منذ نشأتها بتاريخ 8/12/1949 لم تتغير سياسة عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا"، بتوفير المساعدة والحماية والمناصرة للاجئين الفلسطينيين الذين وصل عددهم لـ 5,428,712 لاجئ مسجل حسب إحصاء الوكالة في كانون الثاني/يناير 2014، منتشرين في خمسة مناطق، الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان.
ويتضمن برنامج الحماية وفق الصلاحيات الممنوحة لـ "الأونروا" نوعين رئيسيين؛ الأول الحماية القانونية والتي تشمل توفير خدمات المشورة والتوعية والتثقيف والمناصرة حول الحقوق والواجبات، أما النوع الثاني فهو الحماية الإنسانية والتي تشمل توفير الرعاية الصحية والتعليم والإغاثة والبنية التحتية والإقراض وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والاستجابة الطارئة في أوقات النزاع المسلح، وبغياب النوع الثالث من الحماية والذي من المفترض أن يتصدر الأولويات من حيث الأهمية ويتضمن الحماية الجسدية؛ الفيزيائية، يكون توفير الحماية للاجئين الفلسطينيين بمعناه الشمولي الكلي منقوص، فالحماية بشموليتها حق يجب أن يحصل عليه اللاجئ الفلسطيني الذي طرد من بيته وأرضه خلال نكبة العام 48 أو ما تبعها من عمليات تهجير داخل أماكن عمليات "الأونروا" أو خارجها، وهذا الإستحقاق القانوني ينبغي أن يكون قائماً بموجب القانون الدولي إلى أن يتمكن اللاجئ من ممارسة حقه في العودة بموجب القرارات الدولية ذات الصلة لا سيما القرار 194 الذي لم يختلق حقاً جديداً وإنما أعاد تأكيد مبدأ القانون الدولي بالعودة.
أقرت الأمم المتحدة نظام حماية دولي خاص باللاجئين الفلسطينيين في العام 1948، وكان الغرض منه توفير حماية مضاعفة لهم، وتم تكليف لجنة التوفيق الدولية (UNCCP) بتطبيق مفهوم الحماية، لكن غياب الإرادة السياسية للدول ذات النفوذ الواسع وعلى رأسها أمريكا، حال دون تحقيق ذلك.. لهذا لا يزال اللاجئون الفلسطينيون وبعد مضي أكثر من 66 عاماً على النكبة واللجوء محرومين من حقهم في الحماية الدولية، الأمر الذي أوجد مساحة واسعة من التعدي والجرأة لدى "أعداء اللاجئين" لإنتهاكات حقوقهم جهاراً نهاراً أمام سمع وبصر المجتمع الدولي الذي يقف مكتوف الأيدي ويكتفي بالإدانة والشجب والإعراب عن القلق.
لو بقي نظام الحماية بمعناه الشمولي قائماً، لما كان من السهل إستهداف المخيمات وتدميرها، أو التعرض للاجئين الفلسطينيين سواءً بداخلها أو خارجها لا سيما تلك القابعة تحت الإحتلال الإسرائيلي، وفي هذا الشأن فإن الحديث يطول، ويحتاج صفحات وكُتب لتوثيق المجازر التي ارتكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين وأعمال التنكيل والتدمير التي مورست بحق بيوتهم المتهالكة أصلاً في مخيمات وتجمعات اللجوء، وفي هذا لا إستثناء في التاريخ الماضي أو الحاضر، منذ نكبة فلسطين العام 48 وحتى اليوم، من غزة الى سوريا الى لبنان الى الاردن الى الضفة وغيرها من المناطق، ونماذج شاخصة أمامنا نعيش يومياتها لحظة بلحظة في مخيمات غزة بعد العدوان الإسرائيلي الإخير حيث وجود أكثر من مليون و 200 ألف لاجئ، فقد تم تدمير جزء كبير من الأبنية والبنى التحتية وتم استهداف المدنيين ومنشئات "الأونروا"، لا سيما المدارس..، وكذلك في سوريا حيث أكثر من نصف مليون لاجئ، وما يجري فيها من أعمال تدمير للمخيمات والتجمعات واستهداف للمدنيين من اللاجئين في عمليات إعتقال وخطف وقتل وتهجير منذ حوالي السنتين، ومخيم نهر البارد في لبنان الذي دمر عن بكرة أبيه في العام 2007 ولم يتم إعادة إعمار سوى أقل من نصف مساحة المخيم، وعودة بضعة آلاف من أصل 37 ألف لاجئ مهجَّر، وفي مخيم قلنديا وشعفاط وغيرها من مخيمات الضفة الغربية حيث تستباح من قوات الإحتلال الإسرائيلي ليل نهار، وتكتفي الوكالة وفقاً للصلاحيات الممنوحة والقيود، إما للشكوى أو للتعبير عن الشجب والإدانة، ودعوة الأطراف المتنازعة إلى ضبط النفس وتحييد المدنيين، والمطالبة بتشكيل لجان تحقيق، والتعزية بمقتل موظفيها، والسعي لتوفير المساعدات الإنسانية ما استطاعت والتي بدورها تواجه صعوبات كوْن تبرعات الدول المانحة طوعية.
المنظمات والجمعيات والهيئات الدولية المتخصصة ملزمون من خلال الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالسعي وضمان توفير الحماية الدولية الشاملة للاجئين الفلسطينيين، إنطلاقاً من المسؤولية الدولية الخاصة تجاه نكبة فلسطين وما نتج عنها من قضية لاجئين هي الأكبر والأطول بين لاجئي العالم، لذلك نعتقد مع حصول دولة فلسطين على صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2012، وبدء أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، باستطاعة "دولة فلسطين" التقدم من خلال جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي ومجموعة دول عدم الإنحياز بشكل كلي، أو من خلال أي دولة عضو في الجمعية العامة؛ بمشروع قرار لتطوير وتوسيع سياسة عمل "الأونروا" بما يشمل الحماية بمفهومها الشمولي، وضم غير المسجلين من اللاجئين الفلسطينيين إلى سجلاتها، وتوفير الميزانيات حسب إحتياجات اللاجئين، لا أن تبقى التبرعات طوعية من الدول المانحة مرهونة ومرتبطة بالأوضاع الإقتصادية والسياسية للدول.
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
0 comments:
إرسال تعليق