتٍ
وقهقهوا كثيراً
ورحلوا
فبكتْ، وتصاعدَ مِن زندِها
نارٌ  ودخان .... ....
 (3 )
كان الفصلُ شتاءً
والوقت مساء
وكنت كعادتي صامتاً
أتمتم قصيدة حبٍّ للمدفأة
وتعرفون أنّ العيونَ في المساء
تعرف كلّ اللُّغات
لـــذا غمرنا ضوء القمر
وغفت على كتفي
ونستْ الرَّجال
والمدن المنهارة .... ...
 (5)
فتحتْ عينيها كالنُّورِ
حدّقــَت طويلاً
وضمَّتني بشدّة
ونامت فوق صدري
نمنا يومينِ
تحتَ أوراقِ الشَّجرِ، والمطر
احترقنا وأصبح الجسد رماداً
وعندما جاءت أولى شمس نحونا
بكت وبلَّلت زندي
وتمتمتْ: قلبي تشكلَّ بالأمسِ
عصفوراً وطار.
من ديوان "غجريّة ومطر ناعم".
      ******
حين أنام أفرح
إلى أخي متّى سارة
1
حين أنام أفرحُ
أقولُ سيأتيني في حلمٍ جميلٍ
مطرٌ ناعمٌ وأزهارٌ حمرٌ
ستأتيني امرأة عاديّة جداً
ولكنّها تبتسم
وتعانقُ المطر والزُّهور
وتعانقُ قلبيَ الحزين أيضاً
2
حين أنام أفرحُ
أقول سأنهض غداً
سأغنِّي للرياح وأرقصُ للمطرِ
أقول لابدّ أن يأتي
مَنْ يمسحُ جبهة الحياة بالزَّيت
فتصبحُ مقدسة، لابدّ ، لابدّ
3
وحين أنهض
أفتِّشُ قلبي، والوجوهَ، والشَّوارع
عن الحلم
عطرُ الياسمين لم يأتِ بعد
ولكن لا زلتُ حين أنامُ أفرحُ.
                                 من ديوان: "أصدقاء وذكرات شوارع". 
      *****
شاعر على الرَّصيف
موزَّع على الأرصفة
منسيٌّ كحجارة الطّريق
يسأل نسمة
لا تجيب
حتّى نجمة الصَّباح
كانت عالية
بقى منسياً كاللَّيل الَّذي رحل
وبقى متألِّماً تحرقه الأرصفة
والزُّحام
ولهيب الذِّكرى لا يرحم ..".
من ديوان: "من وحي الحصار".
وعلى ظهر الدِّيوان قدَّم الشَّاعر نفسه كشاعر متعدِّد الأوطان: 
الوطن الأوَّل . سورية . ديريك ...1957
خريج كلِّية الفنون الجَّميلة، جامعة دمشق 1982.
عضو في نقابة الفنون الجَّميلة،  سورية.
عضو في جمعية اصدقاء الفن، سورية.
عمل في تدريس الفنون.
عدة معارض فرديّة في سورية، لبنان، السويد.
عدة معارض مشتركة في سورية، لبنان، السويد.
الوطن الثَّاني. السويد.. 1987
عضو في جمعية الفنَّانين التَّشكيلين العراقيين في السويد.
الوطن الثَّالث. المحبّة 
محبَّة الله ، والانسان ، والفن.
وإلى جانب اللَّوحة والقصيدة يكتب الشَّاعر والفنَّان التّشكيلي كابي سارة القصّة القصيرة ولديه مجاميع قصصيَّة مخطوطة ودواوين شعريّة أخرى في طريقها إلى النُّور.
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: