حدوثة رعب مصرية.. الجزء 7/ فراس الور

دوت صفارات سيارة الاسعاف العسكري في شوارع القاهرة باتجاه مستشفى القصر العيني في منيل الروضة، و كان الطاقم الطبي المؤلف من ممرضين في السيارة منهمكين في مراقبة تيسير الذي كان غائب عن الوعي و بِحُمَى شديدة، فكانوا يراقبون تنفسه و قياس ضغط دمه بدقة و لكن الحفاظ على حياته لم يكن سهل عليهم، فكان ضغطه يتأرجح بين دراجات عالية خطره و متدنية قاتلة ضمن اوقات قياسية و كان هذا مصحوبا بإضطراب شديد بنبضات القلب مسببا لهم كارثة حقيقية، فكانوا تائهين بالاجراء الطبي المطلوب لانقاذ حياته، 
اخترقت سيارة الاسعاف الشوارع بسهولة كبيرة فكانت السيارات حين تسمع اصوات الصفارات تفسح المجال لها بالمرور، و شرطة المرور الموزعة في الطرق كانت توقف المرور على الطقاطعات و على اشارات السير لتعطي سيارة الإسعاف الأولوية المرورية كي تصل بسرعة الى المستشفى، و رغم العوامل التي كانت تُسَهِلْ لها طريقها إلا انه و عند اقترابها من هدفها فجأئه توقف كيس الأوكسيجين الذي كان يغذيي تنفس تيسير عن عمله و توقف صدره عن الحراك، فلم تجدي محاولات طاقم الإسعاف نفعا بتاتا، فحص احد الممرضين بسرعة نبضه فكان متوقف، وضع الممرض يداه على صدره و ضغط صدره بصورة متكررة ليبدء عملية الاسعافات الاولية و التنفس الاصطناعي، و لكن مرت دقيقتين كاملة و التعرق يملئ جبين الممرضين من التوتر و الخوف بغير جدوى...كرر الممرض الذي يصنع الإسعافات المحاولة عدة مرات لكن توضح له ان المريض قد توفى، 
جلسا الممرضين بخيبة أمل امام الجثة ضاربين كفا بكف و قائلين "إن لله و إن إليه راجعون"، فلم يمهلم مرض زميلهم حتى وقت للتفكير لكي يستدركوا اجراء طبي مناسبا، فابلغوا السائق بحالة الوفاة و راقبوا السيارات امامهم في الشارع المكتظ و هم بقمة حزنهم رافعين طلباتهم الى الله ليرحم فقيدهم، كانت السماء ملبدة ببعض الغيوم الداكنة و ابتدأت امطار خفيفة بالسقوط مبللةً الشارع و الارصفة من حول سيارتهم، ابتدأ بعض الناس الواقفين على الارصفة و الذين يحملون مظلاتهم بفتحها و انهمك بعض منهم بالتأشير لسيارات الاجرة، ابطئ السائق سرعته في شارع القصر العيني قليلا لكي يزيد من تحكمه على السيارة نظرا للشوارع البللة التي قد تسبب انزلاقات و حوادث السير و لكي يتجه الى اليسار الى شارع مجلس الشعب باتجاه المدخل، 
فجاة تحركت الجثة؟! جلست في مكانها ببطئ فسقط الغطاء عنها، نظرت الى الممرضين بعيون مفتوحة غير رامشة لتسبب لهم صدمة في بادئ الامر، و لكن بعد دقيقة من الزمن استجمع قواه احد الممرضين و اقبل اليها مبتسم ظناً منه ان معجزة ما اعادت الحياة لزميله فلم يكن نبضه متوقفا الا لدققتين من الزمن فقط، فسأل ببساطة "حمداً لله على سلامتك" و لكن لم يلاقي اجابة لسؤآله، سأل الممرض الآخر "بماذا تحس يا تيسير؟" ولكن جلس تيسير بلا حراك و كلام على النقالة بجانبهم، 
امسك أحد الممرضين يد تيسير ليجدها باردة جدا و كأن الجثة كانت بثلاجة، فحص النبض و صرخ لزميله "هنالك شيئ غريب!!!لا نبض لديه!!!"
غرزت الجثة اسنانها بشراسة في ساعده لينزف منها سيل من الدماء، أحس الممرض بلحمه يتقطع و بالجثة تشرب من دمائه فدوت صرخات الآلآمم و الرعب في السيارة، صرخ الممرض الآخر مذعوراً و سحب مسدسه ليجد مصاص الدماء يمسك به و يرفعه عن الارض، نظر السائق الى الوراء ليرى زميله على الارض صارخا ممسكا بيده النازفة و الاخر مرفوعا عن الارض بين يدي الجثة المتحركة، صرخ السائق من الهلع و صرخ في الاسلكي "حالة طوارئ بالقرب من القصر العيني!!!" ليقطعه صراخ الممرض الذي كان بين يدي الجثة قائلا "اتركني بسلام باسم الله الرحمن الرحيم!!!" و لكن دفعته الجثة بقوة خارقة فارتطم بباب التحميل لسيارة الاسعاف و فتح الابواب على مسرعيها، فَهَوى الى خارج السيارة و تدحرج على الارض بين السيارات المسرعة، فدوت بالاجواء اصوات الفرملة و اصوات الارتطام المخلوطة بتحطم الزجاج حين حاولت بعض المركبات تفاديه و لكن لتصدم بعضها ببعض، و التي لم تفلح داسته بعجلاتها فقطعت اوصاله و تلطخ الشارع بالدماء الحمراء،
أصيب السائق بذعر هيستيري ففقد السيطرة على السيارة، فتراقصة يمنتاً و يساراً في الشارع محدثةً ارتباك مروري كبير، فحاول السائقون الابتعاد عنها ليصدح صراخ المارة على الارصفة و تخترق الاجواء الضوضاء و اصوات الحوادث و ارتطام الحديد، صرخ الممرض عدة مرات فنظر السائق بخوف و ارتباك الى الوراء ليرى الجثة تغرز انيابها برقبة الممرض، تجمدت دماءه من الخوف و ارتطمت سيارته بشجر الرصيف الذي كان يزين شارع مجلس الشعب امام المستشفى، ارتطم رأس السائق بالمقود من شدة الحادث و تشوشة الرؤيا امام عينيه، تحطمت واجهة السيارة وإلتوى حديدها و طبق فوق ارجله، اما المقود فطبق على صدره مثبتاً اياه على الكرسي، هرع الناس الى سيارة الاسعاف و الى الحوادث في الشوارع و كان الكثيرون يتصلون بالشرطة و بالكادر الطبي للمستشفى لارسال المساعدات الطبية، 
عمت الشارع الفوضى التامة، فتجمع طبق من الناس بذعر و ارتباك حول السائق في محاولة لإخراجه من السيارة المُحَطَمَة، فكان ملقى على كرسي القيادة يتأوه من الالم في السيارة العسكرية، فصرخ احدهم "الكادر الطبي سيصل بأي لحظة فلا تحركه من مكانه!" و صرخ آخر "عندي حقيبة اسعافات اولية في سيارتي سأجلبها!" و لكن فجأة سُمِعَ صوت اغلاق ابواب بقوة، فاحس السائق بيدين تلتف حول صدره و تسحبه من الخلف، صرخ من الرعب فكان يعلم ما الذي يسحبه و لكن ارجله المصابة كانت عالقة بين حديد واجهة السيارة و الكرسي مسببة له الشلل التام، تسآل الناس عن صراخ السائق فظنوا انه متألم من الحادث ولكن سرعان ما شاهدوا الرجل الذي يسحبه، فظنوا هنالك شخص يحاول مساعدته فصرخوا بالنهي عن المحاولة، و لكنهم تفاجؤا ان الشخص بزيه العسكري لم يتجاوب مع ندآتهم فحاولوا فتح باب السائق و لكنه كان معطل من الحادث،
تحول صراخ السائق الى عويل و أطلق ندآت استغاثة و رحمة تقشعر لها الابدان، فاليدين الجبارة كانت تسحبه رغم شلله وابتداء يحس بتمزق في مفاصل ركبتيه فصرخ "الرحمة!!! انقذوني منه!!! هذا شيطان!!!" فانتاب الناس المتجمهرين حول السيارة الخوف الشديد، فبعضهم هرب و بعضهم حاول اقتحام السيارة و فتح أبوابها المعطلة، و استمر عويل السائق و اهتز و تلوى جسده من الالم فكانت تتمزق ركبيته من مكانهما و مصاص الدماء يسحبه من الكرسي، فسالت الدماء من المفصلين و صدحت في اجواء السيارة اصوات طرطقة عظام و تمزق ثم انفصل جسده عن ارجله و اصبح كالورق الهشة بين يدي الانسان المتوحش، استمر نزيف الدماء من ارجله المبتورة و العويل لبضع ثواني ثم اسلم الروح، 
سمعت صفارات سيارات الشرطة و بعدها انطلقت ضجة في الخارج تلاها طلاقات اهتزت منها ابواب سيارة الاسعاف الموصدة، فُتِحَ الباب فجاة على مصرعيه لتجد الشرطة المتوحش ممسكا بالسائق و برك من الدماء على الارض حوليهما، فكانت اسنانه مغروزة برقبته يشرب دماء الجثة بشراها، صاح الشرطي من الرعب و اطلق سيلا من العيارات النارية اصابت مصاص الدماء في جسده و راسه، وقع على الارض لبرهة من الزمن  نازفاً دمائه الزرقاء، فأعاد الشرطي الشاب السلاح الى غمضه ظناً منه ان المتوحش قد مات و لكن...نهض من جديد و نظر اليه بتعابير كره شديدة، 
كان المتوحش شبه انسان تملأ جسده طبقة من الشعر الكثيف حتى اطراف اصابع يديه و قدميه، و كان حافي القدمين و كانت قدميه آدمية و لكن كثافة الشعر عليهما كان يُكَبِرْ حجمهما، و كان الشعر الكثيف يغطي معظم رأسه ما عدى الوجه حيث تخف كثافته و حيث كان يحتفظ بملامحه الانسانية، كان جسده مليئا بالجروح و لكنه زمجر بكل عنفوان كالحيوان الشرس و ركض نحوه غير متأثر بالرصاصات، هرب الناس من الشارع من منظر الوجثة المتوحشة ليفرغ تماما تاركين الشرطي يطلق العيرات النارية بجنون و لكن دون جدوى، امسكه المتوحش و رفعه عن الارض و رماه في الهواء ليرتطم جسده على غرفة محرك السيارة من فوق، احس الشرطي بآلآم في جسده حين نزل من على السيارة فصعد الى المركبة مرة ثانية و حرك ناقل السرعة الى الحركة الخلفية، فنظر الى الوراء و داس على دواسة الوقود ليجد الممرض الثاني يقف وراء السيارة يصد حركتها، فزعقة عجلات السيارة الاربعة و اهتز هيكلها بغير فائدة من دون حراك،
امسك الشرطي الاسلكي و صرخ بالسماعة مفزوعا "هنا سيارة 24 شارع مجلس الشعب مستشفى القصر العيني، الرجاء من كافة الدوريات المحيطة التوجه للمساندة، كائنات متوحشة على وشك قتلي! النجدة!"
فجاوبه ضابط بسخرية "هل انت سكران؟!"
نظر اليه الممرض و خلع باب السيارة من مكانها، امسك به و سحبه من السيارة، غرز المتوحش الجديد العطش اسنانه في رقبة الشرطي فدوى صراخه المتألم في الشارع، ضغط الشرطي من شدة الألم على الاسلكي فاتحاً قناة الاتصال فَسَمِعَتْ الدوريات الاقطة للاشارة الصراخ المفزع، اكل المتوحش قطعة من لحمه و مضغها، سالة الدماء بغزارة فاتحة شهيته فغرز اسنانه و شرب دماء الشرطي و هو يصرخ من الأوجاع و على وشك إلتقاط انفاسه الاخيرة، في غضون دقيقة كانت صفارات سيارات الشرطة مسموعة في حي المستشفى و هي تتجه الى الموقع، سحبا مصاصي الدماء الجثة ورائهما و اتجها الى المستشفى و تركا الشارع بحطامه ورائهما، 
*****
جلست نرجس الاعرج على مكتبها بكامل نشاطها و حيويتها تحتسي قهوتها الصباحية و تراجع بعض الاوراق الوزارية التي تتطلب امضائها، كان صباح يوم أحد و كان جميلاً رومنسياً من أول لحظاته فَحَظِيَتْ بإفطار هادئ شاعري بحديقة منزلها في الزمالك بين الازهار و الورود العطرة مع زوجها عبدالله جرجس، فلم تكن تتمتع بفرصة الإختلاء معه كثيرا مؤخرا نتيجة سفره الى قبرص و بريطانيا حيث كان يمتلك شركات تجارية لها افرع في القاهرة و كان بصدد افتتاح افرع لها بهذين البلدين، فكانت الكلامات الغزلية الرقيقة و القبلات المشتاقة السيد بينهم لبعضة دقائق قبل تناول الطعام، كم أحبت هذه اللحظات التي استمتعت بها برفقة زوجها بعد طول غياب، ثم ذهبت بعد الافطار الى دولابها في غرفتها و ارتدت ثوب ابيض كان قد جلبه لها زوجها في آخر سفراته الى قبرص ووضعت عطرا ورديا جميلا لتبدأ يومها بكل اشراق، ثم ذهبت لحضور قداس الاحد في الكنيسة بمنطقة الزيتون و تلا القداس مهاتفة بينها و بين مدير الامن حيث طمأنها على تطورات هائلة في قضية شحنات المخدرات التي تشرف عليها مباشرة،
كم افرحها هذا الخبر و ادخل السكينة الى نفسها المضطربة، أخيرا ستنتقم من الشخص الذي استغل طيبتها و ثقتها به كزميل و قتل العميلة السرية بوحشية تامة، فاتضح من التحقيقات ان الجنرال من أكبر موردي السموم الى بلادها و حبسه سيخفف من تواجد المخدرات بصورة كبيرة في الكثير من الاحياء المنكوبة بها، كانت تعلم جيدا انها لن تستطيع ازالة كل عصابات التهريب من القاهرة لأنه ان افلحوا بالقاء القبض على خمسة منهم سيأخذ مكانهم عشرة من المتعطشين الى جني المادة بالصورة السهلة قاتلين ضميرهم بالسجود للمادة بدل الأخلاق، و لكن احست بالشرف الكبير كونها ستساهم في هذا العمل النبيل من خلال ادارتها لوزارتها بالصورة الفعالة و المؤسسات التي تقع تحت أمرها كوزير، كان شعورها ازاء هذا الانجاز اشبه بنيل وسام شرف معنوى من الله و صوت ضميرها و كان يدفعها الى المزيد من العطاء و المثابرة و التصميم،
نظرت الى ورقة من الاوراق أمامها و قرأتها بتمعن، أخذت رشفة من فنجان القهوة التركية امامها ثم وقعت عليها و أغلقت الملف، فتح الباب عليها محمد الشاعر نائبها فنهضت نرجس مبتسمة و سلمت عليه قائلة "اهلا بك، ما هي الاخبار عندك؟"
ابتسم الشاب الانيق الذي كان يرتدي بذلة سوداء و ربطة عنق خمرية و قميص ابيض و سلم عليها ثم جلس شارحا "انا اسف لدخولي عليك بهذه العفوية و لكن..." فجأة تبدلت ملامح وجهه السمراء المبتسمة و ذَبُلَتْ السعادة التي كانت تشع من عينيه العسلية و قال "هنالك سلسلة من الحوادث التي حدثة...صحيح انه كان يجب اخبارك بها منذ الامس لكن..."
فاجابت بنبرة هادئة "تكلم فقد اثرت فضولي...لن اكون قاسية عليك إن كان هنالك خطئ...اطمئن"
"اعلم هذا فتعاملك العادل و اللطيف من ميزات ادارتك، ترددي هو بالحقيقة خوف من الذي رأيته، وصلتني شارة من الشرطة عن اعمال عنف كانت تدور في المتحف المصري العام في الامس و كان الشك بجماعات متعصبة وراء المشكلة، فذهبت لأجد رجال الامن متواجدين بقوة في هذا المكان و لكن...و لكن بعد ربع ساعة من وصولي تبدل الهدوء الذي كان يخيم على المتحف، فكانت المفاجئة، حدثت زلزلة قوية و كأنها اصوات هدد قوية ثم خرجت من باطن الارض خمس مومياوات يحملن حراب و قاموا برميها داخل المتحف محطمين زجاجه، فسمعنا بعدها بكاء متوحش و خرج كائن غريب...لا اعلم بماذا اصفه سوى أنه مزيج مقرف من انسان و حيوان...كان متألم من الخمس حراب المغروسة بجسده، و عندما حاول اخراجها انقذت عليه المومياوات و ضربته بسيوفها، فضرب الارض بقدمه و سقط بحفرة آخذاً معه المومياوات،"
نهضت ليلى و الغضب يسيطر عليها و صرخت به موبخة "هل انت سكران!!! اياك و الاستهزاء بي!!!"
اهتز جسده من غضبها فنهض مفسرا بوقار"ارجوك صدقيني فالكائن قتل جندي بالمعركة واذا تكلمت مع مدير عام الشرطة سيعطيكي نفس هذه التفصيل،" 
جلست نرجس و علامات الصدمة مرسومة على وجهها، فجلس معها نائبها و أكمل "هذا ليس كل شيئ فشهود العيان افادوا بمشادة كلامية بين مديرة المتحف و الكائن بلغة غريبة شاط غيذا على اثرها و قتل نائب مدير المتحف، و اجلب اخبارا اضافية غير سارة،" بحث محمد عن علامات في وجه ليلى تشير الى بداية هدوء ثورانها و لكن استمرة برمقه بنظرات قاسية و رغم هذا اكمل حديثه و بحذر،
"من جملت الادلة التى أخذتها الجنائية من موقع الحادثة دماء الكائن الزرقاء التي سالت من طعنات الحراب، فأخذت للتحليل و لكن يبدو انها تسببت بمرض احد موظفي المختبرات و نقل على اثرها الى القصر العيني و لكن يبدو ان شهود العيان افادو ان سيارة الاسعاف حصلت لها حادثة، و افادوا ان كان على متن طاقمها وحوش على شكل أدمية امتصت دماء سائق السيارة..."
"انت أكيد مجنون!!! من المأكد انك شاهدت في الامس فلم من الافلام الاجنبية التافهة و سببت لك صدمة!!! أم انك تتعاطى شيئا؟! سأطلب الشؤون القانونية و سأحولك الى التحقيق!!!" امسكت سماعة الهاف و باشرة بطلب رقم فنهاها محمد الشاعر و قال آخذا جهاز التحكم عن بعد عن طاولة طقم الكنب في مكتبها مغيرا قناة التلفاز الى محطة 24/7 Egypt "انظري و استمعي معاليكي الى القصر العيني"
كانت القناة تبث صور لحطام حوادث سير مرعبة في القصر العيني و تحت الصور بخط عريض "اكلي لحوم بشر يقتحمون سيارة اسعاف و يبطشون بطاقمها،" و كانت صوت و صورة لمذيعة واقفة بقرب المستشفى تكرر تفاصيل مشابهة للتفاصيل الذي تكلم بها محمد و سيارات الشرطة و صافراتها مع ناقلات الجنود و بعض من المجنزرات تملا المكان، كان القصر العيني اشبه بثكنة عسكرية مغلقة و كان محاط بشيك حديد مكهرب يلف كامل جوانبه، ثم فجأة بدأت المحطة ببث شهادة شهود من الموقع فظهر شاب مذعور يبكي و يصرخ على رصيف الشارع مقابل المستشفى "آكاد لا اصدق عيناي، رأيته و هو يسحب السائق من كرسيه، و سمعت السائق يصرخ متألما فمزق جسده و سحبه تاركا ورائه ارجله معلقة بالحطام!!! رأيت ارجل السائق من خارج السيارة و نوافير الدماء تسيل منها!!!" انهار الشاب و ابتدأ بالبكاء و رفع يده في وجه الكاميرا، ظهرت مقابلة أخرى مع شاب يصرخ بهلع و يقول "رأيته من بعد يرفع الشرطي و يرميه على سيارة الشرطة كانه يرمي بكرة قدم الى بالعيد!!!"
فسألت المذيعة "ما شكل هؤلأ الوحوش؟"
"كانوا بأبشع تكوين فاجسادهم مليئة بالشعر الحيواني و اوجههم بشرية، و سحبوا فريستهم بعد ذلك و اتجهوا الى داخل المستشفى!!!"
كانت الصدمة شديدة على نرجس فجلست على مكتبها لبرهة من الزمان ريثما استوعبت مجريات الامور و اصوات الاخبار في شارع قصر العيني تصدح بمكتبها، عميلة سرية تأكلها الاسود و من ثمة آكلي لحوم بشر يهاجمون بشر؟ ماذا يحصل للعالم في هذه الايام؟ نظرت الى التلفاز مرة آخرى فكان ينقل صور حصرية تمكن شاب مصور من التقاطها لسيارة الاسعاف و بثت صور حطامها و غرفة المعالجة التي كانت ملطخة بالدماء البشرية، و فجأة ركزت الكاميرة على دماء زرقاء على الارض حول السيارة،
"و فيلم الرعب هذا من انتاج اية مجموعة سينمائية؟ النيل للانتاج ام دراما مصرية جروب؟" صرخت بأعلى صوتها "انا اكاد لا اصدق!!!" ضربت المكتب بيديها من الغضب و صرخت "انا منذ برهة اوشكت على معالجة مشكلة ضخمة فتاتيني مشكلة اكبر منها!!!"
"كلنا مصدومين و المشكلة الكبرى اننا لا نعلم مع ماذا نتعامل،"
"اريد اجتماعا مع قيادة السرطة و الجيش فورا، اريد تقيما لما يحدث!!! اريد لحدوثة الرعب المصرية هذه ان تنتهي اليوم و هذه الشياطين ان تباد اليوم، اتفهمني يا محمد؟! واين هذه مدير المتحف، اتحققون معها؟!"
"بالتعاون مع طبيب نفسي قكانت لا تذكر شيئ من شدة الصدمة؟"
"اهنالك وقت لنعالج الناس من الصدمات؟! ما هذا الهراء؟! "
"انها ابنة بولص باشا السلحدار؟"
نظرة ليلى بتفاجأ الى محمد "من؟"
"بولس باشا السلحدار، والدها،"
"اعرفهم جيدا! ولكن هذا امن دولة و لا افرق بعملي بين ابنة باشا او ابن غفير،"
"انا اعلم ولكن ملف والدها الحافل تشفع عندي لأصدقها فكانت تصرخ و تقول انها لا تتذكر اي شيئ عن حديثها مع الكائن الشيطاني حسب رواية الشهود،"
دخل عليها رفعت و قال مستأذنا "هنالك جنرال متقاعد باسم رؤوف الدرملي يريد مقابلة السيد محمد الشاعر،"
رفعت نرجس يداها في الهواء و قالت "الاجانب يقولون تكلم عن الشيطان و ها هو يأتي اليك،"
رسمت اشارة الصليب على وجهها و قالت بغضب"حسبي الله و نعم الوكيل، هل هنالك موعد مسبق معه يا محمد؟"
"نعم فاتصلت به لاتحرى عن بعض الامور التي أخبرني اياها مدير الامن بخصوص التحقيقات، انا آسف و لكن كانت تجب المواجهة،"
نظرت الى رفعت و أمرت "اريد هذه المواجهة ان تحدث في مكتبي، قل له ان يتفضل هنا،"
فعاد رفعت الى مكتبه ليدخل الجنرال الى الغرفة، فاقترب من مكتب نرجس بكل ثقة و سلم عليها قائلا "السلام عليكم يا معالي الوزيرة" فردة سلامه بفتور، فسلم على محمد ثم جلس سائلا "يبدو ان معالي الوزيرة في مزاج سيئ ام قد اكون انا السبب؟"
فرمقته بطرف عينيها و سألت "وصلتني رسالتك يا جنرال"
فردَ بثقة "ممتاز و الجيد اننا نحن الثلاثة هنا لكي يبقى اتفاقنا داخل جدران هذه الغرفة...هل ستغضون الطرف عن شحناتي ام ماذا؟"
أجاب محمد بغضب "هل جننت يا هذا؟!"
"هل مليون دولار لكل واحد منكم يكفي ام اذا احببتم...لا ضرر من زيادة المبلغ قليلا،"
اجابة نرجس بإستياء "يا سلام و بكل وقاحة تعترف بجرمك امامي و بغير حياء و ضمير رادع، الا يؤنبك ضميرك على المساكين التي تدمرهم سمومك يا حقير!"
اتكأ على الكرسي و وضع رجل فوق رجل بكل هدوء و قال كانه يناقش حالة الطقس مع صديق له "ما ضربت أحد على يده لكي يتعاطى فالكل امسك السم لاول مرة بإرادته، ثم و ما هو الغريب بالجرم الذي اقوم به، يا اسياد يا افاضل هنالك جرائم قانونية و جرائم غير قانونية فالجرائم تملأ مجتمعاتنا، يعني هنالك جرائم محمية بالقانون و جرائم بلا حماية، يعني مثلا اصحاب الشركات التي يكسبوا من وراءها ملايين و يتركون موظفينهم يعيشون على رواتب شهرية زهيدة كي يحافظوا على ارباحهم، فاين قوانينكم من ردعهم؟ فهل هذا حلال و تجارتي حرام فما الفرق بين قتل السعادة و اذلال البشر و قتل الجسد، إنها جميعها جرائم قتل،"
أجابت بنفس نبرة الإستياء "انت انسان مريض و وضعك بالسجن او حتى بمصح عقلي حلال، القانون ليس من واجبه ان يربي البشر و لا ان يربي الضمير بالبشر بل هو سلسلة من التشريعات لحفظ النظام في المجتمع و حمايته من ذوي العقل المريض و من الذين يأذون البشر بغير ضمير امثالك، و من حكم بماله ما ظلم فالمستثمر المحترم يكرم موظفينه و البخيل يخسر الموظفين ذوي الكفأئة من شركته، فلسفتك سافلة ناقصة و النيابة ستنظر بامر شحنات السم التي تجلبها،"
فقال محمد بغضب "ثم ان ارتكاب الآخر للجريمة لا يعطيك الحق بارتكاب الجرم إلا اذا كانت هذه النوايا المنحلة موجودة اصلا في داخلك، الضمير الانساني الحي هو الذي شرع القوانين و سنها لتنظيم حياته اليومية للخير و لإفادة عامة الناس،"
أجابت نرجس بغضب "لا تتعب نفسك يا محمد للحديث معه،" حركت يدها للتدوس على زر الطوارئ الامنية على مكتبها لينهض الجنرال و يصرخ محذرا "لا انصحك بهذا الفعل يا نرجس!!!"
صرخت بوجهه "معالي الوزيرة و لا تزيل التكلفة بينك و بيني يا سافل!!!"
أجاب بنبرة غاضبة "لن اوجه القاب احترام لأي قحبة!" 
فصرخ به أحمد "سـتاخذ جزائك على هذه الاهانة و أنا سأتكفل بهذا شخصيا يا قاتل يا مجرم يا حيوان،"
قال بنبرة حديدية غاضبة "الناس الذي امثلهم ذوي نفوذ و لن يسمحوا لك بهذا، ثم انني ان لم أخرج من هنا سالما جميع الاسرار العسكرية للجيش و الاسرار العسكرية الاستراتيجية للدولة و التي جميعها بحوزتي ستصل الى اسرائيل خلال خمسة دقائق فهنالك مجموعة من الناس ان لم يلاقوني و انا أخرج من هنا خلال ربع ساعة سيتكفلون بهذا سريعا،"
نظر اليه محمد بإشمئزاز شديد، لم يكن يتوقع ان هذا الجنرال سيخوض هذه المقامرة معهم على الاطلاق فتوضح له انه عازم على اللعب مع الشياطين نفسها لكي يحمي مصالحه الشخصية، بل توضح له فجأة انه ربما يكون في مواجهة مع الشيطان نفسه، ففي هذه اللحظة و هو يسمع تهديد الجنرال كل شيئ كان يبدو له انه ممكن، فالشياطين المتوحشة منذ ساعات احتلوا القصر العيني و ها هوذا تلميذ لهم يحاول لوي ذراع اقوى وزيرة في مجلس وزراء مصر، 
نظرة اليه نرجس و الغضب يغلي بعينيها، بصقت بوجهه ثم قالت "آه يا سافل يا حقير، اتخون أمتك و بلدك للمال يا عديم الاخلاق!!!"
قال مستهزأ و هو يمسح اثار البصق عن وجهه "حاربنا بنكسة 67 و مرة ثانية في حرب 73 و رأيت الموت خلال الحروب و الويلات الاف المرات، شاهدت مئات الشبان تموت خلال المعارك الطاحنة فما كانت النتيجة و ما كانت الإفادة سوى راتب تقاعد آخر الخدمة و بعض الميداليات للذكرى،"
صرخ احمد بوجه الوزيرة من شدة الغضب من كلام الجنرال"هيا اضغطي على الزرار! ماذا تنتظري! او انا سأجلب الامن،" ذهب الى الباب و قتحه قائلا لرفعت "اطلب الامن فورا" ثم عاد الى الجنرال و قال "ستذهب من هنا الى السجن،"
ارتعد الممر المؤدي الى مكتب الوزيرة خلال بضع ثواني باصوات خطاوات نعل العسكر، ثم دخلوا الي المكتب اربعة عناصر امنية مع مرافقها الخاص مدججين بالسلاح، فاحاطوا الوزيرة و قال مرافقها سائلا "ما المشكلة" 
آمرت نرجس "خذو هذا الكلب و تأكدوا انه غادر مبنى الوزارة من غير ان يصيبه أحد بأي مكروه،"
*****

CONVERSATION

0 comments: