قال المتنبي في قصيدته (( الحمَّى )) :
وزائرتي كأنَّ بها حياءً فليسَ تزورُ إلا في الظلام ِ
بذلتُ لها المطارفَ والحشايا فعافتها ، وباتتْ في عظامي
أبنتَ الدهر ِعندي كلُّ بنت ٍ فكيفَ أتيتِ أنتِ منَ الزّحام ِ
جرحتِ مُجرَّحا ًلمْ يبقَ منهُ مكانٌ للسيوف ِولا السهام ِ.
وزائرتي تزورُ بلا حياء ٍ أتتني في النهار ِوفي الظلام ِ
حرارتها ُتؤجِّجُ كلَّ شلو ٍ منَ الأشلاء ِتنفذ ُمن مسامي
كأنَّ لها معي ثأرا ً قديما ً فزجَّتْ كلَّ وحش ٍ لانتقامي
وآلامٌ على جسدي ترامتْ وأوجاعٌ لتفتكُ في عظامي
أتعشقني وتنعمُ في فراشي فيا أسفي على أخت ِالغرام ِ
ُأرجِّيها لترحلَ دونَ جدوى فلا قولي يفيدُ ولا كلامي
أيا أختَ الغرام ِأنا حلالٌ فهَّلا تستحينَ منَ الحرام ِ
لترميني بأسهمَ من صداع ٍ وكمْ من رميةٍ من غير ِرامي !
وأسألُ كيفما انسَّلتْ وَرَدِّي كمَا ينسلُّ بالليل ِالحرامي
وغَّلتْ بالضلوع ِوبالحنايا وزادتْ بانحلالي وانقسامي
َلكمْ حَصَّنتُ أجنحتي بشعري فلي جنحان ِمن ريش ِالحمام ِ
أتدخلُ دونَ إذن ٍأو قبولٍ ولا تهتمُّ في معنى احترامي ؟!.
لتتركني على أرق ٍووخز ٍ إذا مانمتُ أوهزُ في منامي
ُتجرِّعني كؤوسَ المرِّ حتى غدوتُ وإنْ شربتُ الماءَ ظامي
وزائرتي بلا ذوق ٍوحسٍّ أتهزأ ُمن دوائي وانتظامي ؟!.
وفي نفسي صدودٌ عن طعام ٍ وتسخرُ من صدودي عنْ طعامي
وإني ما اقترفتُ اليومَ ذنبا ً ولا أمس ِاقترفتُ فما اتهامي ؟؟
وعندي غيرُ أوجاعي هموم ٌ فقدتُ المخلصين َمنَ الكرام ِ
متى ضاقتْ بيَ الدنيا وساءتْ فكلُّ الأرض ِما عادتْ مقامي
سلوا قلبي الجريح َبما يعاني َأمنْ طعن ِالسيوف ِأم السهام ِ
وجرحٌ نازفٌ ولهُ علاجٌ لأهونُ من جراحات ِالأنام ِ
ُتحِّطمُ ما تبقَّى من حطامي تبعثرُ ما تماسكَ من ركامي
تكالبت ِالشرورُعليَّ حتى رمتني ثمَّ أعلنتُ انهزامي
فما نفعي بأرض ٍعاش فيها غريبٌ ليسَ ينعمُ بالسلام ِ.
مفيد نبزو – شاعر سوري -
0 comments:
إرسال تعليق