سنة 2013 رحلت فأيقظوا قلوبكم/ بشرى شاكر

هذه السنة مرت بالنسبة لي مثل لحظات البرق الخاطفة تلمع بقوة ولكنها تختفي بسرعة ويبقى صداها عالقا بأذاننا... يتردد بكل تجاربه وبكل آهاته وآلامه وأفراحه ومسراته... بكل صوره وتجلياته...

هذه السنة التي أتتنا سريعة لترحل بأسرع من مقدمها، حملت لي آلاما وجراحا كأي شخص يشق طريقه وسط أنواع وأشكال مختلفة من البشر وتركت بقلبي غصة اكبر على عالمنا العربي والإسلامي وأنا كل يوم ارقب ما يحدث في دولنا العربية واراها تتقهقر يوما عن يوم،،، ولكن كما أحزان السنة يتسلل الفرح ليلون حياتنا بالأمل فكانت سنة كرمت فيها أكثر من مرة، وكانت سنة قمت فيها بتدريبات وتكوينات جديدة... وكانت سنة سافرت وجلت فيها واستفدت من ذلك كثيرا... فالسفر علمني من هو صديقي فعلا ومن ينافقني لغرض في نفسه... تعلمت منه أن الثقة العمياء في الآخر أمر غير صحي مطلقا وانه ما دمنا نعيش في هذه الدنيا فلنقدم حسن الظن ولكن فلنتوخى الحذر فليس كل من تمد له يدك مصافحا يمدها لك بالخير فبعضهم يغيرها سيفا يريد به شقك بغضا وحقدا وحسدا ومع ذلك فهذه السنة أيضا كبر تسامحي، حتى وإن زمجرت أحيانا يخفت صوتي واكتم أنيني وأقول الله يسامح... نعم السفر والرحلات علمتني أشياء كثيرة واكتشفت فيها أشياء جديدة أيضا وهنا يحضرني قول الدكتور المؤرخ المغربي الكبير الذي أكن له كل التقدير عبد الهادي التازي إبان أول حوار لي معه حينما قال : "متى وجد الشاب وسيلة إلى التنقل فعل، إلى معرفة الآخر فليقم بذلك، أنا أعتبر أن الإسلام عندما فرض على معتنقيه، في نهاية الأركان فرض عليهم أن يحجوا، كان يقول لهم بالفصيح من القول، ارحلوا سافروا تنقلوا تعرفوا على الآخر، لا تنغلقوا على أنفسكم... واذكر قول المسعودي في كتابه مروج الذهب: "ليس من لزم وطنه كمن وزع أيامه على قطع الأقطار والأمصار"

استطعت في هذه السنة أن اقترب من محنة الآخرين أكثر، بل أن أكون وسط هذه المحن لأحاول مد يدي بما اقدر عليه لأنني تيقنت أكثر من أي وقت مضى أننا في هذه الدنيا نمر عابرين ولن نقطنها آبدين مهما طال العمر... كما تعلمت أيضا انه لا المرض ولا الوهن يقرران نهاية العمر وانه بالأمل يمكننا أن نستمتع بالحياة أكثر وان نفيد غيرنا أكثر وحينما نرى الابتسامة في عيون الآخر ونكون جزء في سببها حينها نعرف حلاوة أن ننتمي للإنسانية...

هذه السنة أيضا نشرت كتابي الثالث بدولة الكويت ومازلت ابحث عن وقت لترجمته كما ترجمت كتب غيري...

هذه السنة أيضا جربت أن انظم عرسا أنا التي لا تحب حضور الأعراس... ولأول كنت من بين من نظموا عرس أختي الغالية وقد كان الأمر صعبا ومتعبا ولكن كل ذلك انقلب فرحا وأنا أرى الفرحة في عيون أختي...

اعترف أني رغم اهتمامي بأختي فقد قصرت في حق أهلي وأبي وحتى أمي رحمها الله التي لم اجلس عند قبرها كثيرا كما كنت افعل... فقد أخذني العمل وأرهقني لدرجة نسيت فيها أن لنفسي ولأهلي علي حق، بل نسيت أن انظر صباحا لوجهي في المرأة وكأني خلقت لأعمل فقط وكأني لم أدرك بعد أن الحياة تتسلل من بين يدي... هذه السنة فهمت انه تلزمني وقفة مع الذات وطرح علامات استفهام كثيرة علي أن أجد لها إجابات عاجلة...

كل منا له ذكرياته في سنة أسرعت في الرحيل ولكنها كانت مليئة بالأحداث... ولكل أصدقائي وصديقاتي بل لكل البشرية أتمنى سنة سعيدة مليئة بالأفراح والمسرات وأتمنى أكثر الاستقرار والأمن لدولنا العربية وأتمنى أن نستعمل قلوبنا وأرواحنا أكثر في تعاملنا مع الآخر عوض غرائزنا ورغباتنا... حينما نترك فسحة العمل لقلوبنا وأرواحنا حينها سيقوى إيماننا أكثر وسنسعى للخير أكثر ونبتعد عن أذية بعضنا البعض... فالإيمان حب... وبالحب نستطيع تتمة المسير...

وفي هذا السياق أهديكم كلمات كتبتها في مقدمة كتابي الأول وأقول لكم كل سنة وانتم بألف خير

الحب إيمان بقضية تجمعنا، وبدم يوحدنا، وبشمل يلمنا فلا الفرقة تقتلنا ولا الدنيا تبدلنا…

الحب نعمة إذا ما وجدت وبدونها الديار خربت…

بدونها يتمكن الحقد من القلوب فتكثر الحروب وتتقاتل الشعوب…

الحب روح، إذا ما ذهبت تغدو القصور وكأنها سجون ويموت البريق في العيون وتخرس الأصوات ويحل السكون وتنتهي الأفراح و تعم الشجون…

كل عام وانتم بألف خير 

CONVERSATION

0 comments: