إصدار العدد الأوَّل من مجلّة السَّلام في ستوكهولم/ صبري يوسف

صدر العدد الأوَّل من مجلة السَّلام الَّتي يحرِّرها الأديب التَّشكيلي السُّوري صبري يوسف في ستوكهولم، وقد شارك في المجلة 56 كاتب وكاتبة، وشاعر وشاعرة، وباحث وناقد وفنَّان تشكيلي. زيَّنَت غلاف المجلّة لوحة الفنّان الفلسطيني د. جمال بدوان، الَّتي حملت عنوان: "تسامح الأديان"، وهي أكبر لوحة زيتيّة في العالم 20 × 15 متر مربّع،  وقد جاء في كلمة المحرِّر ما يلي:

"فكرة السَّلام راودتني طويلاً، تبرعمَت في مخيَّلتي منذ زمنٍ بعيد، إلى أن هيمنَت على كامل كياني، وغدت جزءاً من وجودي على وجه الدُّنيا. تجذبني إلى رحابها الفسيحة، مثلما تجذبني الينابيع العذبة وصفاء السَّماء. السَّلام شعاري الأزلي في الحياة! ولهذا تؤرِّقني وحشيّة البشر في تعاملهم مع بعضهم بعضاً، وتؤلمني كثيراً الحروب الَّتي تنشب بين البشر، تهدِّدُ صفاء الصَّباح وهدوء اللَّيل، مندهشٌ ممَّا أراه من دمار، كيف يغوصُ الإنسان مع بني جنسه في حروب مدمِّرة ومجنونة؟! يفترس بعض البشر بعضهم بعضاً، كأنّهم من فصائل الوحوش الضَّارية، أرى أحياناً كثيرة أنَّ الإنسان يحمل بين تجاعيد مخّه بلادات الحمير من حيث سماكات المخّ والمخيخ، من حيث الآثار المخيفة الَّتي يتركها وراءه ولا يرمش له جفن! 

عجباً أرى! كيف يتركُ الإنسانُ كل هذا الجَّمال والحبّ والفرح والوئام والحكمة والعقل وراءه في مهبِّ النَّار، ويركّز على سفكِ الدِّماء، ناسياً أنَّ كلّ رحلته في الحياة تنتهي عند مساحةِ مترٍ إلى مترين من الأرض، مع قليلٍ من القماشِ والخشب؟! نحنُ ضيوفٌ عابرون على وجه الدُّنيا، نحن مجرّد ضيوف لا أكثر. يتشبّث الإنسان في ترَّهات الحياة كأنّه سيبقى على وجه الدُّنيا إلى الأبد، مع أنّه يرى يوميّاً آلاف البشر يتوارَون في عتمةِ القبورِ، ولا يتَّعظُ، لأنّه يزداد جنوحاً نحوَ الحماقات، وليس نحوَ حكمةِ الحياة!  

لماذا، فكّرّتُ بتأسيس مجلّة السَّلام؟!                                                                  
قرَّرت في بداية عام 2013، تأسيس مجلّة السَّلام، ردَّاً على استفحال جنون الكثيرين من حمقى هذا الزَّمان، ردَّاً على تدهور أخلاقيَّات قرون من الزَّمان، ردَّاً على إعوجاجات سياسات هذا الزَّمان، وردَّاً على انزلاق رؤى الكثيرين من البشر نحو هاويات الجَّحيم!                                                 
مجلّة السَّلام، هي وردتي المعبّقة بأريج الحياة، هي الهواء النَّقي المتدفِّق من أعماق تطلُّعات المبدعين الجَّانحين نحوَ أبهى إخضرار الحياة، حيث أنَّني بعد تحليلاتٍ عميقة وقراءاتٍ مستفيضة للواقع المزري الَّذي يمرُّ به الكون من دمارٍ واضحٍ للعيان لأبسط أبجديَّاتِ السَّلام بينَ البشر في الكثير من أرجاء العالم، فكَّرتُ بإصدارِ دوريّة سنويّة أدبيّة ثقافيّة فكريّة فنّيّة مستقلّة، بعنوان: "مجلَّة السَّلام". لتأسيس وترويج ثقافة السَّلام، بكلِّ ما تعني هذه الكلمة من معنى إنساني عميق، بعيداً عن لغةِ السِّياسات الممجوجة الَّتي طرحها بعض مُخلخلي أجنحة السَّلام على وجه الدُّنيا.                                                  
تُعنى المجلَّة بالنُّصوص الأدبيّة والفكريّة والنَّقد والفنون التَّشكيليّة وغيرها من الفنون المتمحورة حول السَّلام والوئام بين البشر في جميع أنحاء العالم، على أن تكون النُّصوص الشِّعرية والقصص والمقالات والحوارات والدِّراسات النَّقدية والتَّحليليّة واللَّوحات المساهمة تصبُّ في جوهر تطلُّعات آفاق السَّلام.        
تعتذر المجلّة عن نشر أيّة مادّة تثير الحساسيات والصِّراعات بين الأديان والمذاهب والقوميات والاثنيات، لأنّها تعتبر هذه الصِّراعات الدَّمويّة المذهبيّة والدِّينيّة والقوميّة والسِّياسيّة هي ضربُ من جنون توجُّهات بعض سياسات هذا الزّمان، وخروج تام عن حيثيات أبجديات السّلام والوئام بين البشر، كما لا تستقبل أيّة مادّة تسيء إلى شخصٍ ما أو جهةٍ ما، لأنَّ المجلّة منبر فسيح للسلام الإنساني الخلاق وليست منبراً للقدح والذَّم بالبشر، بل ترحِّب بالمواد الَّتي تدعو للحوار والسَّلام الخلاق بعيداً عن لغة العنف والعنف المضاد، لأنَّ لغة العنف والعنف المضاد أوصلَتْ بنا إلى بوّابات الجَّحيم! ونحن بصدد تسليط الضَّوء على لغة السَّلام والوئام بين البشر إبداعيّاً، لعلّنا نستطيع أن نروِّج ثقافة السَّلام والحوار والمسامحة بين البشر، وفي هذا السِّياق ترحِّبُ المجلّة بدراسة وتحليل أسباب العنف ومعالجته ومعالجة العنف المضاد عبر الحوار، بعيداً عن لغة البغض والكراهيّة والانتقام والحرب وهدرِ الدِّماء!                             
المجلَّة مستقلة وغير مرتبطة فكريَّاً أو سياسيَّاً أو ثقافيّاً بأيَّة جهةٍ رسميّة أو غير رسميَّة في الشَّرق أو في الغرب، ولا تقبل الهبات والتَّبرُّعات المشروطة من أيَّةِ جهةٍ شرقيّة أو غربيّة، وترحِّب بأيِّ دعمٍ مادّي أو معنوي موائم لتوجُّهات برنامج المجلّة المرتكز على السَّلام بين البشر كلَّ البشر، دون الانحياز إلى طرفٍ ضدَّ الآخر، بل الانحياز إلى الحقِّ والعدالة والمساواة بين البشر، لعلَّنا نستطيع عبر هذا المنبر أن نحقِّقَ إنسانيّةَ الإنسانِ على وجهِ الأرضِ!                                                     
المجلّة سنويّة، وتصدرُ في كانون الأوَّل (ديسمبر) من كلِّ عام، كحصادٍ لغلالِ عامٍ من كتابات مبدعي ومبدعاتِ نصوصٍ ولوحاتٍ عن حيثيَّاتِ السَّلام من كافّةِ أنحاءِ العالم، واستقبالاً لعامٍ جديدٍ ينحو أكثر فأكثر نحوَ السَّلامِ والوئامِ بين البشر في كلِّ أرجاءِ المعمورة!".                                                                                                                            
شارك في باب الشِّعر كل من الشُّعراء والشَّاعرات بالقصائد التَّالية: الطُّفولة/ الأب يوسف سعيد، العراق- السُّويد، ضرير يبحث عن هاتف: صلاح فائق / العراق – الفلبِّين، خرجتُ من الحربِ سهواً وقصائد أخرى / عدنان الصائغ، العراق – لندن، سُلالتي الرِّيح وعنواني المطر: موسى حوامدة / فلسطين – الأردن، عمان، كُؤُوسِي مَلِيئةٌ فِي حَانَةِ فَرَاغِهَا: د. محمَّد حلمي الرِّيشة / فلسطين، لدينا حلم: نصر سامي/ تونس، يَا جَوْرَبَ الحُزْنِ اتَّسِع: منى الرَّزقي/ تونس، أراكَ، والحرب: عاشور الطُّويبي / ليبيا  يحملني شراعكَ إلى برِّ الإشتياق: فوزيّة أيوعلالن / الجزائر، أدمنته: فاطمة الزّهراء بنّيس / المغرب، أحجارٌ صلبة كالغرائز: نجيب مبارك / المغرب، ثماني قصائد: عبدالحق بن رحمون / المغرب، أطفالٌ في حضرة آلهةٍ غائبين: عبد العزيز حــزيزي / اليمن، نتآلف كما الألوان: قيصر عفيف / لبنان – المكسيك، الأطفال والسَّلام: إسحق قومي/ سورية – ألمانيا، أكوامارين: سوزان ابراهيم / سورية، ثلاثيّة البحر: قمر صبري الجَّاسم / سورية، هطولُ المطر وقصائد أخرى: وعد جرجس / سورية – ألمانيا، الحَوَارِيّون وقصائد أخرى: فاطِمَـة ناعـُوت / مصر، عوجُ الحياة: الشَّاعرة هبة عبدالوهاب / مصر، نحن النَّادرون في الأرض: هدى حسين / مصر، نصوص برائحة الحبِّ وقصائد أخرى: زهير بهنام بردى / العراق، احتضاراتٌ: فائزة سلطان / العراق – أميريكا، أمشي وحدي تحتَ المطر وقصائد أخرى: أمل ماركوس / العراق – السويد، كتاب الجُّنون: شاكر مجيد سيفو / العراق، الأرضُ والسَّماءُ: أحمد محمَّد رمضان / العراق، نحنُ الوطن: علي مولود الطَّالبي / العراق، ملح البحر: سامويس / العراق، لوحة من وحي العشق وقصائد أخرى: كابي سارة / سورية – السُّويد، مقاطع من الجزء الخامس من أنشودة الحياة، نص مفتوح، حمل عنواناً فرعياً، السَّلام أعمق من البحار: صبري يوسف / سورية – السُّويد.
وفي باب القصّة شارك القاصّ الأردني مهنَّد العزب بمجموعة قصص قصيرة جدّاً، حملت العناوين التَّالية: آفاق، توق، تواصل، تأمُّل، تراسل، وشارك بعض القاصّين بالقصص التَّالية: مسافر بلا حذاء وقصص أخرى: محمّد مباركي / المغرب، ذاكرة خرساء: مريم بن بخثة / المغرب، على شرف كواباتا: محمَّد أنوار محمَّد / المغرب، فتى القمامة: أمير بولص ابراهيم / العراق، حبّات السُّكَّر الحمراء: كابي سارة / سورية – السُّويد، مأساة أم معجونة بالسَّلام: فريد توما مراد / سورية – السُّويد، وللزهورِ طقوسُها أيضاً!: صبري يوسف / سورية – السُّويد. 
وفي باب المقال شارك مجموعة من الكتّاب والكاتبات بالمقالات التَّالية: رؤية، الشِّعْرُ لِحِوَار بينَ الحَضَارَاتِ: د. محمدّ حلمي الرِّيشة / فلسطين، السَّلام أوَّل اللُّغات وآخر اللُّغات: صبري يوسف / سورية – السُّويد، البحث عن الضَّوء وسط العتمة: نور يونان / سورية – السُّويد، الحوار والانفتاح والتَّسامح، ومقالات أخرى: العيَّاشي السَّربوت/ المغرب، السَّلام تراتيل عِشقٍ أبدي: اسحق قومي / سورية – ألمانيا. 
وفي باب الحوار أجرى محرِّر المجلّة، ثلاثة حوارات: مع فنّان تشكيلي وشاعرة وشاعر،  حملت العناوين التَّالية: "الفنَّان التَّشكيلي نزار صابور مشبّع بتقنياتٍ وتوهّجاتٍ لونيّة خلَّاقة"، "الشَّاعرة فاطمة ناعوت تلتقطُ تجلِّياتها الشِّعريّة على اِيقاعِ هدوءِ اللَّيلِ الجَّميل"، "الشَّاعر قاسم حدّاد يستنبتُ نصّه من رحيقِ الحياة".

وفي باب الدِّراسات، قدّم بعض الكتّاب والنُّقّاد الدِّراسات النَّقديّة والتَّحليليّة التّالية: ريشة البدوان .. ومخيّلة الفنَّان .. وتسامح الأديان: سامح عودة / فلسطين، رحلة في قصائد مجموعة: "عظمة أخرى لكلب القبيلة"، هشام القيسي / العراق، اغتصاب الطُّفولة: د. مصطفى سلوي / المغرب، بين سرديّة الخطاب الواقعي ودلالات المرموز: د. بهنام العطاالله / العراق، أراجيح في مدائن الحلم: سامي البدري / العراق.

وفي باب الفنّ التَّشكيلي، شارك 13 فنَّاناً وفنّانة من عدّة دول من العالم، بلوحات تشكيليّة رائعة، تترجم مشاعرهم وتوقهم العميق للسلام والحياة الكريمة بطريقتهم الإبداعيّة الرّاقية، وقدّم المحرِّر الفنّانين والفنّانات قبل عرض لوحاتهم، حيث شارك في هذا الملف الإبداعي كلّ من: د. نزار صابور / سورية،  صدرالدِّين أمين / العراق – أميريكا، كابي سارة / سورية – السُّويد، د. جمال بدوان / فلسطين – أوكرانيا، سامويس / العراق – السُّويد، جان استيفو / سورية، ناصر خانة / العراق، رنا حلمي الخميسي / العراق – بريطانيا، هدى حسين / مصر، آليرو ديلكادو فاونتيلبا / تشيلي – السُّويد، إيلينا مورينو / الأرجنتين – السُّويد، آنيت كلينكه / السُّويد، وإختتم المحرر صبري يوسف / سورية – السُّويد، المجلّة بمجموعة لوحات تدعو إلى الحبِّ والفرح والسَّلام بين البشر كلّ البشر!

CONVERSATION

0 comments: